العمل عن بعد في ظل جائحة كورونا

المعلومة القانونية

*الطالبة الباحثة: أسماء العمارتي

جامعة محمد الخامس – الرباط

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- أكدال

ماستر العلوم القانونية (تخصص قانون الأعمال)

Ad image

مقدمة:

لا يختلف اثنان على أن العمل هو مجهود حركي إرادي وواعي يقوم به الفرد، وذلك لإنتاج هدف معين قد يكون لمصلحة الفرد نفسه أو لمصلحة المجتمع، كما أن لكل شخص قدرات وطاقات خاصة هي التي تحدد طبيعة العمل الذي سيقوم به، هذا ويحظى العمل بمكانة مهمة في حياة العامل تتمثل أساسا في تحقيق الذات، إذ يصبح الأجير قادرا على اختيار طبيعة عمله ومواجهة المجتمع بأغلب تحدياته من جهة، وقادرا على تحقيق الدخل المادي الذي يحتاجه لتسديد مختلف متطلباته ومتطلبات أفراد أسرته من جهة أخرى[1].

ونظرا لأهمية العمل فقد احتل مطلب الحق في الشغل مكانة بارزة في النضالات العمالية للقرن 19، ارتقى على إثرها إلى مصاف الحقوق الدستورية، بل تجاوزها إلى مستوى الحق الدولي مع صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وقد ظهر على الخصوص كرد فعل للضمير الجماعي ضد ظاهرة البطالة التي تفاقمت في فترة الثورة الصناعية.

كما ارتبط حق الشغل بكرامة الإنسان، حيث ان إقصاء مواطن ما عن سوق الشغل هو دائما بمثابة مس بكرامته كشخص غير قادر على الإنتاج والمساهمة في تطوير مجتمعه[2].

وهكذا نصت جل الدساتير على الحق في الشغل، كمثال الدستور الفرنسي الذي نص على أن  » كل واحد من واجبه أن يشتغل ومن حقه الحصول على الشغل « ، كما نص الدستور المغربي لسنة 2011 في الفصل (31) منه على أنه  » تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة من الحق في: الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي.. .[3]«

وإذا كان عقد الشغل يعرف على أنه “هو ذلك العقد الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين-وهو الأجير- بأن يشتغل في خدمة المتعاقد الآخر-المشغل- وتحت إدارته وإشرافه ومراقبته، نظير أجر يتعهد بع المتعاقد الأخر”[4]،  فإنه مع التطورات العديدة التي شهدتها جل المجتمعات من ثورة صناعية ثم ثورة معلوماتية بديلة عن الأولى، مما أدى الى تيسير السبل نحو ظهور خدمات جديدة وأساليب عمل جديدة أيضا.

ويبقى عالم الشغل والأعمال أحد المجالات الأساسية التي امتدت إليها ارهاصات الثورة المعلوماتية، ذلك أن ظهور تكنولوجيا الإعلام والاتصال، والولوج إلى الأنترنيت فائق السرعة، تزامنا مع ازدياد ضغوط التشغيل والمنافسة في ظل عولمة الاقتصاد، عجل بحدوث تغيرات عميقة على مستوى أنماط الإنتاج والتسويق والخدمات وكذا التشغيل[5].

مما أدى إلى ظهور أسلوب جديد للعمل متمثل في العمل عن بعد، هذا الأخير الذي يشكل مظهرا من مظاهر التأثير العميق للتكنولوجيا الحديثة للاتصال والإعلام على قطاع التشغيل، كما أنه يعد أحد المفاهيم الحديثة التي برزت نتيجة لإفرازات الثورة المعلوماتية وتأثيرها المباشر على عالم الشغل، كما يعكس التغيير الذي طرأ على مضمون العمل وشكله وطرق تنفيذه على ضوء الطفرة التكنولوجية الكبرى التي ميزت قطاع الاعلام والاتصال[6].

وبالرجوع إلى القانون 65.99 المتعلق بمدونة الشغل يتبين لنا أن المشرع المغربي لم يشر إلى مفهوم الشغل عن بعد، بحيث لا يوجد أي نص تنظيمي أو قانوني يشير إلى أسلوب الشغل عن بعد.

ويعد إطار الاتفاق الأوروبي المؤرخ في 16 يوليو 2002 أول من تطرق إلى مفهوم العمل عن بعد وتنظيمه القانوني على مستوى الاتحاد الأوروبي إذ عرف العمل عن بعد بأنه” أسلوب تنظيم أو تنفيذ الشغل أو كليهما وذلك باستعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة للإعلام والاتصال في إطار عقد الشغل وفي إطار العمل”. إذن فالعمل عن بعد هو الشغل الذي يبتعد فيه مكان المقاولة عن مكان تنفيذ الأجير للعمل من خلال الوسائل الحديثة للإعلام والاتصال[7].

ويعرف العمل عن بعد بالعمل الذي يستلزم أن يؤدى في مكان ما بعيد عن المكتب سواء كانت طبيعة العمل دوام كلي أو دوام جزئي أو في أيام معينة، والاتصال عادة يكون إلكترونيا بدلا من الانتقال إليه شخصيا، ويعد أيضا وسيلة للعمل باستخدام المعلومات والاتصالات بحيث يتم أداء العمل بعيدا عن المقر الرئيسي كالعمل من المنزل. فيما يعتبر العامل عن بعد هو الشخص الذي يعمل في وظيفة لجهة معينة أو منظمة معينة حيث الرابط بينهما هو الانترنيت[8].

ويتميز العمل عن بعد حسب الأستاذ Théry Breton بثلاثة خصائص أساسية:

*البعد الذي يفرق بين مكان تواجد المقاولة المشغلة ومكان تنفيذ العمل؛

*استحالة المراقبة المادية المباشرة لنشاط الأجير من قبل المشغل؛

*استعمال وسائل الاتصال الحديثة في انجاز العمل؛

وعيه فإن العالم اليوم أصبح أمام تحدي جديد وجد خطير يتمثل في اكتساح جائحة فيروس كورونا المستجد أو ما يسمى (COVID 19)[9] كوكب الأرض بأسره، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية بتاريخ 30 يناير 2020 أن أعداد الإصابات شكلت حالة طوارئ صحية عامة تثير القلق الدولي ودعت إلى اتخاد تدابير الطوارئ الناتجة على اضطرابات كبيرة انعكست على التجارة الدولية وحركة التموين والإمداد والتوزيع وأثرت على دينامية الأعمال والتشغيل وعلى المعاملات الدولية والوطنية البشرية والتجارية…

وهو ما دفع الحكومة المغربية إلى اتخاد العديد من الإجراءات الاحترازية لحماية مواطنيها من هذا الوباء الفتاك، حيث اتخذت قرار إغلاق الحرور البرية والجوية والبحرية لتفادي دخول الفيروس إلى التراب الوطني، وإلغاء التجمعات والتظاهرات الرياضية والثقافية والفنية، وتعليق الجلسات بمختلف المحاكم، والإغلاق المؤقت للمساجد، وصولا إلى فرض الحجر الصحي للمواطنين وعزل المصابين ومنع التنقل إلا برخص استثنائية تصدرها السلطات في محاولة لوقف انتشار هذا الفيروس الجديد، كما حاولت الحكومة تجاوز القصور التشريعي في مجال إقرار حالة الطوارئ الصحية ومواجهة تداعياتها من الناحية الأمنية والاقتصادية فتدخلت بإصدار عدة نصوص قانونية[10].

وفي ظل هذا الوضع نجد من بين أهم المجالات التي تأثرت بهذه الجائحة، خاصة في ظل تدبير التباعد الجسدي كوسيلة للحد من انتشار هذا الفيروس، تنفيذ عقد الشغل، الذي كان دائما ينفذ في مقر المقاولة وتحت إشراف رب العمل ومراقبته.

وبهدف التخفيف من الآثار الاقتصادية للجائحة، ومواصلة العجلة الاقتصادية لسيرها والشركات لنشاطها وتجنب المزيد من الخسائر، ثم اللجوء إلى تقنية العمل عن بُعد من أجل استمرارية الإنتاج، وخاصة في القطاعات التي يمكن أن يتم فيها استعمال هذه التقنية (العمل عن بُعد) كوسيلة للحد من انتشار الفيروس وحماية صحة العمال[11].

وعليه سنركز في هذا المقال الموجز على ابراز بعض الإشكاليات التي يطرحها العمل عن بعد، تحديدا في ظل الوضعية الراهنة المتمثلة في تفشي فيروس كورونا المستجد ( كوفيد-19) في المغرب، وما تثيره من تساؤلات من قبيل خصوصية العمل عن بعد وضرورة اللجوء إليه كوسيلة من وسائل الوقاية من تفشي فيروس كورونا خاصة داخل التجمعات العمالية في الأماكن التقليدية للعمل( المؤسسة -المقاولة..)، وما يتفرع عن هذا الوضع الجديد(العمل عن بعد)  من إشكاليات حقيقة وتساؤلات قانونية تسيل مداد الباحثين وتدفعهم للكشف عن خباياها، خاصة على مستوى عنصر التبعية والرقابة عن بعد، ومدى الحرص على الوفاء بالالتزامات التعاقدية المتبادلة في ظل الوضع الجديد للعمل، بالإضافة إلى الآثار التي  يخلفها العمل عن بعد أثناء قيامه، ودون إغفال هاجس الكفاءة المهنية المتطلبة؟

بحيث سنتطرق لخصوصية العمل عن بعد ومآل التبعية العقدية والوفاء بالالتزام في المبحث الأول، فيما سنخصص المبحث الثاني للآثار الناتجة عن العمل عن بعد ورهان الكفاءة المهنية المتطلبة في ظل الجائحة.

 

المبحث الأول: خصوصية العمل عن بعد ومآل التبعية العقدية والوفاء بالالتزام

على إثر التطور الذي شهده عالم اليوم على مستوى الثورة المعلوماتية والتكنولوجية في وسائل الاتصال الحديثة، لم تجد ملايين المقاولات حول العالم أفضل من العمل عن بعد-من المنزل- وسيلة للمحافظة على مستقبلها وإنتاجية أجرائها في ظل ظروف الإغلاق القسرية التي فرضتها جائحة كورونا، وبينما لم يعد الاحتكاك المباشر بين الأجراء والزبائن والمشغلين مطلوبا أو ممكنا تجنبا للإصابة المحتملة بالفيروس القاتل، نجحت في ظل هذا الوضع برامج الشركات الداخلية الخاصة ووسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات ورسائل البريد الإليكترونية وغيرها من التقنيات في لعب الدور المنوط بها على أكمل وجه[12]، فأصبح بالإمكان تنفيذ العمل من خارج المقرات التقليدية له كالمكاتب او اوراش المعامل الانتاجية او المقاولة، باعتبار ان تحديد مكان العمل يعد من النقط الأساسية التي تتم الإشارة إليها في عقد العمل، ومن أمثلة الأعمال التي يمكن القيام بها عن بعد نجد: اعمال السكرتارية التي يمكن للأجير يتوفر على حاسوب وربطه بشبكة الأنترنيت ان يقوم  بتنظيم العمل لمشغله انطلاقا من منزله، وكذا أعمال الاستشارة والإشهار والتسويق التي تسير عن بعد. وبالتالي فكل عمل لا يحتاج الحضور الشخصي إلى مقر العمل، يمكن القيام به عن بُعد[13] في ظل الوضع الوبائي الحالي.

فالعمل عن بعد يعد شكل جديد من أشكال تنظيم العمل في ظل أوضاع استثنائية كالتي يعيشها العالم اليوم، بحيث أن العمل الذي كان يتم إنجازه من داخل اسوار المقاولات، اصبح الان يمكن مزاولته خارج مقرات هذه الأخيرة، وذلك باستعمال الوسائل التكنولوجية  الحديثة التي عرفها قطاع الاتصال والمعلوميات، وهو ما تبناه المشرع الفرنسي في مدونة الشغل الفرنسية في الفصل L1222-9[14]، وعلى عكس نظيره الفرنسي نجد أن المشرع المغربي لم يتطرق في مدونة الشغل لأي مقتضيات تنظم العمل عن بعد، وبالرغم من كون المادة 8 من مدونة الشغل تطرقت للعمل بالمنزل، إلا أن التعريف  المنصوص عليه في هذه المادة لا يمكن اعتماده للقول بتبني المشرع المغربي للعمل عن بعد.

وحتى يتم توفير ضمانات للأجير فإنه يتعين أن ينتج العمل عن بُعد، عن حوار أو اتفاق بين المشغل والأجير، أو نتيجة اتفاقية جماعية، مع ضرورة التنصيص على مجموعة من البيانات المتفق عليها من قبل، منها المهام التي يمكن مزاولتها عن بُعد، والحالات الموجبة للجوء إلى هذه الوسيلة الخاصة بمرحلة معينة، مع ضرورة تحديد التزامات الأجير وتبيان الوسائل الممنوحة له، ووسائل تمكين المشغل من مراقبة مدى قيام الأجير بالعمل المكلف به، في إطار سلطة الإشراف والتوجيه، الناتجة عن علاقة التبعية، مع تحديد توقيت إنجاز العمل[15].

لم يعرف القانون رقم 65.99 بمثابة مدونة الشغل عنصر التبعية، لكنه أشار إليها في المادة 6 من مدونة الشغل[16]، بتشخيصها في خضوع الأجير لإشراف وتوجيه ورقابة مشغل أو عدة مشغلين أو  خلال سريان مدة عقد الشغل، وقوى هذا القانون عنصر التبعية من خلال منح المشغل الحق في إصدار التعليمات والأوامر وكذا ممارسة السلطة التأديبية في حق الأجير أثناء تنفيذ الشغل أو بمناسبته، وقيدها بجزاءات في حالة الشطط في استعمالها من طرف المشغل، لكن هذه الرقابة والتبعية ستجد لها وضعا مختلفا في عقد الشغل عن بُعد، من حيث إمكانية التحقق وحدود تجلياتها خاصة في ظل الوضع الاستثنائي الحالي[17].

وعليه سنتناول في المطلب الأول مآل التبعية ومراقبة عمل الأجير عن بعد، فيما سنخصص المطلب الثاني للحديث عن الوفاء بالالتزامات التعاقدية في ظل جائحة كورونا وضرورة العمل عن بعد.

المطلب الأول: مآل التبعية ومراقبة عمل الأجير عن بعد 

فرضت أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد19) ضرورة البحث في وظيفية عقد الشغل عن بعد كنتاج للتطور التكنولوجي في مجال المعلوميات والاتصال بالنسبة إلى أطراف علاقة الشغل عن بعد، على مستوى تجويد الإنتاج وتخفيض تكاليفه وتسريع وثيرة العمل بمرونة وفعالية، وتمكين الأجراء عن بعد من حقوقهم و مكتسباتهم، ومنحهم هامش من الحرية في الشغل والاستقلالية في إنجازه بعيدا عن المراقبة المباشرة والميدانية للمشغل، وتحت المراقبة الافتراضية رغم ما تشكله هذه الأخيرة  من اختلال من حيث إمكانية التداخل بين الحياة المهنية والحياة الخاصة للأجير المشتغل في منزله أثناء تفعيل هذه المراقبة عن بعد من طرف المشغل بواسطة وسائل الاتصال والإعلام الحديثة[18].

ففي إطار العمل عن بعد فإن علاقة التبعية توجد خلال تنفيذ الشغل عن طريق وسائل التكنولوجيا الحديثة للإعلام والاتصال، وهذا يعني أن الأجير الذي يشتغل عن بعد ليس أقل خضوعا لمراقبة وتوجيه مشغله، وهذه المراقبة تكون مقرونة بتوقيع الجزاء كلما أخل الأجير بالتعليمات المطلوبة أو لم يقم بتنفيذ العمل المطلوب منه من طرف مشغله[19].

وعليه فقد عمل فيروس كورونا المستجد على رفع الستار عن تأثير الشغل عن بعد كنظام اجتماعي جديد في أهم ركن من أركان العلاقة الشغلية، والمتمثلة أساسا في ركن التبعية الذي كان يفرض التواجد الفعلي للمشغل والأجير معا لتيسير المراقبة والتتبع وتوجيه النصح إذ لا يلزم أداء العمل فعلا لقيام هذا العقد، بل يكفي تواجد الأجير في مكان العمل واستعداده للعمل حتى ولو لم ينجزه لسبب خارج عن إرادته كما إذا انقطع التيار الكهربائي أو تعطلت آلة المصنع[20] واما بغاية التأكد من القيام بالعمل شخصيا دون أن ينيب عنه غيره في أدائه، لأن شخصية الأجير وكفاءته هي التي دفعت المشغل إلى التعاقد معه[21]، حيث تلاشت التبعية التقليدية التي تتطلب المراقبة المباشرة للمشغل على أجرائه، وتلاشى معها التسلسل المهني داخل المقاولة، وعوض ذلك المراقبة والتنقل الافتراضي كبديل عن التنقل المادي للمقاولة أو مقر العمل. سواء في حالة العمل في محل يوجد فيه عدة أجراء مجتمعين ينتمون إلى نفس المؤسسة بعيدا عن المقاولة الأم، أو في حالة العمل في محل إقامة الأجير كليا أو جزئيا، بالإضافة إلى حالة العمل المتنقل عبر استعمال وسائط التواصل الاجتماعية الحديثة والهاتف والبريد الالكتروني والبث المباشر بالصوت والصورة وغيرها من وسائل العمل عن بعد، التي تجعل من عنصر التبعية قائم ومستمر في كل الظروف.

وباعتبار مفهوم عقد الشغل عن بعد قد طفا بشكل ملحوظ في تنظيم علاقات الشغل الفردية والجماعية، وانطلاقا من كونه عقدا أصبحت الحاجة إليه ملحة جدا في ظل هيمنة الثورة الرقمية والتكنولوجية على مجال المقاولة والإنتاج والخدمات، ونظرا لما يشكله هذا العقد من أهمية في الحياة القانونية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وخاصة في مجال العقود والالتزامات الناشئة عنه، الأمر الذي دفع أغلب دول المعمور في مثل هذا الوضع الاستثنائي نحو حول الاهتمام بمفهوم العمل عن بعد.

مما أصبح معه لزاما على المشرع الوطني تعديل القانون رقم 65.99 بمثابة مدونة الشغل الذي جاء في ظل تحولات دولية تميزت بالروح الاقتصادية والتكنولوجية في جوهرها و بالسلم الاجتماعي في مقاصدها، لكن النص الوطني استجاب آنذاك للعمق الاقتصادي بشكل كبير  وخضع للثورة الاقتصادية، مع إغفال واضح للتأطير القانوني لعقد الشغل عن بعد رغم مجيئ مدونة الشغل في خضم الثورة المعلوماتية والرقمية حينئذ، وهو اقتراح بات العمل به ضرورة ملحة تفرضها الظرفية، خاصة بعد أن اختبر فيروس كورونا تشريعنا الوضعي و مارس على الآدمية الحجر الجبري بعيدا عن المقاولات والأوراش والمصانع، لتجد فئة عريضة من الأجراء ذاتها  في عزلة تامة عن مقرات عملها، أو بدون عمل[22]، الوضع الذي يخلق خلل في السلم الاجتماعي ويساهم في تنامي البطالة والإجرام والفقر في البلاد.

المطلب الثاني: الوفاء بالالتزامات التعاقدية في ظل جائحة كورونا وضرورة العمل عن بعد

انطلاقا من أن واقعة انتشار وباء كورونا تتعلق بوباء عالمي استعصى على العلماء لحد الساعة إيجاد دواء او لقاح للوقاية منه، وبمعاينة الظروف المحيطة بانتشار هذه الجائحة، يمكن تكيفها على انها واقعة مادية لا يستطيع الانسان أن يتوقعها (الأجير/المشغل)، ويستحيل دفع الضرر الناشئ عنها، فضلا عن أنها حادث خارج عن إرادة الطرفين مما يجعلها في مرتبة القوة القاهرة، تجعل تنفيذ الالتزامات التعاقدية عموما، والالتزامات الشغلية على وجه الخصوص مستحيلة أو صعبة بناء على وضعية المقاولة وطبيعة النشاط الاقتصادي الذي تزاوله.

وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن أداء العمل يعتبر من أهم الالتزامات التي تقع على عاتق الأجراء، وهذا ما نص عليه الفصل 723 من قانون الالتزامات والعقود، واكدته بعد ذلك المادة 6 من مدونة الشغل[23]، وبالتالي لا يجوز للأجير التحلل من التزامه إلا إذا كانت هناك قوة قاهرة التي تحول بينه وبين تنفيذه، وبالتالي يشترط فيها ان يكون هذا الأجير غير متوقع لها ولم تكن في استطاعته دفعها، بحيث أن الفقرة 2 من الفصل 269 ق ل ع والذي جاء فيها ” لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين”، وباعتبار جائحة كورونا قوة قاهرة فهي تسبب توقف عقد شغل الأجير[24].

ففيروس كورونا قد وضعنا اليوم أمام وضع قانوني جدير بالدراسة والاهتمام، ويتعلق أساسا بمدى الالتزام بتنفيذ الالتزامات الناشئة عن العمل عن بعد بين طرفي عقده،  أو بين الدائن والمدين، وفي هذا السياق سنتناول مثالا لحالتين مخالفتين تماما بالرغم من انتمائهما إلى نفس القطاع، قطاع التربية والتكوين[25]، والذين انخرطوا في ممارسة مهامهم عن بعد استجابة لتوجيهات الوزارة الوصية بعد أن تحولت علاقاتهم المهنية من العمل المباشر في الفصول الدراسية إلى العمل عن بعد من داخل منازلهم؛ والأمر يتعلق بحالة أطر وأساتذة القطاع العام الذين يخضعون لنظام الوظيفة العمومية و نظام أطر الأكاديميات، حيث لن يطرح أي مشكل في شأن استمرار مناصب الشغل و أداء الأجور باستثناء الأعباء الإضافية التي تثقل كاهل هذه الأطر على مستوى أدوات التواصل عن بعد وتكاليف الأنترنيت وغيرها من مستلزمات العمل في هذه الظرفية، عكس الحالة الثانية  والتي تهمنا في هذا الاطار بشكل اكبر وهي المتعلقة بأطر التعليم والتكوين الخصوصي الذين وجدوا أنفسهم تحث رحمة مشغليهم الذين يربطون أداء الأجر  بأداء العمل، و سيتمسكون لا محالة بحالة القوة القاهرة تبعا للفصل 269 من ق.ل.ع[26] أو أمر القانون[27] الذي جاء عملا بمقتضيات الفصل 21 من الدستور المغربي لسنة 2011  وذلك في مواجهة مطالب الأجراء، بيد أن الأمر يكاد يتعلق بتوقف تنفيذ الالتزامات واستمرار علاقة الشغل بين الطرفين لسبب خارج عن إرادتهما معا إعمالا للمواد 32 و543 م.ش، التي ترجع التوقف المؤقت لأسباب قد تتصل بالأجير  بسبب المرض أو الإصابة المثبتة قانونا من طرف الطبيب، وقد ترتبط بالمشغل بسبب الإغلاق القانوني للمقاولة بصفة مؤقتة، ما دام أن شروط القوة القاهرة والحادث الفجائي متوفرة حيث أن وباء كورونا لا يستطيع أي من طرفي العقد توقعه، ولا بدل العناية لدفعه، ولم ينتج عن خطأ سابق لأحدهما، وفي هذا الصدد وتبعا للفصل 268 ق.ل.ع فلا محل لأي تعويض[28] ، ولا يكون الدائن في حالة مطل بسبب عدم قدرة المدين على أداء الالتزام طبقا للفصل 271 ق.ل.ع الذي ينص على أنه: “لا يكون الدائن في حالة مطل إذا كان المدين، في الوقت الذي يعرض فيه أداء الالتزام، غير قادر في الواقع على أدائه”.

بالإضافة لما سبق تنبغي الإشارة إلى أن مبدأ اختيارية توقيف عقد الشغل من قبل أحد  طرفي عقد العمل لم يعد قائما بعدما سلكت الدولة مبدأ الإجبارية في تطبيق الحجر الصحي وحظر التنقل والتجول وحظر التجمعات العمومية وإلغاء جميع التظاهرات واللقاءات الرياضية و الثقافية والدينية والعروض الفنية، وكل  تفعيلا للمنظومة الوطنية لليقظة والرصد الوبائي، وانتهاء بإغلاق المجال الجوي والحدود البرية[29]، وذلك حفاظا على صحة وسلامة الأجراء والمواطنين على حد سواء، مع الإبقاء على بعض الاستثناءات ذات الصلة بالخدمات والمناصب الشغل الضرورية لاستمرار الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وفي هذه الحالة فكل توقيف اختياري لتنفيذ الالتزام من طرف الأجير يعد بمثابة خطأ جسيم طبقا للمادة 39 م.ش، وكل فصل غير مبرر من قبل المشغل يعد فصلا تعسفيا[30].

كما أن صعوبة الوفاء بالالتزام امتدت إلى كل العلاقات التي تربط المؤسسات التعليمية الخصوصية بينها وبين الأغيار من أسر ووكالات التأمين والوكالات البنكية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والخواص..، بعد أن أوقف قانون الطوارئ توقيف إعمال الآجال التي تتكلم عليها الفقرة الأولى من المادة السادسة منه التي تعني كل الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية[31].

المبحث الثاني: الآثار الناتجة عن العمل عن بعد ورهان الكفاءة المهنية المتطلبة في ظل الجائحة

يمكن اللجوء إلى العمل عن بُعد، اما استجابة لمقتضيات المصلحة الخاصة للمقاولة في إطار سياسة المشغل التدبيرية، او كما هو الحال في حالة الكوارث الطبيعية التي يستحيل معها على الأجراء التنقل لمقر المقاولة، أوفي حالة جائحة ما كجائحة كوفيد-19، التي فرضت على أكبر الاقتصاديات في العالم إيقاف الأنشطة الاقتصادية ونشاطات التصنيع، ويعتبر العمل عن بعد في هذه الحالة من جهة وسيلة للحد من انتشار الوباء، ومن جهة تانية وسيلة للحد من الانعكاسات الاقتصادية على المقاولات وعدم شل الحركة الاقتصادية.

اما من الناحية القانونية فيمكن أن تكون جائحة كورونا كسبب مباشر أو غير مباشر في إنهاء العلاقة الشغلية بين الأجير والمشغل، وفي هذا الإطار سنحاول التمييز بعجالة بين عقد الشغل المحدد المدة والغير المحدد المدة، ففي ما يخص عقد الشغل غير المحدد المدة، إذا أصيب الأجير بفيروس كورونا مثلا فإنه مبدئيا يتوقف عقد الشغل ولا ينتهي، غير أنه في حالة تجاوز مدة التوقف[32] 180 يوما فإن الأجير بصفة تلقائية يعتبر مستقيلا من العمل، وبالتالي تنتهي العلاقة الشغلية، أما فيما يخص عقد الشغل المحدد المدة فإن الفقرة الثانية من المادة 33 من م.ش نصت على أنه” يستوجب قيام أحد الطرفين بإنهاء عقد الشغل المحدد المدة، قبل حلول أجله، تعويض الطرف الآخر، مالم يكن الإنهاء مبرا، بصدور خطأ جسيم عن الطرف الآخر، أو ناشئا عن قوة قاهرة”، وباستقرائنا لمقتضيات هذه المادة يتبين لنا أنه يمكن أن يكون هناك إنهاء مبرر لعقد الشغل المحدد المدة وبدون أي تعويض في حالة صدور خطأ جسيم من طرف الأجير أو إذا كان ناشئا عن قوة قاهرة، وقد أسلفنا الذكر أن جائحة كورونا تعتبر بمثابة قوة قاهرة يمكن التمسك بها على هذا الأساس[33].

إلا أننا سنتطرق في المطلب الأول لإنهاء الشغل عن بعد، والى أي حد يمكن اعتبار ما يقع للأجير من ضرر أثناء تنفيذ مقتضياته بمثابة حادثة شغل في المطلب الثاني.

المطلب الأول: انهاء الشغل عن بُعد

بداية تجدر الإشارة إلى توضيح نقطة مهمة وهي أننا نقصد هنا إنهاء اللجوء إلى إمكانية تكليف الأجير بإنجاز العمل المسند له عن بُعد، أما إنهاء عقد الشغل فقت نظمته المقتضيات القانونية المنصوص عليها في مدونة الشغل التي أشرنا لها أعلاه، فإذا كان الأصل أنه في إطار حرية الإرادة، يمكن إنهاء العمل عن بعد، إما من قبل المشغل أو الأجير، وتعبير كل واحد منهما عن رغبته في وضع حد لهذه الإمكانية، كما يمكن للأجير الذي تضرر من العمل عن بعد أو لم تعد الظروف تساعده على القيام بالتزاماته على الوجه الأصح أن يطلب من المشغل بأن يسمح له بالالتحاق بمقر العمل. كما يمكن للمشغل الذي من خلال تتبعه للأجير المشتغل عن بُعد، وملاحظته أن مردوديته في العمل تراجعت عما كان معهود له سابقا من قدرات وكفاءات عالية في أدائه لعمله داخل اسوار المقاولة وبالوسائل التقليدية الموجودة بها، وذلك قد يكون بسبب عدم اتقان الأجير للتعامل مع تقنيات التواصل الاجتماعي وجهله بطرق العمل عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة، في هذه الحالة يمكن أن يطلب المشغل من الأجير ضرورة الالتحاق بالعمل في مقر المقاولة مع أخد الاحتياطات الازمة للوقاية من الوباء.

كما ان انتشار فيروس كورونا وما نتج عنه من ضرورة العمل عن بعد أدى إلى اندثار العديد من المهن لدى الأجراء الذين لا يمتلكون الكفاءات المناسبة للعمل التكنولوجي والرقمي بعد ظهور مهن أخرى كتلت المتعلقة بالتصميم الجرافيكي والتواصلي وتصميم المنتوج والمحيط، ومهن البرمجيات والمعالجة الرقمية والصيانة الرقمية عن بعد، ثم المحاسبة والتوثيق والأرشفة المعلوماتية، وانشاء وإدارة المواقع المسطحة والمساحات الالكترونية ، بالإضافة إلى مهن الترجمة والتحرير، وكذا التسويق الإلكتروني للمقاولات ومنتجاتها عبر الأنترنيت، وغيرها من المهن التي تناسلت عن عولمة الاقتصاد، وذلك أمام تفضيل المقاولات ومشغليها للأجراء الشباب أصحاب الخبرة المؤهلين للقيام بهذه الأعمال بتقنيات عالية ،وجودة وكفاءة عاليين، عوض إعادة تأهيل أجرائها وما يتطلبه ذلك من ميزانية ووقت خاص لعقد دورات تكوينية، وبالتالي ترشيد النفقات وتكاليف الإنتاج، وتحقيق التواصل الفعال، بالإضافة إلى توفير المرونة والاستقلالية لدى الأجراء عن بعد، بحيث يتماشى هذا الخيار مع التوصيات الدولية في مجال ترشيد الطاقة وحماية البيئة من مخاطر التلوث الصناعي وتقليص الازدحام المروري في المدن والمناطق الصناعية، فتوقف العديد من الأنشطة والأعمال بمختلف المجالات والمقاولات بسبب جائحة كورونا اليوم وما فرضته من حجر صحي وحظر للتجول يعد مشهدا واقعيا لهذا التوجه الجديد في علاقات الشغل[34].

وتتمة لما سبق فإنه قد يرفض أحد أطراف العلاقة الشغلية رغبة إنهاء العمل عن بعد من الطرف الأخر، كمثال الأجير الذي يريد الاستمرار في العمل عن بعد لملائمته لحاجاته وظروفه الاجتماعية والشخصية، ففي هذه الحالة يثار الإشكال في حالة رفض الالتحاق بالعمل داخل مقر المقاولة، ونعتقد انه لحل هذه الإشكالية يجب أولا من أجل إثبات التزامات الأطراف أن تتم مكاتبة الأجير بواسطة البريد المضمون، وما دام الأمر يتعلق بمجال يتم فيه استعمال الوسائل التكنولوجية فأنه يمكن الاستعاضة عن البريد المضمون بالبريد الالكتروني[35].

ونعتقد أنه في إطار سلطة الإشراف والرقابة وعلاقة التبعية المخولة للمشغل فإنه يتعين على الأجير الاستجابة لرغبة المشغل، كما في الحالة التي قد يكلفه بمنصب آخر أو عمل مغاير داخل الوحدة الإنتاجية، وفي هذا الصدد نجد قرارا صادرا عن محكمة النقض المغربية ، قرار عدد 1294 المؤرخ في 2013/03/01 ملف اجتماعي عدد 1451/5/2/2012 [36]” يحق للمشغل أن يغير مناصب أجرائه حسبما تقتضيه مصلحة المؤسسة، وأن يكلف الأجير بمهام جديدة داخل المؤسسة مع الاحتفاظ له بكل حقوقه، لم يكن ملزما بموافقته إلا إذا تضمن عقد الشغل شرطا صريحا بذلك. ان تعبير الأجير عن رفضه الالتحاق بالمهام المسندة له من طرف المشغل، يكون قد أنهى العقد من جانبه ولا موجب للبحث عن موجبات الطرد المخول للتعويض: يكون الأجير ملزما بالامتثال لأوامر مشغله في إطار القانون وعقد العمل ويعتبر هذا الأخير حرا في إطار إدارة وتدبير شؤون مقاولته وشغله وفق ما تمليه عليه مصلحته”.

المطلب الثاني: إصابة الأجير في ظل العمل عن بعد

بغض النظر عن باقي الضمانات القانونية لمختلف جوانب عقد الشغل عن بعد، فإن الحق في حماية صحة الأجراء وسلامتهم، وكذا سلامة ذويهم قد شكل مناط اهتمام الجميع مع انتشار فيروس كورونا المستجد، وهو ما دفع بالسلطات إلى التدخل الفوري لضمان هذه الحماية التي تمتد لتشمل كافة المواطنين والأجانب أيضا، حماية اكتفت فقط بفرض الحظر الصحي وحظر التنقل في أوقات حالة الطوارئ الصحية، ولم تشمل الحماية القانونية للأجراء عن بعد من حوادث الشغل والأمراض المهنية.

وعليه فإن المقام يستوجب القول على أن المشرع المغربي الاجتماعي عمل جاهدا في السنوات الأخيرة على تحديث الترسانة القانونية بما يتماشى مع متطلبات توفير الحماية الاجتماعية للأجير من جهة وملائمة أحكام التشريع الاجتماعي مع المواثيق الدولية من جهة ثانية، وأمام هذا الوضع كان الهاجس لدى مختلف الفرقاء هو ضرورة تعديل مقتضيات ظهير 1963 بشأن حوادث الشغل، وهو ما تكلل بإصدار القانون الجديد رقم 12.18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل[37] والذي يعتبر اطارا قانونيا جديد بحمولة من الضمانات الحمائية من الأهمية بما كان ببلادنا، وبالرغم من بعض مظاهر القصور سواء الاجرائية او الموضوعية التي تعتري مضامين قانون 12.18 الا انها لا تنقص من بعض المكتسبات الجديدة التي يحملها[38].

وعليه فإن التشريع الاجتماعي المغربي لم يضع القانون السابق الذكر للتعويض عن حوادث الشعل أي تعريف لحادثة الشغل مثله مثل التشريع الفرنسي والمصري، وقد عمد الفقه والقضاء إلى تعريف هذه الحادثة، بأنها كل ضرر لاحق بالجسم سواء كان ظاهرا أم لا، داخليا أم خارجيا، لأن المهم هو أن يكون بفعل خارجي ومفاجئ[39]، وهكذا يشمل مفهوم حاثة الشغل، كل الحوادث المهنية، والعوارض الصحية التي تصيب الأجير، أثناء قيامه بعمله أو بمناسبته حتى لو كانت الحادثة ترجع إلى القوة القاهرة ، إذ اعتبر المجلس الأعلى سابقا “محكمة النقض حاليا” أن الجروح التي أصيب بها حارس الليل لفندق في أكادير بدى وقوع الهزة الأرضية في مكان العمل بمناسبته تشكل حادثة شغل رغم كونها ناتجة عن قوة قاهرة[40] واعتبر احد الفقه كذلك أن الوفاة أثناء القيام بالعمل حادثة شغل كيفما كان سببها ولو كانت ناتجة عن قوة قاهرة، ما لم يثبت رب العمل أن المصاب كان عرضة سهلة للأمراض[41]، وقضى المجلس الأعلى أن الأجير الذي سقط أثناء عمله، ولفظ أنفاسه، بأن الحادثة، تعتبر حادثة شغل، ولو كانت نتيجة عن نزيف[42].

 

ومن خلال ما سبق يطرح سؤال حول ما إذا كانت الحادثة التي تصيب الأجير الذي يعمل عن بع، تعتبر حادثة شغل أم لا؟

وهو تساؤل يبقى مطروحا على اعتبار أن تكييف الحادثة على انها حادثة شغل تترتب عليه آثار قانونية مهمة، تتجلى أساسا في الحق في التعويض وبالرجوع إلى القانون المتعلق بحوادث الشغل رقم 12.18، نجده ينص في المادة الثالثة منه على أن: » تعتبر حادثة شغل كل حادثة، كيفما كان سببها يترتب عنها ضرر، للمستفيد من أحكام هذا القانون، سواء كان أجيرا أو يعمل بأية صفة تبعية كانت وفي أي محل كان إما لحساب مشغل واحد أو عدة مشغلين، وذلك لمناسبة أو بسبب الشغل أو عند القيام به، ولو كانت هذه الحادثة ناتجة عن قوة قاهرة أو كانت ظروف الشغل قد تسببت في مفعول هذه القوة أو زادت في خطورتها، إلا اذا اثبت المشغل أو مؤمنه طبقا للقواعد العامة للقانون أن مرض المصاب كان سببا مباشرا في حدوث الحادثة  « .

فالمشرع المغربي وعلى غرار باقي التشريعات الأجنبية، اعتبر لقيام مسؤولية المشغل توافر شرطين: * أن يقع الحادث بسبب الشغل * أن يقع الحادث أثناء تأدية الأجير لعمله.

دون تقييد ذلك بحيز مكاني معين، فقط أن يكفي ان يكون الحادث الذي وقع للأجير خلال ساعات العمل الفعلية التي قضاها هذا الأخير تحت تبعية رب العمل، أي خاضعا لسلطة واشراف ورقابة رب العمل[43].

ويمكن القول في هذا الصدد، ان الحوادث التي تقع للأجير أثناء قيامه بالعمل عن بعد يجب أن تعتبر بمثابة حادثة شغل، إذا توفرت الشروط السابقة بالرغم من تواجد الأجير بمحل مستقل عن المقاولة، فمتى كان الأجير يزاول عمله فإنه يجب اعتبار كل حادث يسبب له ضرر حادث شغل، غير أنه يطرح عبئ الاثبات على عاتقه، خاصة في ظل غياب الرقابة الفعلية للمشغل على كيفية مزاولة مهامه، وبالتالي توجيهه والاشراف على انجاز العمل، فمثلا لا يمكن اعتبار الحادثة التي تقع له حين الخروج للتسوق واقتناء حاجيات الحياة اليومية.. حادثة شغل، فهنا يجب اعتبار المعيار الأساسي والجوهري وقوع الحادث نتيجة أو بمناسبة تنفيذ العمل الذي كلف به.

وهو نفس التوجه الذي نجد أن المشرع الفرنسي اخد به في الفصل L1222-9 من مدونة الشغل الفرنسية، حيث يتم اعتبار كل حادثة، حادثة شغل والتي أيضا تقع للأجير بمناسبة القيام بمهام العمل عن بعد حتى لو وقعت داخل منزله.

ونعتقد ان قرار مثل هذا المقتضي التشريعي الفرنسي يعتبر بمثابة ضمانة مهمة للأجير الذي قد يفرض عليه العمل عن بعد ونتيجة لظروف استثنائية كما هو الوضع الحالي في بلادنا في ظروف جائحة كورونا التي اكتسحت العالم بأسره.

وقياسا على ذلك يمكن الاستشهاد في هذا الاطار بتوجه محكمة النقض المغربية، حيث ان الاجتهاد القضائي المغربي وسع من المفهوم الذي جاء به لوقت ومكان العمل، إذ اعتبر أن الأجير يوجد في وقت ومكان العمل في أي وقت وفي أي محل كان ينفذ فيه أوامر وتوجيهات مشغله، بحيث جاء في قرار محكمة النقض[44] ما يلي: » … حيث اعتبرت الطاعنة أن الهالك وقعت له الحادثة خارج أوقات العمل حيث كان متوجها لقضاء أغراضه الشخصية وأن تكليفه بمهمة نقل التقني لوران كومان من مدينة مكناس إلى مطار فاس كان يوم 2001/06/05 في حين أن الحادثة وقعت يوم 07/06 من السنة نفسها وقد كان مع الهالك ثلاثة أشخاص لا يعملون بالشركة، مما يدل على أن الحادثة وقعت خارج أوقات العمل.

لكن حيث أن الثابت لقضاة الموضوع أن الهالك كان مكلفا بالقيام بمهمة بصفته سائقا لدى مشتغلته حسب الإذن المؤرخ في 2001/06/05 الموجود ضمن وثائق الملف والذي لا يحمل تاريخا مما ترتب عنه أن الحادثة تكتسي صبغة حادثة شغل وفقا لأحكام الفصل الثالث من ظهير 02/06/1963 « .

خاتمة:

صفوة القول، واعتبارا للمكانة المهمة لعقد العمل عن بعد وجاذبيته المؤثرة في مبادئ التعاقد الحديثة التي شكلت نوعا من الردة عما كان عليه الوضع في المنظور الكلاسيكي لعقد الشغل، وانطلاقا من الآثار التي فرضها هذا الصنف من العقود في مجال الشغل على مستوى تنفيذ الالتزامات والخلافات الناشئة عنه خاصة في ظل جائحة كورونا”كوفيد19″، فقد بات من الضروري تدخل المشرع من أجل العمل على تضمين مدونة الشغل مقتضيات قانونية تنظم العمل عن بعد، والإحاطة به تعريفا وتمييزا وإبراز خصائصه وأحكامه، وحالات اللجوء إلية وكذا الاثار المترتبة عليه، بالإضافة لضرورة توفير الضمانات الكفيلة بحماية الأجير وصيانة حقوق المشغل، بهدف خلق نوع من التوازن ينعكس على العلاقة الشغلية، وبالتالي استقرار الأوضاع الاجتماعية للأجراء والمساهمة في الاقتصاد الوطني، وخاصة ان المغفور له الملك الحسن الثاني سبق له وأن دعا إلى التوجه لاعتماد هذا النوع من العمل في رسالته الموجهة إلى المشاركين في الأيام الوطنية الثانية للاتصالات المنعقدة بالرباط  يومي 16 و17 ماي 1994التي جاء فيها: »ان العمل البُعدي كأسلوب جديد لتنظيم العمل يعكس بحق التطور الذي أفرزته التكنولوجيات الحديثة للإعلام والتواصل «  .

وكذا تمكين بعض الفئات من قبيل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والذين يتوفرون على كفاءات عالية في المجال المعلوماتي والتكنولوجي بشكل عام، من الاستفادة من فرص عمل عن بعد تمكنهم من الاندماج في سوق الشغل.                                                   انتهى بحمد الله.

[1] منى جباري، “النظريات المفسرة لوقوع حوادث الشغل في الأوساط المهنية”، مجلة القانون المغربي، العدد 42 أكتوبر 2019، الصفحة: 177.

[2] محمد الشرقاني، “علاقات الشغل بين تشريع الشغل ومشروع مدونة الشغل”، الطبعة الأولى 2003، مطبعة دار القلم -الرباط، الصفحة: 56.

[3] الدستور الجديد للمملكة المغربية، الجريدة الرسمية عدد 5952 مكرر بتاريخ 14 رجب 1432(17 يونيو2011).

[4] عبد اللطيف خالفي، “الوسيط في مدونة الشغل”، الجزء الأول، علاقات الشغل الفردية، الطبعة الأولى 2004، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الصفحة 269.

[5]مصطفى المنصوري، تقرير حول رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص بعنوان “العمل عن بعد-دراسة مقارنة”، منشور على موقع https://www.marocdroit.com/، تمت زيارة الموقع يوم 17 يونيو2020 على الساعة 16:25.

[5]فريدة المحمودي، “ضمانات الحق في الشغل على ضوء القانون الاجتماعي”، الجزء الأول طبعة 2016، مطبعة سجلماسة – مكناس، الصفحة 242.

[7] فريدة المحمودي، “ضمانات الحق في الشغل على ضوء القانون الاجتماعي، مرجع سابق، ص: 244.

[8]وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للمملكة العربية السعودية، ” المعايير والتطبيقات المثلى للعمل عن بعد”، النسخة الأولى، سنة 1441 هـ /2019 م، الصفحة 4.

[9] وحسب الموقع الالكتروني لمنظمة الصحة العالمية، فقد ظهر هذا الفيروس أول الأمر بمدينة وهان الصينية في دجنبر 2019، وتتمثل العلامات السريرية لهذا الفيروس وأعراضه أساسا في الحمى، وع صعوبة التنفس…، وتقوم السلطات المختصة بعزل المرضى من أجل تلقي العلاج وعدم نشر الفيروس إلى مخالطيهم وخاصة أفراد العائلة وزملاء العمل، للمزيد من التوسع في المعلومات انظر موقع المنظمة الصحة العالمية، www.who.int.

[10]– مرسوم رقم 2-20-269 الصادر بتاريخ 16/03/2020 بإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم “الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا كوفيد-19″، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6865 مكرر بتاريخ 17/03/2020، ص1540.

-مرسوم بقانون رقم 2-20-292 بتاريخ 23/03/2020 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر بتاريخ 24/03/2030، ص 1782.

-مرسوم رقم 2-20-293 بتاريخ 24/03/2020، يتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر التراب الوطني لمواجهة تفشي كورونا كوفيد-19، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر بتاريخ 24/03/2020، ص 1783.

[10]عبد الاله خلفي، “الحاجة للعمل عن بعد في ظل الجائحة”، مقال منشور على الموقع التالي: https://www.marocdroit.com/ تمت زيارة الموقع يوم 17يونيو 2020، على الساعة 19:55.

[12] العمل من المنزل.. هل يستمر بعد انتهاء أزمة كرونا؟، مقال منشور على الموقع الالكتروني التالي: https://www.aljazeera.net/ ، تمت زيارة الموقع يوم 17 يونيو 2020، على الساعة 20:05.

[13] عبد الكريم غالي، “محاور في المعلوميات والقانون”، مطبعة البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع-الطبعة الأولى 1997، ص: 204.

[14] فصل هذا الفصل العمل عن بُعد وشروط إبرامه.

[15]  عبد الاله خلفي، “الحاجة للعمل عن بعد في ظل الجائحة”، مرجع سابق.

[16] تنص المادة 6 من م.ش على أنه:” يعد أجيرا كل شخص التزم ببذل نشاطه المهني، تحت تبعية مشغل واحد أو عدة مشغلين، لقاء أجر، أيا كان نوعه، وطريقة أدائه….”.

[17] لحسن بنبوطة، “تداعيات كورونا وخيار الشغل عن بعد”، مقال منشور على الموقع الالكتروني التالي: https://www.droitetentreprise.com/ ، تمت زيارة الموقع يوم 17 يونيو 2020، على الساعة 21:15.

[18] لحسن بنبوطة، المرجع السابق.

[19] فريدة المحمودي، ” ضمانات الحق في الشغل على ضوء القانون الاجتماعي”، مرجع سابق، ص: 249.

[20] محمد بنحساين، القانون الاجتماعي المغربي، علاقات الشغل الفردية والجماعية، الجزء الأول، طبعة 2017، مطبعة كوب بريس، الرباط، ص102.

[21] محمد بنحساين، نفس المرجع، ص 102.

[22] تفاديا لآثار جائحة كورونا المستجد الذي يشهده العالم ومعه المغرب، ودعما للتدخلات الاحترازية التي تشهدها المملكة وضمانا للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني أيضا، فقد قررت لجنة اليقظة الاقتصادية، التي شكلتها الحكومة لوقف الآثار السلبية لفيروس كورونا المستجد على مناصب الشغل في المغرب، منح جميع الأجراء الذين جرى تسريحهم من الشغل ما مجموعه 2000 درهم صافية شهريا مع الحفاظ على التعويضات العائلية المدفوعة لصالح الأجراء المصرح بهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي  ما بين شهر مارس ويونيو 2020، ويشمل هذا الإجراء المقاولات والشركات المنخرطة في الضمان الاجتماعي التي أرغمت على الإغلاق الكلي أو الجزئي لأنشطتها بسبب فيروس كورونا، مع استمرار استفادة الأجراء من التأمين الصحي الإجباري (AMO) خلال الفترة نفسها. وتجدر الإشارة إلى أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتماشيا مع قرار الحظر الصحي وحظر التنقل المتخذ من طرف المملكة فقد اكتفى بوضع بوابة إلكترونية رهن إشارة المشغلين للتصريح بأجرائهم الذي لحقهم التوقف، كما يتعين على المشغل تدوين تصريح بالشرف على البوابة يفيد بان التوقف الكلي أو الجزئي لأنشطته، هو ناتج عن تفشي جائحة كوفيد19، وكان ذلك ابتداء من يوم الثلاثاء 24مارس2020.

[23] تنص على أنه ” يعد أجيرا كل شخص التزم ببذل نشاطه المهني، تحت تبعية مشغل واحد أو عدة مشغلين، لقاء أجر، أيا كان نوعه، وطريقة أدائه. ويعد مشغلا كل شخص طبيعي أو اعتباري، خاصا كان أو عاما، يستأجر خدمات شخص ذاتي واحد أو أكثر “.

[24] محمد طارق، ” أثر جائحة كورونا على علاقة الشعل”، مقال منشور ضمن سلسلة إحياء علوم القانون، مؤلف جماعي بعنوان ” الدولة والقانون في زمن جائحة كورونا، عدد ماي 2020، ص: 414.

[25] عملت وزارة التربية الوطنية والتكوين والمهني والتعليم العالي والبحث العلمي بقطاعيها العام والخصوصي على سبيل المثال، في إطار خطة الاستمرارية البيداغوجية بعد توقيف الدراسة والتكوين استثنائيا، على تعبئة كل الفاعلين من أجل وضع برامج تلفزية ومواد تعليمية وتكوينية عن بعد، ضمانا للسير العادي للدراسة خارج أسوار المؤسسات التعليمية والجامعات والمعاهد التكوينية، مؤكدة على أنه الأمر لا يتعلق بعطلة بقدر ما هو تدبير احترازي لمواجهة وباء كورونا.

[26] ينص الفصل 269 من ق.ل.ع على أن:” القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه، كالظواهر الطبيعية (الفيضانات والجفاف والعواصف والحرائق والجراد) وغارات العدو وفعل السلطة، ويكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا.

[27] مرسوم قانون رقم2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحال الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها.

[28] ينص الفصل 268 ق.ل.ع على أنه:” لا محل لأي تعويض، إذا أثبت المدين أن عدم الوفاء بالالتزام أو التأخير فيه ناشئ عن سبب لا يمكن أن يعزى إليه، كالقوة القاهرة، أو الحادث الفجائي أو مطل المدين”.

[29] إبراهيم أحطاب، “فيروس كورونا ”كوفيد 19″ بين القوة القاهرة ونظرية الظروف الطارئة”، مقال منشور على الموقع التالي: https://www.marocdroit.com/ ، تمت زيارة الموقع يوم 18 يونيو 2020، علي الساعة 11.20.

[30] لحسن بنبوطة، “تداعيات كورونا وخيار الشغل عن بعد”، مرجع سابق.

[31] عبد الكبير طبيح:” قراءة في مرسوم القانون رقم 292/20/2 المتعلق بحالة الطوارئ الصحية”، مقال منشور على الرابط التالي: https://m.al3omk.com/ ، تمت زيارة الرابط يوم 18 يونيو 2020، على الساعة 12:40.

[32] التوقف الناتج عن المرض كما هو منصوص عليه في المادة 272 من مدونة الشغل.

[33] لمزيد من التوسع، انظر مقال إبراهيم أحطاب، مقال بعنوان “فيروس كورونا بين القوة القاهرة ونظرية الظروف الطارئة، مرجع سابق.

[34] لحسن بنبوطة، مرجع سابق.

[35] عبد الاله خلفي، مرجع سابق.

[36]  قرار منشور في مؤلف عمر ازوكار وعبد الحميد اللويزي، “التوجهات الكبرى لمحكمة النقض في مدونة الشغل”، الجزء الخامس، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2019، ص: 218.

[37] ظهير شريف رقم 190-14-1 الصادر في ربيع الأول 1436 (29 ديسمبر 2014) بتنفيذ القانون 12.18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، الجريدة الرسمية عدد 6328 فاتح ربيع الأخير 1436 هـ 22 يناير 2015، ص: 489.

[38] الفيزازي رضوان، “إصابة الأجير بفيروس كورونا المستجد-كفيد19- في ضوء قانون 12.18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية”، مقال منشور في مجلة الباحث، العدد 18- مايو 2020، ص: 301-302.

[39] دليل القانون الاجتماعي المغربي، سلسلة الدلائل والشروح القانونية، ص: 104.

[40] قرار المجلس الأعلى عدد 283 تاريخ 25 ربيع الأول 1389 الموافق ل 11/6/1969، قرار غير منشور،

-منقول عن الأستاذة رشيدة احفوض من كتابها” القانون رقم 19.12 بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين والفئات المستثناة من مدونة الشغل-دراسة مقارنة”، الطبعة الأولى 2019، مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء، ص: 146.

[41] أمال جلال، “مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل والأمراض المهنية في التشريع المغربي”، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، نوقشت بكلية الحقوق أكدال سنة 1975، ص:157.

[42] قرار المجلس الأعلى صادر بتاريخ 10/9/1990، ملف اجتماعي عدد 89/9570، قرار غير منشور، أوردته الأستاذة رشيدة احفوض في المرجع السابق، ص:147.

[43] فتيحة التوزاني، مقال بعنوان “القضاء المغربي توسع كثيرا في مفهوم وقت ومكان العمل”، منشور على الموقع الالكتروني لجريدة الصباح: https://assabah.ma/94645.html ، تمت زيارة الموقع يوم 18 يونيو2020، على الساعة 16:01.

[44] قرار عدد 834، بتاريخ 2005/09/07، ملف اجتماعي عدد 2005/1/5/500 غير منشور، اشارت اليه فتيحة التوزاني في مقالها السابق.