اليوم العالمي للمرأة : بين الأضواء والواقع…
من حق المرأة أن تخرج للشارع لتطالب بحقوقها، بالمساواة والعدل وتكافؤ الفرص، بأن تكون عضوا منتجا وفاعلا ومحترما في المجتمع الي جانب الرجل دون تمييز أو انتقائية أو استغلال ! ودون نظرة دونية وذكورية لاقصائها لمجرد أنها بنت او امرأة، وقد اثبتت المرأة جدارتها وقدراتها اذا ما قارننا حضورها بعقود مضت، نجدها طالبة وأستاذة في المدارس والجامعات وقاضية ومحامية في المحاكم وامرأة اعمال في التجارة ووزيرة ورئيسة في الدولة وكاتبة وروائية أدبيا وأما وزوجة في البيت والأمثلة كثيرة في اغلب المجالات حيث اثبتت انها قوية وذكية ونافذة وحنون ومربية وقادرة ومتمكنة وصبورة الي أبعد المستويات، بل وأثبثت بعض الدراسات أن المرأة أكثر مسؤولية من الرجل !
هل يوم واحد يكفي ؟
بالطبع لا، سيتطلب الأمر أياما وسنين، وتغييرا في العقلية التي تمثل الإطار الثقافي للمجتمع، الذي يقبل وجود المرأة في مجالات معينة من عدمه، بما فيه المرأة نفسها، والأهم جهدا مستمرا وجدارة وتأهيلا للتقدم خطوات وأميالا الي الامام. التحفظ الذي أحمل هو أن المرأة المغربية لا تحتاج بعض الأصوات النشاز والدخيلة التي تتاجر بقضية المرأة للوصول الي أهداف شخصية والنيل من البنت والمرأة المغربية المحافظة والمقتنعة بالقيم المغربية والمدافعة عنها، وكذا النيل من المجتمع المغربي لان المرأة تمثل أساسه وقاعدته. تحاول هذه الجهات رفع شعار التحرر وحرية البنت في ان تفعل ما شاأت ، ومنه حرية الأمهات العازبات وحرية التدين والاعتقاد وان المرأة لا تحتاج الرجل، مقحمين بذلك قضية المرأة في زوايا مظلمة لا تناسب البنت والمرأة المغربيتين. دون أن ننسي الساسة المتطفلين علي المرأة الذين خرجوا يوم 8 مارس، ركوبا علي الموجة كالعادة تطبيلا لحملة انتخابية خاسرة مسبقا، لأنهم وكعادتهم يعشقون استغلال المواقف وتمرير شعاراتهم الجوفاء وتصريحاتهم الكاذبة لتحقيق مكتسبات سياسية وللوصول الي الكرسي الزائل، مستعدون هم لفعل اي شئ ولركوب قصار الأمواج. وما مطالبة خالد لشكر بمساواة المرأة بالرجل في الإرث علينا ببعيد !!! المغاربة أغلبهم مسلمون ومتفقون ان للذكر مثل حظ الإثنيين كما يقول القرآن. وإن أردت ان تساوي بين أبنائك في الإرث فافعل… لن يمنعك أحد، طالما أن المال ليس مال الشعب !
تحدي الواقع :
التحدي الحقيقي للبنت والمرأة المغربية هو تحدي كل المغاربة، البنون والبنات، النساء والرجال، لا نزال نعاني في مجتمعنا من فقر وبطالة، ومن تجاوزات حقوقية لا تستثني من الجنس هذا أو ذاك، لا زال الفساد يوظف المرأة والرجل للوصول الي أهدافه ويحرم المرأة والرجل من ان ينعما بحقوق نزعت منهم لأن تكافؤ الفرص ينتزعه الأقوياء والأكثر نفوذا وسلطة ! لا زالت الأمية عاضة بشراسة في مجتمعنا حارمة الأولاد والبنات والنساء والرجال المغاربة من حق التعليم وفرصة مستقبل أفضل ! لا زالت الصحة شبه مرافق فارغة عاجزة عن تقديم العلاج للمرأة والرجل المغربيين. لا زال الشباب المغربي يفتقر الي دور الشباب التي يستحق او فضاأت للشاب التي تحتويه وتؤطره وتكتشف مواهبه، حيث نادي الرياضة والمكتبة ونادي كمبيوتر وجزأ من وسائل الترفيه، وعلماء اجتماع يتفاعلون مع تحديات شبابنا وآمالهم لأنهم جيل الغد وقادة المستقبل. لا زالت البنت المغربية تعاني عدم القدرة عل الزواج وكذا الشاب المغربي، في مجتمع تأخر فيه سن الزواج، بل وتهاوت قيمة الزواج ! في مجتمع أصبح الجنس فيه غاية بين دعارة القاصرات والبنات في الاعداديات والثانويات والجامعات وقبول وهم “المصاحبة” كحل بديل ربما ينتهي بالزواج، في حين ان اغلب هذه الحالات تنتهي بالفشل لان “المعقول” يستوجب ان تصون البنت نفسها وكذا الشاب، وبين شباب آثروا ان لا ينجرفوا في تيار موجة ما يعرف ب ” الحرية الجنسية” وهو ضياع خلقي وكذب عل النفس، وحصنوا أنفسهم انتظارا ليوم يتمكنون فيه من الزواج وتكوين عائلة…. لا زال المغاربة ضحية إعلام هزيل وباهت، وتلفزة في خبر كان، المواد الاعلامية لا تعكس هوية المغرب، بل تعكس هوية مكسيكية ولبنانية وتركية، وكليبات تخدش حيا المغاربة وهيمنة خارجية عل إعلامنا الغائب وصدق من قال: اذا أردت ان تتعرف عل هوية مجتمع فانظر الي إعلامه، وهذا المثل لا ينطبق علينا لان الاتجاه غير الاتجاه !
شعلة العدل والمساواة تحملها يد المرأة والرجل معا، لأن التوازن الحقوقي والمواطناتي لا يتحقق الا بالمرأة والرجل، ومادة المواطنة: المرأة والرجل، بعضهما يكمل الآخر، اتحادهما كفيل بتحقيق إنجازات وانتزاع حقوق، وإبداع مفاهيم جديدة، لن يستطيع جنس واحد من الظفر بها لان طريق الحقوق والعدل طريق ذو اتجاهين لا يتحقق الا باتحاد المرأة والرجل وقطعهما المسافات ومشقة السفر نحو حاضر ومستقبل مشرفين للمجتمع المغربي وهما جنبا الي جنب.
لا يكتمل التوازن إلا بالمرأة والرجل.
فهد بن محمد ربوب