رد شخصي وتعليق على بيان الإتحاد الدولي للصحافيين المغاربة والكفاءات


خيوط تماس :
تحية وتقدير للزملاء الأعزاء
جميل أن نكون في الصفوف الأمامية , وأن نكون عين المواطن في ظل الأحداث كيفما كانت لننقل المعلومة والخبر اليقين وتعميمها على السواد الأعظم فوق هذه الكرة الأرضية , مشكلة البعض من هذه الشريحة المهنية أنها لا تميز بين الحدث وباقي الأحداث وكل الأمور تراها سائغة  كلقمة دسمة تشبع البطن والإستهلاك علما أن الحقيقة قد تؤلم وتكون نقمة وهلاكا حينها لا ينفع السبق ولا التسويق (…) .
مناسبة هذا الكلام أنني تفاجأت في هذا الوقت العصيب برسالة تروج على وسائل التواصل الإجتماعي ,  مراسلة من قبل الإتحاد الدولي للصحافيين والكفاءات المغربية إلى السيد عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية  مضمونها الإحتجاج على منع الصحافيين من التغطيات في ظل الطوارئ الصحية في فترة الليل معتبرين أن الأمر منافي لجميع الأعراف والقوانين الدولية والوطنية القاضية بعدم تقييد حرية التعبير وحركة  تنقل الصحافيين لأداء واجبهم المهني .
الملاحظ أن الرسالة وما تفضلت به من حيثيات ومعطيات لا علاقة لها بالواقع , لكون الصحافة جسم على غرار باقي بني آدم معرضون بدورهم للإصابة بالفيروس المستجد , خاصة أن الخطر يهدد كل من هو في الشارع العام , ولا يمكن استثناء الصحافيين في هذا الإطار فيبقى الدور ينحصر في التغطية  الميدانية للحدث ولا علاقة للمنع بمجال حرية الرأي والتعبير التي يحاول البعض إقحامها وترويجها والركوب على مصطلحات تدق الباب على المنظمات الدولية والحقوقية للمساندة والتضامن ثم التديد والشجب
فلماذا تكتب رسالة وتنوه بالمجهودات التي تبدلها وزارة الداخلية كمدخل عام , ثم تُقلب الصفحة في الفقرات الموالية  ويُسال المداد بالبنط العريض مسجلين تراجع في المكتسبات الحقوقية وتضعون الحشو في تهديد صريح للإنتقاذات اللاذعة الدولية حول قرار المنع كما هو مشهود في رسالة الإتحاد  وكأنكم تخدمون أجندات خارجية .
السادة في الإتحاد وخاصة الموقعان على الرسالة , المغرب في حرب مع شبح حرب بدون عساكر ولا أسلحة حرب إستثنائية مع فيروس قاتل  متربص بكل الأجسام , فلو كانت حرب عادية لكانت الصحافة في قلب الحدث فمن عاد منها فقد أطال الله في عمره ومن لم يعد منها فله الشهادة لكن العائد لن يحمل معه  فيروس يدخله على أسرته أو جيرانه فالأمر معدي وقد تحمل كفنك بيدك وقد تحمله كذلك لأقرب الناس إليك وتبقى صحافتنا غير مؤهلة لحالة الطوارئ لكون الحالة جديدة ومستجدة وليست لنا تجارب في مثل هذه الأحداث وليس كل من يحمل البطاقة المهنية عليه أن يكون في قلب المعركة , هناك اختصاص وتربية مهنية وسلوك أخلاقي لابد من توفره فكم من صحفي حامل للبطاقة المهنية لم يقرأ مضمون قانون الطوارئ وكم من صحفي ليس على وعي بخطورة  خرق الحجر الصحي , أما التهافت بالكاميرا وميكرفون وجهل بالوظيفة  ليس عملا صحفيا أو إعلاميا بل التقارير أو المقالات هي المهنية  والمعتمدة في نشرات الأخبار وللكاميرا دورها والتوثيق له دوره .
أذكر بالمهزلة التي أبانت على أننا لسنا في مستوى المهنة , فهل خروج 4 ممن تم شفاءهم من الفيروس يتم إنزال كل ذاك الكم من الصحافيين بكاميراتهم وهواتفهم الذكية لالتقاط صورة لهم , علما أن الشفاء ليس نهائيا بل أن جسمهم خال من الفيروس فقط لكون ليس هناك دواء وليس هناك سبق صحفي والأمر ليس بحدث يستدعي الإختلاط ببعض في وقت الحجر الصحي .
على ما يبدو الواجب ألا نخلط الأمور وألا نبخس من أي عمل , فالوضع الحالي يتطلب من الجميع التضامن والإلتزام بالقرارات والتعليمات وتطبق القوانين المستجدة  للضرورة  .
فالحجر ليلا , فترة زمنية قصيرة  لا تلغي حقك المهني أيها الصحفي , ولا تتطاول على مهنيتك كسلطة رابعة واحترامك وتقديرك من المسؤولين لا يسقط أنك تنتمي لصاحبة الجلالة  بجميع مكوناتها  , فلا ننسى أن قبل المنع الليلي  كانت الصحافة حاضرة على رؤوس الأصابع قلة قليلة والباقي نيام في بيوتهم  وأمر آخر أن كثير ممن يجوبون الشوارع من بعض الصحفيين لا يكتبون ولا سطرا واحدا  والأخبار المنشورة والمقالات  نعرف أصحابها جيدا ونواكب قراءة لمنابرهم ومنشآتهم الصحفية وهم من يواكب الحالات ويتابعون المستجد ونعم المداد  .
أمر آخر لابد من إبرازه , أن الرسالة تحمل أكثر من تناقض وحمالة أوجه , فكيف يعقل أن الصحافة نهارا تقوم بواجبها المهني وتؤدي رسالتها الإعلامية بكل حرية  أليس هذا تكريس للفصل الدستوري والحق في الوصول الى المعلومة ونقلها إلى الرأي العام  فحين أن الحضر الليلي جعلتموه ضربا بعرض الحائط للمبدا الدستوري  نفسه وليس أمرا إحترازيا ووقائيا .
على الأقل كان من المفروض لو النوايا  بريئة كان الأجدر من هذا الإتحاد أن يطالب في فترة الحجر الليلي , بناطق باسم وزارة الداخلية يعطي الأخبار على الأنتريت أو من موقع خاص لذلك  بدون الشوشرة  .
فإذا كانت النقابة الوطنية للصحافة المغربية والمجلس الوطني للصحافة راسلوا وزارة الداخلية  فالأمر ليس كما يراه الإتحار أو ما تضمنته الرسالة المروجة بكثافة على مواقع التواصل الإجتماعي  .
نحن مع العمل الصحفي ومع المواكبة للحدث ومع حرية التنقل للصحافيين لكن لسنا فوق القانون لكونه يطبق على الجميع خاصة في الظروف كهاته التي نعيشها  في ظل الجائحة السوداء وهناك سلطة تنفيدية تدبر الشأن العام علينا الإمتثال كغيرنا .
فاصل ونواصل
حسن أبوعَقيل