أصبحنا وأصبح المغاربة جميعا فاقدي الثقة في تدبيير الشأن العام الذي يتحكم في مسار شعب أجمع ملوكه الثلاث على أنه شعب وفي، لكن مقابل الوفاء يجازى هذا الشعب من قبل مدبري السياسات العمومية باللامبالاة والتهميش إلى درجة التذليل ورتب التحقير، وعند رفع المطالب الشعبية لا تخجل الحكومة من تنزيل مقاربتها الأمنية تعنيفا بكل الوسائل المتاحة من عصي وركل وسب تحت الحزام .. هذه المقاربة التي تنتهي دائما بإرسال مواطنين إلى المستشفيات وآخرين إلى السجون.
التاريخ يدَوَّنُ بمداد هذا الشعب، والذاكرة الشعبية تؤرخ كرنولوجيا قصد التوثيق ربما غدا تتأسس هيئة إنصاف ومصالحة جديدة تفضح مؤامرة الإنتقام من شعب يناضل من أجل حقوقه المشروعة رافضا التدبير الديكتاتوري لرجال المال والأعمال والمتجارين باسم الدين أملا في إغراق الشعب في الفقر والجهل والمرض بدون علاج الذي لا مفر منه إلا الموت.
فلا يعقل في زمن ترفع فيه شعارات “الديمقراطية وحقوق الإنسان”، وتسخر الهراوات ويحضر التعذيب اللفظي والمادي ضربا في الفصول الدستورية والمكتسبات أمام أعين ومسمع هذا الشعب الوفي، وبكل إصرار وتحدي تنتهك حرمات المواطنين أينما كانوا وارتحلوا وكيفما كان وضعهم الإجتماعي.. فهم رعية يفعل فيها ما يريدون من خلال الإدارة والتدبير (…)
غن الشعب على صفيح ساخن، والحكومات المتوالية صنيعة لمسارٍ واحد رغم تغيير الحقائب بنفس الأشخاص والأصهار وأبناء العمومة لتبقى الإستفادة عائلية وصحوبية ومحزوبية تناوبية تتقاسم في ما بينها الثروة وخيرات البلاد أكلا من عَرق المواطنين.
خزينة لم نعرف مآل الأموال التي نهبت والتي من المفروض أن تدبر بها المشاريع الكبرى المتوقفة الآن والميزانيات التي تستفيد منها صناديق التقاعد والوزارات والإدارات والدعم المخصص للأحزاب وجمعيات المجتمع المدني وميزانيات الجماعات المحلية والترابية والجهات وكذلك الإعلام المدعم ماليا (…)، والصناديق السوداء التي تدعم بها النقابات العمالية من رئاسة الحكومة وصندوق التنمية الفلاحية والمشروع الأخضر الذي فشل فشلا دون أي سؤال..
دراسات لمشاريع كلفت الدولة أموال باهضة بدورها دابت مع الأيام دون محاسبة، أما الجالية المغربية المقيمة بالخارج فمساهمتها من خلال التحويلات المالية والودائع فهي المتضرر الأول والأخير بحكم تهميشها من المساهمة في الحياة السياسية وحقها في التصويت والترشح وإخراجها من المجالس ونيابة رؤساء الجهات وعدم تنزيل الفصول الدستورية الخاصة بالهجرة ومغاربة الخارج، لكن مرحب بتحويلاتها وترويج أموالها في العطلة الصيفية..
الحكومة للأسف لا ترى في هذه الفئة سوى الأوراق البنكية وما دون ذلك، فتُعامل معاملة اللقطاء وخير دليل ما يتعرض له مغاربة الخارج من نصب على ممتلكاتهم ومشاريعهم وتعامل إداري بكل سخرية. لا يعقل أن يستمر الوضع على ما عليه ولا يعقل أن تبقى نفس الوجوه هي الحاكمة وهي المزدردة ورغم تقصيرها تسند لها مناصب أخرى وحقائب استشارية، كما لايعقل أن تسند مهام وزارية أو مسؤوليات لمن دخل السجن بتهم النصب والإحتيال أو متهرب من الضرائب أو من كان فاشلا في تدبير وزارة ما أو شغل منصبا دون العطاء أو من أقيل من منصبه أو من إسمه لطخ سمعة.
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل – صحفي