سلط محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الضوء على عدد من المشاكل التي تعتري جهاز القضاء بالبلاد، قائلا إن “اكتظاظ المحاكم بالقضايا قد تجاوز الإمكانيات البشرية المتاحة للجسم القضائي”.وأفاد عبد النباوي، خلال افتتاح الجلسة الرسمية المخصصة لافتتاح السنة القضائية الجديدة 2022، بأن “89 في المائة من القضايا التي تروج أمام محاكم أول درجة (4.126.520 قضية من 4.611.361)”، لافتا إلى أن “محكمة النقض لم تسلم بدورها من هذه الأزمة، حيث راج أمام غرفها خلال سنة 2021 ما مجموعه 90.948 قضية؛ وهو ما يمثل 2 في المائة من القضايا الرائجة بالمحاكم”.وأضاف الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن “قضاة المحكمة قد استطاعوا خلال هذه السنة إصدار حوالي 45.304 قرارات، بمعدل يناهز 300 قرار لكل مستشار؛ وهو رقم غير مسبوق. كما أنه يمثل 92.61 في المائة من المسجل الذي بلغ 48.919 قضية، فإن المحكمة قد استأنفت أشغالها في مطلع السنة الجارية (2022)، وفي سجلاتها 45.644 ملفا مخلفا عن السنوات السابقة”.وذكر عبد النباوي أن الأمر ينذر بصعوبتين اثنتين خلال السنة وفي المستقبل؛ الأولى “تتجلى في تفاقم أجل البت، حيث إن ازدياد القضايا يؤدي إلى تأخر البت فيها أكثر من المعتاد، بطبيعَة الحال”. أما الصعوبة الأشد “فتتمثل في كون الضغط العددي للملفات، قد يؤثر على جودة القرارات” حسب قوله.وقال المسؤول القضائي ذاته إن محاكم المملكة تمكنت، خلال السنة الماضية، من إصدار أحكام في 3.858.046 قضية مختلفة، أي بنسبة 100.02 في المائة من عدد القضايا الجديدة المسجلة خلال سنة 2021، وهو 3.857.389 قضية.ولفت عبد النباوي إلى أنه عند نهاية السنة ذاتها كانت هناك 753.315 قضية قد ظلت تروج بجلسات، وهي تمثل 16 في المائة من مجموع الملفات الرائجة خلال السنة والذي بلغ 4.611.236 قضية.وأكد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن “هذا العدد من الملفات الرائجة غير مسبوق من قبل، وَيُنِيخُ بِكَلكَلِهِ على المؤسسات القضائية؛ لأن نصيب كل واحد من القضاة المكلفين بالأحكام منه يلامس 1800 ملف في السنة، وهو رقم ضخم بطبيعة الحال”.وذكر المتحدث أن “القضاة رفعوا عدد الأحكام التي أصدروها بـ44.40 في المائة عما أنتجوه سنة 2020، واستطاعوا بفَعاليتهم أن يواجهوا تحديات تضخم القضايا المسجلة سنة 2021 والتي ارتفع عددها عن السنة السابقة بـ38 في المائة.وذكر عبد النباوي أن “دَوْر القضاء لا يكمن فقط في الحكم في القضايا داخل أجل معقول؛ ولكن بالأساس في إصدار أحكام عادلة، تُعطَى لدراستها العنايةُ اللازمة، وهو ما يقتضي تحديد عدد القضايا بالنسبة لكل قاض في الحد الأدنى المناسب لقدرات القضاة، وتوفير الوقت اللازم لهم لدراسة القضايا والوثائق دراسة جيدة قبل إصدار الأحكام. وهي مهمة تتَأثر بطبيعة الحال بكثرة عدد القضايا التي يبت فيها القاضي، بحيث قد تجعل تحقيق الإنجاز الكمي شغله الشاغل بدل التركيز على المقتضيات الموضوعية والقانونية”.وتحدث المسؤول القضائي عن التحديات التي تطرحها كورونا، مفيدا بأن محاكم المملكة عقدت خلال السنة الفارطة 19.700 جلسة عن بُعد، أدرجت بها أكثر من 425.000 قضية، مثل فيها معتقلون أمام المحاكم عن بُعد، لأكثر من 494.760 مرة. وقد مكنت هذه الإجراءات من إصدار أحكام في 145.581 قضية، أي في 34 في المائة من القضايا المدرجة عن بعد.وعلق قائلا: “وبطبيعة الحال، فإنه لولا تقنيات المناظرة عن بعد، التي وفرتها الوزارة المكلفة بالعدل. ولولا تعاون المندوبية العامة لإدارة السجون، وهيئات الدفاع، لتعذر إصدار أحكام في هذه القضايا. وهو ما كان سيمثل ضررا كبيرا للنظام القضائي، ولا سيما للمعتقلين أنفسِهم، الذين تمكنت أعداد كبيرة منهم من معانقة الحرية بعد نهاية الجلسات المشار إليها”.عن هيسبريس