خدام الدولة ولعنة الشعب

سبق لجلالة الملك محمد السادس أن صرح في إحدى خطاباته السامية على أن ” سوء توزيع الثروة واغتناء قلة قليلة على حساب إفقار السواد الأعظم من الشعب ”  زعم أن قضية ” خدام الدولة ” ليست إلا نقطة سوداء وبؤرة من الفساد دخلت شعار ” عفا الله عما سلف ” لحكومة بن كيران باعتبارها واعية جدا بأن التويزة قائمة  وأن الجميع خصو يتحاكم  فأين إسلام العدالة والتنمية كدين لايسمح بمثل هذه التجاوزات والمخلة بالأخلاق والقوانين  ؟ وأين يطبق بن كيران وجوقته مجال الإنتقال الديمقراطي  بما فيه  المساواة وعدم التمييز ؟ ولماذا حكومة بن كيران لم تحارب الريع كما وعدت بمحاربة المفسدين ؟ وهل الأمر يتعلق بالقول دون الفعل أم أن الأمر ينطبق على المثل الشعبي القائل ” كلشي محرك بمغرف واحد ” ؟
قضية ” خدام الدولة ” ليست وليدة القرن ولا العصر بل هي قضية قديمة تداول عليها العديد من المسؤولين ما بات يصطلح عليهم اليوم باسم تخريجة ” خدام الدولة ” فقد استفادوا من خيرات البلاد  وثرواتها ومن  كل الصفقات  وحتى من خلال بعض القوانين التنظيمية التي تعتبر ثغرات تسمح  بالثراء الفاحش واللا مشروع  إلى جانب التحكم والإستقواء بالمناصب والسلطة  واستخدام التقارير المغلوطة والمحاضر المفبركة  والمحاكمات الجاهزة (…)
فعندما دفنا الماضي بعد مجيئ الملك محمد السادس , كنا نأمل أن سياسة التصحيح والتغيير ستشمل جميع الأركان والجوانب  وسيقضى على بؤر الفساد بتوقيف المفسدين وطردهم خارج دواليبب الدولة  وإقصائهم من المشاركة السياسية بمعنى التجريد من كل ما يسمح لهم من الإنتقام وزرع الفتنة وتصفية الحسابات .
فالربيع المغربي من خلال حراك الشارع  أثبت الشعب حبه الكبير للملك والوطن ومعانقته لسياسة التصحيح  والتغيير التي تتبناها السياسة الرشيدة للملك الشاب  فسارع للإطاحة بالفساد والمفسدين من خلال  مسيرات إحتجاجية سلمية  مؤطرة  بعقول واعية  شملت حملة الشواهد العليا والمثقف والإعلامي والمهندس والطبيب والممرض والطبقة العاملة  والمجتمع المدني بما يزخر به من حقوقيين ومناضلين  إناثا وذكورا  فكان الأمل واسع الخيال خاصة بعد الإستجابة الملكية للمطالب التي بصمتها الإرادة الملكية بدستور جديد وبطعم ديمقراطي يسمو بين دساتير العالم المتحضر والمتقدم (…)
فأمام  هذا الإنفتاح القويم  ورغبة الشعب في التغيير كان ولابد من صعود حزب سياسي  لم يشارك في تدبير الشأن العام  من خلال الحكومات السالفة الفاقدة لتقة المواطنين فنزل الشارع بثقله ليصوت على حزب العدالة والتنمية  من خلال برنامجه الذي يتوافق وسياسة محاربة الفساد والمفسدين وموازيا للسياسة الرشيدة  الرامية لمحاربة الفقر وإعادة كرامة المواطنين ففاز حزب العدالة والتنمية وفاز بن كيران  لرئاسة الحكومة  التي أبانت عن ضعفها  في تدبير الشأن العام خلال 5 سنوات من ولايتها فلا جديد يحسب لها غير تآمرها  على الشعب المغربي من طنجة إلى الكويرة  بل تكريسها لسياسة الحكومات السالفة  لكونها صورة ونسخة طبق الأصل مع زيادة في بعض توابل الكذب والبهتان والإفتراء لكون  حكومة بن كيران  مجرد خطابات شفوية وأرقام على الورق  وتوظيفها واستخدامها للبرلمان التصويت على مشاريع لإرضاء البنك الدولي والتعهدات باسم الإنتقال الديمقراطي ومجال حقوق الإنسان الذي نحن منه أبرياء لكون لا شيئ تحقق في الواقع غير أن الحكومة بفعلها  أغرقت البلاد في الديون والقروض والنتائج  سلبية بدون جديد  (…)
فعندما تبنت حكومة عبد الإله بن كيران  شعار ” عفى الله عما سلف ” كانت تعلم جيدا بأنها حكومة كاذبة  لن تستطيع تدبير أي شيئ  بل هدفها التمسك بكراسي المسؤولية والرواتب والتحفيزات واستقواء السلطة  وكانت على علم بأن رجالاتها أصبحوا من ” خدام الدولة ” وسيستفدون  كما استفاد الأوائل في الحكومة والبرلمان والأحزاب  من الريع والجدير بالذكر أن رئيس الحكومة يدافع بشراسة على معاشاة الوزراء وتقاعدهم  وصرف الخزينة لشيكات نهاية الخدمة  أمام تدبير أعرج وسياسة معطلة  لم تفرخ إلا البلطجة والجريمة والدعارة وساهمت في ارتماء شبابنا بين أحضان الإرهابيين لولا حرص الأجهزة الأمنية  الكفأة والقديرة  لعاش المغرب حمامات الدماء أليس الأول والأجدر بالبقع الأرضية  هم هذه الشريحة من الوظفين الذين يعرضون أنفسهم للأخطار ليل نهار من أجل سلامة واستقرار البلاد  بدلا من  وزير أو رئيس حكومة لا يحكم  ولا يمارس حقه الدستوري حسب قوله  .
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل – صحفي