يكتبها : تيم مولاني
إن أول مشروع قانون يوقعه رئيس جديد يكون بمثابة رسالة. بالنسبة لبيل كلينتون، كان الأمر يتعلق بقانون الإجازة العائلية الذي عارضه جورج دبليو بوش. أما بخصوص باراك أوباما، فكانت مبادرته الأولى هي قانون لِيلِي لِيدْبِيتر ((Lilly Ledbetter لعدالة الأجور، الذي ألغى قراراً للمحكمة العليا كان يفرض مهلة زمنية مصطنعة بقضايا التمييز في مكان العمل.
بالنسبة لجو بايدن، الذي سيخلف كما هو مرجح، رئيساً يشكّل تهديداً يومياً للديمقراطية نفسها، يجب أن يكون هذا التشريع على شكل قانون حماية الديمقراطية لعام 2021.
ولحد الآن، لا وجود في الواقع لمشروع قانون كهذا، لكنه من شأنه أن يجمع مختلف الأفكار التي يدرسها الديمقراطيون، حتى وإن لم يروِّجوا لها علناً خلال الحملة. وإذا أخذناها مجتمعة، فإنها ستجعل الحكومة تعكس بشكل أفضل التشبث المتزايد للديمقراطيين بدعم الناخبين، وتوسيع الحريات الأساسية في التصويت ومحاسبة المسؤولين، وإصلاح الضرر الذي أحدثته إدارة ترمب والمحكمة العليا (والمحاكم الأدنى درجة) المليئة بانتهاكات الجمهوريين والحوادث التي تسبب فيها المجمع الانتخابي.
ويمكن للقانون (الجديد) أن يحقق كل هذا من دون القيام بتعديل الدستور لإلغاء المجمع الانتخابي أو، كما طالب مزيد من الراديكاليين، إلغاء مجلس الشيوخ الأميركي. وبالإمكان المصادقة على هذا المشروع الجديد من خلال تصويت واحد، مباشرة مع بداية أشغال الكونغرس الجديد، حتى قبل تنصيب الرئيس.
إذن، كيف ينبغي أن يكون قانون حماية الديمقراطية؟
أولاً، يجب حماية عملية التصويت من خلال إلغاء قرار المحكمة العليا في قضية شيلبي كاونتي ضد هولدر (Shelby County v. Holder). وكانت المحكمة (العليا) قد ألغت في هذه القضية بنداً من قانون حقوق التصويت كان يُلزم الولايات بالحصول على تصريح من وزارة العدل قبل الإقدام على تغيير قوانين الانتخاب للحد من التصويت. وللتذكير فإن مجلس النواب كان قد أقر عام 2019، مشروع قانون انتخابي، كأول تصويت في جدول أعماله. لقد كان بإمكان هذا القانون (لولا قرار المحكمة العليا إلغاء ذلك البند) تسهيل عملية تسجيل الناخبين، وجعل تمويل الحملات أكثر شفافية، والحد من قدرة الولايات على تطهير قوائم الانتخاب، وإلزام المرشحين الرئاسيين بالكشف عن إقراراتهم الضريبية. وبما أن الحق في التصويت هو أساس جميع الحقوق الأخرى، يجب أن يتخذ (مجدداً) مجلس النواب المبادرة نفسها، خصوصاً مع (احتمال) وجود مجلس شيوخ ديمقراطي ورئيس ديمقراطي جاهزين لدعمه هذه المرة.
ثانياً، ينبغي لقانون حماية الديمقراطية فتح المجال أمام مقاطعة كولومبيا (العاصمة واشنطن) كي تصبح ولاية رقم 51 في الاتحاد – ويجب على الجهات الراعية للقانون النظر في جعل بْوِيرْتُو رِيكُو ولاية هي الأخرى.
لقد قيل الكثير حول ما آل إليه الدستور (الأميركي) عن طريق الصدفة، بعد مرور أكثر من 200 عام، حيث يميل إلى تفضيل فصيل أصغر يتمتع بسلطة كبيرة في الولايات الصغيرة تحديداً. وبما أن أهم الأطروحات الفيدرالية (التي كانت تاريخياً تطالب بوضع دستور لحماية الحريات) تتحدث عن ضرورة السيطرة على الفصائل الصغيرة المتعصبة، فإنه من المنصف القول إنه لم يكن في نية الفيدراليين آنذاك التنبؤ بواقع اليوم، والمتمثل في تحكم ولايتيْ مونتانا وداكوتا في الاتحاد. على سبيل المثال، تتمتع ولاية وايومنغ (البالغ عدد سكانها حوالى 573 ألفاً) بتأثير في مجلس الشيوخ يفوق 70 مرة تأثير ولاية كاليفورنيا (البالغ عدد سكانها 39 مليون ونصف المليون نسمة)، وثلاث مرات أكثر (من كاليفورنيا) في المجمع الانتخابي. وهذا أمر سخيف.
وتتمثل الفصائل المتعصبة الصغيرة اليوم في عناصر الجناح اليميني، سواء كانوا مجرمين حقيقيين يخططون لخطف حكام، أو كانواً ظاهرياً أقل جنوناً وهم لا يزالون إلى جانب دونالد ترمب، حيث أن نتيجة تعصبهم في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري تؤدي إلى انتخاب عشرات من أعضاء الكونغرس مثل لوي غومرت وجيم جوردن، بينما يدفعون المزيد من الجمهوريين العقلاء إلى تلبية مطالب ما يسمى بالقاعدة.
يكمن الحل، من دون إقرار تعديلات دستورية، في قبول المزيد من الولايات، بما في ذلك الولايات الصغيرة التي تميل الآن إلى الديمقراطيين. وتمثل مقاطعة كولومبيا المرشح الأبرز، وهي التي تنادي على مدى عقود بمنحها صفة الولاية، حيث يتجاوز عدد المقيمين فيها سكّان ولاية وايومنغ أو فيرمونت، وتتمتع بدخل أعلى من أي ولاية أخرى. والأقل وضوحاً بعض الشيء هي قضية بويرتو ريكو – التي تضم نسبة من الأميركيين تفوق ستة أضعاف سكان ولاية وايومنغ، لكنها ليست عضوة في الولايات المتحدة القارية، ولا يدفع سكانها حالياً ضرائب الإيرادات الأميركية، ويُعتبر دخل الأسرة فيها أقل بكثير حتى من ولاية ميسيسيبي.
ثالثًا، يجب على قانون حماية الديمقراطية توسيع المحكمة العليا.
دعنا لا نتصرف بطريقة ساذجة في هذا الشأن. لقد خطط الجمهوريون على مدى جيل كامل لتكديس المحكمة، عبر وسائل قانونية (من خلال استقطاب محامين واعدين منذ سنوات الدراسة في كلية الحقوق) وخارج نطاق القانون (عن طريق رفض مجلس الشيوخ حتى التصويت على ميريك غارلاند، مرشحة باراك أوباما للمحكمة العليا في عام 2016). لقد حاولوا أيضاً ملء إحدى عشرة محكمة عليا مختلفة (بمُؤيديهم) على مستوى الولايات في السنوات الأخيرة، وفقاً لدراسة أجراها أستاذ بكلية ديوك للقانون، كما رفضوا النظر في أكثر من مئة من ترشيحات أوباما في المحاكم الأدنى. علاوة على ذلك، يأتي الجمهوريون بأيدٍ غير نظيفة للاحتجاج على انتهاك إجراءات مجلس الشيوخ.
ولقد عيّنوا ستة قضاة، إذا افترضنا تأكيد تعيين القاضية إيمي كوني باريت، على الرغم من خسارة التصويت الشعبي في سبع من آخر ثماني ولايات (لصالح بايدن). هذا في حال لم نشهد عودةً غير محتملة من قبل ترمب في الأسبوعين المقبلين.
وتجدر الإشارة إلى أنه لم يفز أي رئيس جمهوري بالتصويت الشعبي في ولايته الرئاسية الأولى منذ عام 1988. ويعود هذا إلى عامل الحظ – مثل ما حدث عندما توفيت القاضية روث بادر غينسبيرغ – لكن مع ذلك فإن معظم التعيينات قام بها رؤساء رفضهم الشعب واختارهم المجمع الانتخابي.
إلى جانب ذلك، يمكن اعتبار توسيع هيئة المحكمة العليا إلى 13 عضواً بمثابة أمر تافه موجه ضد التقاليد، ولا شيء على الإطلاق ضد الديمقراطية. على سبيل المثال، تضم محكمة الاستئناف بالدائرة التاسعة 29 قاضياً مفوضاً.
وما دمنا منشغلين بالأمر، ينبغي تعديل القانون لجعل مجلس الشيوخ يصوت على الترشيحات في فترة زمنية معقولة. وبغض النظر عما يقال عن ترشيح غارلاند، إلا أن ذلك لم يكن ديمقراطياً.
لكن لكي يتسنى لمجلس الشيوخ الجديد، ذي الغالبية الديمقراطية، القيام بكل ذلك، يجب عليه التخلص من المماطلة السياسية. وكما ردد الجمهوريون على مدى أربع سنوات، تنطوي الانتخابات على عواقب. ولعل الانتقال إلى تبني وجهة نظر تؤمن بحكم الغالبية في ما هو ممكن بموجب الدستور، سيزيد من شعور الديمقراطيين بقوتهم.
لا ينبغي على الديمقراطيين أن يخشوا من أن تكون الانتخابات المقبلة شبيهة بالهزيمة الساحقة التي تعرضوا لها في عام 2010، الأمر الذي قد يجعل تصرفهم الحاد من قبيل قِصر النظر. فكل ما يتعين على الحزب القيام به هو الدفاع عن 12 مقعداً في مجلس الشيوخ (إضافة إلى مقاعد في أريزونا وجورجيا إذا فاز الديمقراطيون في انتخابات خاصة الشهر المقبل)، مع (المنافسة على) ستة أهداف جمهورية من الأهمية بمكان، أبرزها في بنسلفانيا ونورث كارولينا حيث سيتقاعد شاغلو المناصب. في حين، سوف يدافع الديمقراطيون عن مقاعد آمنة في هاواي وإلينوي وكاليفورنيا ومريلاند ونيويورك.
وفي حال الفوز في هذه الانتخابات، من المرجح أن يحتفظ الديمقراطيون بالسلطة لمدة ست سنوات أو أكثر، وينبغي عليهم أن يستخدموها من دون اعتذار.
عن إنديباندت عربية