….. وتبقى النخبة الحزبية غير مؤهلة

النخبة الحزبية غير مؤهلة  للتدبير لكن …
طال التستر والصمت  على النخب الحزبية  كضرورة حتمية  لاستمرار نفس الوجوه  في مناصب المسؤولية لضمان السياسة الممنهجة  في الإستقواء والتحكم وجعل المواطن  خاضعا  مُطأطئا  الرأس أمام عصا الطاعة للسلطة التنفيدية وأمام الإملاءات رغم كل الإكراهات التي تستوجب تكريم المواطن وجعله يسمو كشعوب الدول الديمقراطية تنمويا وحقوقيا (…)
مصيبتنا أن الأحزاب المغربية رغم المكتسبات الدستورية الجديدة وصلاحيات المنشآت الحزبية , قبلت على نفسها حسب قول الشارع المغربي الإبتعاد عن فعل التأطير لتقوم بدور المقدم والشيخ لتضع منخرطيها تحت أعينها مترقبة كل خطواتهم وما ينطقون به , مقابل ضمان إستمرارية مكاتبها السياسية والحفاظ على الحقائب والمناصب وإلا أين يتجلى دورها في التأطير ؟ هل أغاني ” العيون عينية ” كافية لخدمة المصالح العليا للوطن في كل مؤتمراتها الممولة ب (فلوس الشعب ) أوجعل المرأة في الصفوف الأمامية كأولويات الإنتقال الديمقراطي وتبييض الواجهة استجابة للأجندات الخارجية .
فما يقلق أكثر أن هذه الأحزاب لم يصبح لها دور في الداخل فحسب بل تعدته خارج الحدود لتبسط نفودها على مغاربة الخارج واحتوائهم باسم التنسيقيات الحزبية فوق تراب دول الإستقبال وفي نفس الوقت تتظاهر باستقطاب الكفاءات والمستثمرين والطلبة الجامعيين دون إغفال الجانب النسوي وإغرائهن بمناصب المسؤوليات .
فما يجعلنا نستنكر الدور المُبَيَّت لأحزاب ماتت بعد رحيل زعمائها وأحزاب جديدة تعشق ربطة العنق والصور التذكارية مع الضرب على الوتر الحساس للمواطنين دون أن نغفل بأن القضايا الإجتماعية التي تدافع عنها  إلا در الرماد في العيون وفي حقيقتها استمرار لسياسات الضغط والزجر – (ويظهر هذا في كل مشاريع القوانين ) – على كل المستويات التي تهم الجمهور في تفكيره واحتجاجه وفي تكريس حقه الدستوري .
كل الخطابات تحمل اللون الوردي والأمل المنشود , والتجارب الفاشلة تتكرر والتنمية معطلة والسياسة تتشبت بنفس الوجوه وبنفس النخب وتبادل الحقائب في ما بينها كما حصل بعد دستور 2011 حيث المكتسبات الجديدة تدار بإدارة قديمة فكيف يكتب لها النجاح بتدبير أعرج مرتجل عنوة لإبقاء الحال على ما عليه  مع اختزال السلطة التنفيدية في الأحزاب سواء كانت في الأغلبية أو المعارضة  علما أن الشعب قالها مرارا أن الأغلبية تستخدم للتصفيق والمعارضة للتمويه وشتان بين معارضة الأمس كمدرسة سياسية مناضلة والمعارضة اليوم التي يدخلها كل ملفوظ  مع الإحترام والتقدير للبعض .
عاشت الأمة المغربية مع المعارضة الحقيقية زمن النضال الذي كان متبوعا بالإعتقال والتعذيب والإختطاف كلما شهرت مطالبها الحقيقية بغية الإصلاح والتغيير وتطبيق القانون وجعله فوفق كل من تحمل المسؤولية وعلى كل من زاغ عنه .
المؤسف اليوم أن المعارضة مشغولة بتصفية حساباتها الداخلية , وأن واقعها يتطلب غربلة حقيقية داخل أجهزتها الحزبية بعدما رسخت على رأسها – حسب تصريحات مناضليها -رجالات مخدومة وصولية تخدم عن طريق الريموت كنترول لتنال رضا التحكم والإستقواء ومنصب القيادة ما جعل الساحة السياسية فارغة من معارضة برلمانية حقيقية تخدم مصالح الأمة ومصالح الوطن العليا .
أما احزاب الأغلبية اليوم فقد أبانت عن فشلها في كثير من المحطات وكانت أضعف حكومة بعد حكومة بنكيران إذا ما قلنا على أنها أغلبية  عاقر كلما أجريت لها عملية ترقيعية إلا سقطت في أدنى مستويات العقم , وما يزيد الأمة نفورا أن هذه الأغلبية تخلت عن شرف التدبير بل إستغلت مناصبها للقيام بحملات إنتخابية على طول ولايتها فخدمت مصالحها الحزبية مقحمة المؤسسة الملكية في كل خطواتها الفاشلة .
على أي لا يمين ولا يسار ولا أحزاب سياسية في المغرب , هناك تراخيص تسلم من قبل وزارة الداخلية  إلى أن وصلنا حدود 35 حزبا مغربيا دون نتائج إيجابية تعود نفعا على الأمة المغربية تنمويا وحقوقيا , فالوضع الحالي مشهد من مشاهد التخويف والرعب زمن سنوات الرصاص ما يؤكد أنها ” الردة ” والفارق أن زمن الرصاص كانت معانات لمناضلين من داخل الأحزاب واليوم هناك نضال شعبي خارج الأحزاب الصورية .
المغرب وحاله اليوم لايبشر بالخير , فكفانا من دعاية تبييض الواجهة ونقل مؤتمرات أحزاب كاذبة فالرأي العام الدولي يعرف جيدا بأن الشعب المغربي في محنة وعلى صفيح ساخن وعلى علم بأن المواطن أصبح على موعد مع زوارق الموت ومغامرة الرحيل إلى الضفة الأخرى , المواطن لم يعد له مكان مع الحوت الكبير ولا مع الصقور الجارحة وينتظر الفرج من عند الله لأنه – المواطن – اختار الإحتجاج السلمي الذي يعم كل جهات المملكة رغم الآذان الصماء فإنه يواصل مسيرة النضال بعيدا عن أحزاب الذل والعار والتاريخ لن يرحم الأنذال .
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل