أقال الملك محمد السادس ثلاثة وزراء “بسبب التأخير في برنامج التنمية” في مدينة الحسيمة التي شهدت حركة احتجاجات في الأشهر الأخيرة وأعفى كذلك كاتب دولة ومسؤولاً إدارياً كبيراً من منصبيهما بعد تقديم تقرير يشير إلى تأخير غير مبرر في تنفيذ المشاريع (…) فانطلاقا من هذه المبادرة كان الأجدر بالدولة أن تطلق سراح المعتقلين دون النظرللتهم المنسوبة إليهم والتي لم يعترف بها أي متهم إلى غاية النطق بالحكم لكن الإصرار على المتابعة أساء إلى سمعة البلاد حقوقيا مما جعل دول العالم تعتبر الإعتقال لا معنى له (..)
نعرف جيدا بأن الملف الذي كان جاهزا أمام القاضي ثقيل بتهم متعددة ونعرف بأن القاضي لا يحكم من فراغ بل بين يديه أدلة وحجج كصك اتهام توجهه النيابة العامة فيبقى السؤال المطروح هل جعل القاضي صك الإتهام في الميزان مقابل أدلة وحجج وبراهين المتهمين وإنكارهم أمام جل أطوار المحاكمات بالمنسوب إليهم ؟
ولمَ محاضر الشرطة القضائية يُؤخذ بها رغم أن العديد من القضايا أتبثت خروقات لبعض الضباط حرفوا وأتلفوا وزوروا الحقائق كما وقع في الكثيرمن المدن صدرت عقوبات من قبل الإدارة العامة في حقهم فعلى سبيل المثال لا الحصر
أصدر المدير العام للأمن الوطني عقوبة الإنذار في حق والي أمن القنيطرة، وأعفى رئيس مفوضية الشرطة بسيدي يحيى الغرب من مهامه، مع توقيع عقوبة الإنذار في حقه وفي حق أربعة مسؤولين آخرين، وهم عميد وضابطان للشرطة ومفتش شرطة ممتاز؛ كما وجه رسالة ملاحظة لمسؤول أمني برتبة عميد شرطة ممتاز
وأوردت تقارير لجن تفتيش بالمديرية العامة للأمن الوطني، إطاحة 25 مسؤولا بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بالرباط ، في سابقة من نوعها. ويتعلق الأمر بعمداء إقليميين وعمداء ممتازين وعمداء شرطة وضباط وضباط ممتازين ومفتشين ومفتشين ممتازين، كانوا يشتغلون بـ 12 فرقة للشرطة القضائية على صعيد ولاية أمن العاصمة.
ونقلا عن مصدر مطلع أن المسؤولين الأمنيين توصلوا بقرارت الإعفاء التي شملت رئيس الفرقة الجنائة الولائية وجميع العناصر الخاضعة لإمرته، ورئيس فرقة محاربة المخدرات ومساعديه، إضافة إلى رئيس الشرطة القضائية بالمنطقة الأمنية المحيط ورئيس الشرطة القضائية بمنطقة أكدال الرياض حسان، ورئيس مجموعة الأبحاث الأولى والخامسة، إلى جانب الفرقة المكلفة بمحاربة الجريمة المعلوماتية مع إعفائهم من الاشتغال بالشرطة القضائية ( مارس 2017 ) .
كما أوقفت المديرية العامة في عهد سابق 3 عمداء أمن بمصلحة الشرطة القضائية الأول يرأس فرقة مكافحة العصابات والثاني رئيس الشرطة العلمية والتقنية والثالث يرأس فرق جنائية فقد تورطوا في تزوير بصمات أحد المتهمين بسرقة حواسيب من إحدى الثانويات إذ مكنوا المتهم الرئيسي وهو مقرب من أحد رجال الأمن ممارس بالإدارة المركزية أن يغادر أرض الوطن .
إن هذه المعطيات شهادة تستدعي الوقوف عندها كثيرا وتتطلب من النيابة العامة صدرا رحبا من أجل إظهار الحقيقة من خلال السهر على تعميق البحث والإنصات إلى المتهمين وما يتبثه الدفاع باعتباره رافعة للعدالة وليس خصما كما أن القاضي من واجبه أن يتحرى المكتوب في محاضر الشرطة ويقارنها بأقوال المتهم أو الدفاع والشهود والبيانات والحجج لا أن يأخذ بها ويعطي الأولوية للمحاضر المنجزة من قبل الشرطة القضائية
إننا لا نعطي الدروس ولسنا آهلين لذلك لكوننا نحترم القضاء والسادة والسيدات القضاة ونعرف بأن هناك رجالات خدومة تحكم بالعدل كما هناك رجال وأجهزة أمنية في المستوى الواجب تستحق كل تقدير وتنويه .
هناك أسباب ومسببات تغاضتها المحاكمات والتي دفعت بالمتهمين في الحراك إلى الخروج والمطالبة بما هو مشروع في إطار دستوري يحترم القوانين فمن المسؤول عن البنية التحتية التي كانت القطرة التي أفاضت كأس الشرارة أمام صمت مدبري الشأن العام وأمام تجاهل المطالب من قبل النخب السياسية فأين المشاريع التي رصدت لها ملايير من الخزينة العامة وأين الوجوه التي كان من الواجب أن يراها الشعب متابعة أمام المحاكم بسب التبدير أو النهب أو الإخلال بالواجب .
لسنا هنا نؤيد الفوضى ولا نحبذ المواجهة ولا الإنتقام , ما نريده الحفاظ على كرامة المواطن وما عليه من قوانين تسري على الوزير والغفير الكل يحاكم ساعة الفعل المُجَرَّم بغض النظر على من يكون .
إن ما حصل خطأ فضيع يسجله التاريخ للغد ولأبناء المستقبل مشهد مأساوي يضر بمجال حقوق الإنسان في المغرب يفقد الثقة بين المواطن وبين المؤسسات إنها أزمة حقيقية مصيرها مجهول وداخلها استفهامات بدون أجوبة والتقارير الدولية تصنف المغرب في الرتب الأخيرة .
كان الأمل واسع الخيال وكنا نأمل أن تقضي المحكمة بما يخالف ألحكم الإبتدائي وينعم كل من وراء قفص الإتهام بالسراح , لكن هل بعد الحكم غيرنا البنية التحتية المأساوية التي يعيشها الشعب المغربي فوق صفيح ساخن وأمام تحكم السياسي في القضائي وإنتاج مشاريع قوانين زجرية دون مقاربة تشاركية علما أن نواب الأمة كثيرهم لا يفقهون القانون .
للإشارة المحاكمة حضرها ممثلين عن سفارات هولندا وألمانيا وجنوب إفريقيا كما حضر ممثلين عن منظمة المحامين الكبار الأمريكية ، بالإضافة إلى ممثلين عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية
يرجى مشاركة المقالة مع الأصدقاء
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل – صحفي