انتخابات مجلس النواب … أي حقيقة ؟


أنتهت الإنتخابات حسب  الخطاب الرسمي  بفوز حزب العدالة والتنمية  ويليه حزب الأصالة والمعاصرة في الرتبة الثانية  وعين الملك محمد السادس  رئيس الحكومة السيد عبد الإله بن كيران  لتشكيل حكومته  حيث انطلق الأخير في مشاوراته مع امناء الأحزاب   التي انتهت  حسب عبد الإله بن كيران بالتفاهم وإنهاء الإختلافات  مع جميع الأحزاب بما فيها حزب ” البام ” .
مشكلتنا كشعب ونحن نتابع هذه الإنتخابات  بدم بارد  لكوننا لا نتق في ما يجري ويدور رغم تبدير المال العام  لدعم الأحزاب ماليا لتتمكن من القيام بواجبها الإنتخابي في أريحة  لكن على حساب  الأمة  … فما الجديد الذي ستحمله الإنتخابات مع تكريس لنفس الوجوه التي فشلت في ولايتها السابقة ؟ وهل من برنامج حقيقي  يعكس مطالب الجماهير الشعبية  وإخراجها من ويلات الفقر والجريمة والبطالة والعطالة و الحقوق والحريات  والعدالة  ؟ وما مصير المواطنين المغاربة في الخارج الذين حرمته أيدي الغدر من المشاركة السياسية  كما نص عليها الفصل 17 من الدستور إنطلاقا من بلدان الإقامة ؟ وهل تعتبر الإنتخابات نزيهة  وناجحة ؟
نقولها بجرأة  أن الإنتخابات سيناريو واسع لمسلسل قديم جديد من إخراج محكم ومشخصين أوفياء قادرين على بلع ألسنتهم طيلة الولاية الجديدة  خاضعين للإملاء لكنه مقابل ذلك لهم رواتب ضامنين معاشات وتقاعد وشيكات نهاية الخدمة وما يتيسر من إكراميات وما يقدم لخدام الدولة من سلطة وجاه وحصانة .
الإنتخابات  جندت لها صحافة ومحللين سياسيين ومدونين وهذا الإجراء ليس بطبيعة الحال تطوعا بل مؤدى عنه حتى يكون وظيفة محكمة ومسؤولة  وألا تنكشف اللعبة  أمام الرأي العام لكن أقسم بالله العلي العظيم أن الأمة ” عايقة وفايقة ” ولا يمكن تمرير أي خطاب  عليها وهذا هو المشكل الذي حير رئاسة الحكومة بمعية الوزراء وكذا الأحزاب المغربية بمعية الأمناء والسادة البرلمانيين بمعية رئاسة الغرفتين .
فالولاية الحكومية السالفة كانت حصيلتها دونية وفاشلة لكون الشعب المغربي لم يستمتع بما قدمته  هذه الحكومة من خدمات  مما جعله يسخط على تدبير الشأن العام فخرج للشارع يحتج من طنجة إلى الكويرة على شكل مسيرات احتجاجية وإضراب واعتصام  ناهيك أن البرنامج الحكومي لم يتحقق منه ولا ذرة غير ما يشاع شفويا سواء بالأرقام أو خطبا أدبية  بصيغة تقارير بغية التمويه كذبتها  المندوبية السامية للتخطيط  مرارا وتكرارا وعلق عليها السيد والي بنك المغرب في تقريره الذي عرضه على ملك البلاد .
فخطاب الملك في افتتاح البرلمان أعطى صورة قاتمة على تدبير الشأن العام تحت غلاف الإدارة المغربية والتي هي جزء تابع لمؤسسة رئاسة الحكومة  ووجه الخطاب  للسيد عبد الإله بن كيران شخصيا لكونه رئيسا للسلطة التنفيدية  والرجل الثاني بعد الملك .
إن في تعيين  عبد الإله بن كيران رئيسا للحكومة  أمر لا يطاق وغير مقبول لكونه رجل مسؤول لم ينجح في ولايته الأولى  وأن يستمر على رأس الحكومة  الجديدة  ولا يتوفر على ضمانات لمشروع ناجح يعود نفعا على البلاد والعباد  بعيدا  عن بدعته داخل البرلمان  والتي عرفها الجمهور ب ” البهلوانيات ”  التي في عمقها  لا تمت أي صلة بالسياسة الرصينة .
فما يشمئز له القلب الحر فرحة الإنتصار التي بدت هلالا على وجوه الفائزين في الإنتخابات وعلى رأسهم ” الزعيم ” عبد الإله بنكيران وإلياس العماري وحميد شباط  وادريس لشكر  وغيرهم باستثناء السيدة نبيلة منيب  .
فرحة  بالإنتخابات والمنصب الجديد والمقاعد النيابية  دون مراعات للإنتهاكات الصريحة  لصناديق الإقتراع التي اقصيت منها 5 مليون مغربي مهاجر فأين الديمقراطية  التي تتحدثون عنها وتطبلون لها مرة بالفلكلور ومرة بالمطبخ المغربي ومرة أخرى بالقفطان  وميس بوطي  أين حق مغاربة الخارج في الترشيح والتصويت فماذا أعدت الحكومة المغربية   لمواطنيها في الخارج كما هو حال الجمهورية المصرية التي تعيش أزمة خانقة في الداخل وعلى جميع المستويات وصوتت وترشحت إنطلاقا من دول الإستقبال  وأعطت الدرس للمغرب  وحكومته  التي أكثرت في الطلاء والتبييض للواجهة الديمقراطية  (…) أليس الإنتخابات غير شرعية ؟
يعتقد مدبري الشأن العام أن تجييش بعض الأقلام ومحللين سياسيين ومدونين سينالون ما يريدونه من تمويه الرأي العام الوطني والدولي , فقد تناسوا بأن السفارات الأجنبية والقنصليات بها مصلحة الإعلام التي تتابع الأخبار وتستقيها من مصادر موتوق بها خاصة من صحافة مستقلة  ومن الأنشطة الثقافية التي تمارسها داخل المجتمع ومن العلاقات التي تجمعها بالسياسيين ورجال الأعمال والطلبة  والصحافيين والتربويين والأكاديميين والجمعويين  إنها دائرة واسعة  لا يمكن سدها إلى جانب وعي الشارع المغربي الذي لن يصدق ما يجري من حوارات مباشرة مغلفة بالخطاب الرسمي  على لسان المحللين السياسيين .
الخلاصة أن الإنتخابات بوجهين  لصفحتين , وجه  للعامة  في مشهده الديمقراطي من بداية التسجيل في اللوائح الإنتخابية مرورا بالحملة الإنتخابية وينتهي  بصناديق الإقتراع  والإعلان عن النتائج  والتصفيق والزغاريد .
والوجه الثاني  هو الحقيقة  ومن يريد الكشف عنها  لابد وأن يلغي الوجه الأول  بما له وما عليه .

فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل – صحفي