الجائحة … شبح قد نهزمه بأيدينا
خيوط تماس :
لم يتنبأ أحد من الآدميين بهذا الوباء , ولم تعلن أي مؤسسة من مؤسسات الرصد هذه الجائحة ولم يطل علينا أي عالم من جميع مختبرات العالم ليحذر ساكنة الكرة الأرضية من فيروس كورونا وحتى الأقمار الإصطناعية أصيبت بالسكتة وكثير من المؤسسات المعهود لها بالتوقعات المستقبلية كانت خارج التغطية .
مع فجر جديد إستيقظ العالم على جثة الأموات , لم يعرف أحد ما الخطب ؟ ماذا يجري فوق هذا الكوكب الذي حملنا على سطحه ملايين السنين والأعوام , فتحركت الآلة الطبية داخل المستشفيات دون معرفة الموت السائد هنا وهناك , لم يسلم العالم المتقدم ولا العالم الفقير ولا الدول النامية كل في مخاضهم تائهون وعلامات الإستفهام عنوان غليض على الحيرة من الأمر وبما يجري ويدور .
ومع تعدد الحالات والإصابات التي لم يسلم منها الأطباء والمسعفون , فتحت المختبرات أبوابها لتبدأ المنافسة في البحوث العلمية لتجسيم الشبح واكتشاف خبايا وأسرار حالات الوفيات بشكل رهيب وكأننا في حرب عالمية ثالثة لكن هذه المرة بدون جنود وبدون أسلحة فتاكة من دبابات وطائرات وأساطيل حربية .
فالإعلان عن مدينة ووهان حالة الطوارئ , إتجهت الأنظار إلى الصين فعاش العالم بأسره بين الحقيقة والإشاعة والأخبار الزائفة والموثوقة ثم انتقلت الأخبار عبر الصحافة الدولية قصد الإخبار بالتراشق الحاصل بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وتبادل الإتهامات في صناعة ” فيروس كورونا ” الذي تم الإعلان عنه بمصطلح ” كفيد 19 “
إلى حدود الساعة لازال البحث مستمرا والصحافة الإستقصائية تنقب وتحاول إدراك الحقيقة في جو من الذعر والهلع لكونها قد تتعرض للإصابة في وقت تغيب فيه التلقيحات اللازمة لمواجهة الفيروس ومع ذلك تتحدى الصعوبات والعراقيل والحجر الصحي ليقوم الإعلام بجميع مكوناته بدوره ومتابعة الحدث في كل الجبهات .
ما شدني للكتابة اليوم والخروج بمقال يومي كالمعتاد , معايشتي لمغاربة امريكا في الولايات المتحدة , الذين بدورهم – على غرار شعوب العالم – صنعوا الإستثناء وتمكنوا من خلق نواة جديدة للتعامل الإنساني والخيري وقفة تستحق التنويه بعد صراع مرير وفي وقت ترحمنا على بعضنا البعض من خلال بعض السلوكات التي انتشرت هنا وهناك وكانت السبب في خلق العداء وصناعة البهتان ورشق الناس بالكلام الساقط وحتى الأعراض لم يسلم منها أحد رغم المجهودات وبعض المحاولات لتدويب الخلافات كانت التفاهة حاضرة بقوة .
إن التضامن اليوم حطم ذلك الجبل الثلجي , واستغنى العديد منا على عاداته القديمة ليتحول إلى إنسان بسلوك المدرسة المحمدية التي تركنا عليها خير البرية صل الله عليه وسلم , مدرسة الخير والإحسان , مدرسة القيم الإنسانية والأخلاق النبيلة , مدرسة التحلي بالفضيلة والتخلي عن الرذيلة , شهامة من كل النساء المغربيات وكل الرجال المغاربة داخل العمل الجمعوي أو من خارجه .
تضامن كسر الفوارق , جعل منا يدا واحدة تؤمن بيد الله مع الجماعة إيمانا راسخا بدفن الماضي الملوث بفيروسات الضغائن والكراهية والعداء إلى حياة جديدة ترقى بفجر جديد يقدف الله في قلوبنا الحب الكبير من أجل الود والتآخي والتسامح والإتحاد .
إن ما عايشته كصحفي من خلال اتصالاتي اليومية ومعانقة الحدث بالقلم والمداد ومن خلال الشق الإعلامي لجريدتنا نبض الشعب وإذاعة راديوكوم 24 جعلني أكن الإحترام والتقدير للحركية التي لا مثيل لها في التضامن لكل المغاربة ماشاء الله ولو بالكلمة الطيبة فما بالنا بالذين يستيقظون باكرا ويخرجون في الحجر الصحي كمن قال فيهم رسول الله
:” إن لله عبادًا يفزع الناس إليهم في حوائجهم، هم الآمنون يوم القيامة ” والله لدموعنا تنساب على موقنا عند سماعنا ورؤيتنا لهذا التطوع البطولي وهم يعرفون أنهم معرضون للإصابة في أي وقت ممكن ومع ذلك هم في رحمة الله يمارسون الخير ويدقون الأبواب لإطعام الناس … كما أن هناك متبرعون من المغاربة إناثا وذكورا يحملون في قلوبهم كل الخير والإحسان بمن فيهم من نزع من قلبه المضغة السوداء وانطلق من جديد يعوض ما فاته بتقديم المال للأسر والطلبة والنساء والمرضى سواء تعلق الأمر داخل أمريكا أو إرسال الحوالات للمغرب قصد مساعدة الأهل والأحباب والجيران في ظل جائحة وحجر صحي كمن قال الله فيهم :” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصا ” هؤلاء الذين هم في أشد قسوة وحاجة وخصاص لكنهم يقدمون مما يملكون من الإحسان والخير .
دمتم جميعا أهلنا وأحبابنا ويدا واحدة في كل الولايات المتحدة الأمريكية بدون استثناء ومنها إلى مغاربة العالم في كل دول الإستقبال , وحتى الذين هاجمونا في ما سبق فإن الله غفور رحيم والمسامح كريم .
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل