الإعلام المغربي بين التسريبات وحقيقة الصحفيين
حسن أبوعقيل / أمريكا
موجة التسريبات التي نشرها ” كريس كوليمان ” خلقت أجواء من الإستنفار والقلق والإرتباك داخل اسرة الإعلام بجميع مكوناته , حيث شملت المهنيين في الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية , كما لا أحد كان ينتظر أن مصادرا ما ستكشف يوما من الأيام عن إسمه ويصبح حديث الساعة (…)
فهل ما نشر من أسماء واتهامات بالتخابر وخدمة الأجهزة الأمنية هو حقيقة أم مجرد محاولات للتشكيك في أقلام أسالت مدادها خدمة للرسالة الصحفية ؟ وما هو الهدف من هذه التسريبات وفي هذا الوقت بالذات ؟
الواجب يفرض علينا كمهنيين ألا نأخد الأمر بجهالة ونسارع في تبني التسريبات على محمل الجد خاصة الموضوع جد حساس لارتباطه بالتقة المتبادلة فيما بين الصحافيين بعضهم بعضا , وحال هذه التسريبات يخلق الفتنة ويشرخ العلاقة المتماسكة للأسرة الإعلامية من داخل المنشآت والمؤسسات والجمعيات والنقابات المهنية . وفي نفس الوقت من الواجب على كل صحفي اتهمته تقارير ” كريس كوليمان ” الشبح ألا يتجاهل التصريحات وعليه أن يكذب مضمون التسريبات ويبقى النفي عنوانا للتشكيك في هوية ” كريس كوليمان ” ويحافظ الصحفي على سمعته واحترامه أمام الرأي العام , أما الصمت وعدم الرد ليس في الصالح ولايرد الإعتبار.
فكيفما كانت هوية ” كريس كوليمان 24 ” إلا ولابد من ربط التسريبات بالخطاب الملكي الأخير للمسيرة الخضراء والذي حملت مضامينه الكثير من المواقف البطولية والتي تحافظ على سيادة الدولة المغربية وتحصين وحدته الترابية والقطع بين الوطني والخائن ومواجهة تحديات الدخيل (…) مباشرة تقاطرت التسريبات على المواقع التواصلية بدأت بالمس بسمعة الخارجية المغربية وتلك المراسلات السرية التي كانت تهم بالخصوص” الصحراء المغربية ” وكيفية التدبيرلهذا الملف الثقيل مما يؤكد أن صاحب التسريبات ” كريس كوليمان ” ليس شخصا بعينه بل مؤسسة قائمة اقتنعت أخيرا بأن الملك محمدالسادس لن يعطي حلا لقضية الصحراء أكثر من مبادرة الحكم الذاتي وكان لابد من خلق الفتنة وضرب المصالح المشتركة فيما بين الديبلوماسية والمخابرات المغربية والتشكيك في الكفاءة والمسؤولية وما يربطهما , وليس مستبعدا أن الهدف الذي يطمح إليه ” كريس كوليمان ” أن يحصل تغيير داخل وزارة الخارجية والسفارات المغربية المعتمدة ويشمل المخابرات المغربية المدنية والعسكرية وهذا أمر لابد من الإنتباه إليه مادامت نوايا ” كريس كوليمان ” لاتخدم المصالح المغربية ناهيك التشكيك الذي يحوم حول التسريبات نفسها ومصدرها هل من خارج البلاد او من الداخل .
فإذا كان ” كريس كوليمان ” يحاول من خلال تسريبه لأسماء صحفية كعميلة للمخابرات المغربية , فضح ما يجري في الظلام الدامس والناس نيام , فإن ” مؤسسة كوليمان ” راهنت على حمار أعرج لأن الناذر لا حكم له ولا تمثيلية له . فالصحافيون في المغرب مايزيد عن 4000 صحفي و3 أفراد لايمثلون الجميع وليسوا بمؤسسة نقابية مهنية أكثر ما هم أعضاء وحتى لو افترضنا أن الثلاثة الصحفيين يشتغلون مع ” لادجيد ” أو ” دي إس تي ” فأين المشكلة ؟ فمؤسسة ” لا دجيد ” إدارة مغربية على غرار جميع الإدارات وامتيازاتها أنها تخاطر برجالاتها من أجل استثباب الأمن وحماية الدولة من أي تدخل يهددها , والصحفي فرد في مجتمع هذه الدولة , له حقوق وعليه حقوق الغير والجميع يخضع للقانون (…) فهل تناست مؤسسة كوليمان أن دول العالم تطالب الشعوب بالتعاون مع الأجهزة الأمنية لمحاربة الإرهاب والجريمة ؟
فالمصالح الأمنية في كل بلد في حاجة إلى إعلام , والصحافة لايمكنها الإستغناء عن الأجهزة الأمنية وكلاهما في حاجة لبعض مع جميع التحفظات المهنية . فأين المشكلة في التعاون الذي لايمس بحرية الأفراد ولا يكبل حرية الرأي والتعبير ؟
بين يدي اعتراف للزميل محمد رضا الطوجني كأول تشكيك لما نشرته تسريبات ” كوليمان ” حيث يقول رضا الطوجني أنه من كان على علاقة بحركة الإستقلال الذاتي القبايل ” الماك” سواء بفرنسا أو في الجزائر وليس ياسين المنصوري ولا وزير الخارجية الفاسي الفهري وعلاقة رضا الطوجني بهيئات الحركة كانت تمر عبر قناة جمعية الصحراء المغربية أي أن كلا المسؤولين المغربيين ليست لهما الرغبة في التدخل في الشأن الجزائري الداخلي (…)
فانطلاقا من تصريحات السيد رضا الطوجني تبرز شيئا ما أن التسريبات في حد ذاتها لايمكن اعتمادها على محمل الجد والحقيقة وممكن أن تكون وثائق شابها التزوير بفعل فاعل لا يكون إلا متحاملا على المغاربة والمغرب أو مؤسسة عدوانية تسعى لخلق البلبلة والفتنة داخل البلاد بين مواطنيها من طنجة إلى الكويرة .