تناول الأمير هشام العلوي ابن عم ملك المغرب بالتحليل والدراسة مستقبل مشروع 2030 الذي طرحه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على ضوء الدور المستقبلي للشباب وكيف سيساهمون في بناء سعودية جديدة. ويعتقد في فشل المشروع بحكم صعوبة التوفيق بين الطموح الاقتصادي الليبرالي بدون حداثة سياسية.
وجاءت هذه الدراسة المطولة ضمن كتاب أصدره مؤخرا معهد هوفير التابع لجامعة استانفورد الأمريكية بمساهمة مجموعة من الباحثين العرب والأمريكيين والأوروبيين.
التغيير قادم لكن من أين ومن أجل أي هدف دقيق؟ يبقى هو السؤال المعلق في دولة لا تسمح بإنجاز دراسات ميدانية عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية.
ووقع هشام العلوي دراسة بعنوان “الشباب ووسائل الاتصال التكنولوجية والتغيير السياسي في العربية السعودية”. وفي عرضه عن دور الشباب، يؤكد وجود رؤية يغلب عليها طابع التفاؤل التي تعتبر الشباب محركا للتقدم المنشور في البلاد، ثم رؤية تمزج بين الواقع والحذر وتركز على طابع الشباب الرامي الى تحقيق مكاسب اقتصادية رغم الأزمة التي تمر بها البلاد، وكل فشل في تلبية مطالبه سيجعله يميل نحو التمرد والثورة لاسيما وأنه من مميزات الشباب تحريك الانتفاضات الشعبية. وارتباطا بهذا، التغيير قادم لكن من أين ومن أجل أي هدف دقيق يبق هو السؤال المعلق في دولة لا تسمح بإنجاز دراسات ميدانية عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية. ويبرز في هذا الصدد أنه ليس كل مطالب التغيير قد تصب في دمقرطة البلاد بل قد تكون ذات مطالب مادية ملموسة من استمرار الاستفادة من اقتصاد الريع.
هذه الدراسة التي تعد من المقالات الطويلة جدا التي كتبها الأمير عكس ما ينشره في دوريات مثل “لوموند دبلوماتيك ” تقدم تشخيصا دقيقا للشباب السعودي في استعماله لشبكات التواصل الاجتماعي مما جعله في مصاف الدول الغربية، لكن لا يمكن القول بالتغيير اعتمادا على هذا المعطى فقط. لكن يبقى الأساسي هو تركيز الشباب على المطالب الداخلية وخاصة الاقتصادية منها دون الاهتمام كثيرا بالسياسة الخارجية، وهذا يظهر مدى الانشغال بما هو شخصي وذاتي، أي العمل وتحقيق الرفاهية، مطلبان يصعب تحقيقها في ظل تراجع عائدات النفط وعزوف الشباب عن العمل في القطاع الخاص الذي يبقى أجنبيا بامتياز.
الباحث يؤكد أن حضور عناصر رئيسية وهي الشباب ثم تكنولوجيا الاتصال في ظل أجواء الترقب والانتظار وغياب رؤية واقعية للمستقبل لاسيما في ظل تراجع عائدات النفط والخطوات المتعثرة لرؤية 2030، كل هذا كافي بخلق الشكوك حول المستقبل والتكهن بوقوع تقلبات سياسية لا يمكن تحديد نوعيتها بشكل واضح.
ويتطرق الى تركيز السلطات السعودية ومفكرين وكتاب في فلكها بين الحين والآخر على الاستعانة بالنموذج الصيني الذي نجح في إجراءات ليبرالية هامة بوأته الاقتصاد العالمي مع الحفاظ على بنيات النظام الحاكم منذ ثورة ماو تسي تونغ، ولكنه يستبعد نجاح الرياض في الاستلهام بهذا النموذج نظرا للاختلافات البنيوية بين البلدين، حيث المسار التاريخي والسياسي لكل منهما يختلف عن الآخر.
ولكي ينجح ولي العهد في تجنب زلزال غير مرتقب في ظل الغموض والشكوك الحالية، سيكون مجبرا على الاستلهام من التجربة المغربية أو الأردنية وهي “الانفتاح المتحكم فيه”، منح المجتمع المدني والفاعلين السياسيين متنفسا لتفادي الانفجار. وهذا بدوره سيسكون مشروطا بعاملين، الأول هو كيفية عدم استغلال الشرائح التي عانت من تسلط ولي العهد مثل الأمراء الذين اعتقلوا ورجال الأعمال الذين أذلوا ، وأطر الدولة الذين هشموا، لشن ثورة مضادة له. ويتجلى العامل الثاني في وقف المغامرات الخارجية التي أرهقت مالية السعودية كلفتها الكثير أمام المنتظم الدولي.
وتبقى الفكرة الرئيسية لهذه الدراسة لهشام العلوي المعروف بلقب الأمير الأحمر هو فشل مشروع 2030 إذا لم يواكب بتكلفة سياسية وهي تلبية مطالب الشباب بالانفتاح السياسي، إذ لا يمكن التحديث بدون مشروع حداثة.
د. حسين مجدوبي