يعتقد بعض الدعويين جنبا إلى أئمة بعض المساجد في أمريكا أن الإحتفاء بمولد النبي بدعة وضلالة ومخلد هذه الذكرى في النار … ويستندون في ذلك لعدم إفصاح النبي بالإحتفال بمولده وأن الخلفاء الراشدين لم يسنوا تخليد الإحتفال ويبقى السؤال لدى مسلمي هذا القرن ماذا يضر الإحتفال بالمولد في كتاب الله وسنة رسوله ؟
أولا ليس المقصود من الإحتفاء بمولد النبي عيدا دينيا كالأعياد التي سنها خاتم الأنبياء , بل هي تقاليد تعود لخصوصية الشعوب ولا علاقة لها بالتوابث وهي اجتهاد للعشيرة أو القبيلة أو الأمة في هذا القرن الذي أصبح محذبا بالتناقضات والتجاذبات والإختلاف حتى بدا الإسلام غريبا وسط المسلمين أنفسهم حيث الخطاب الديني في جهة والتطبيق والفعل في جهة ثانية وأصبح المسلم يعتنق الحلال والحرام في آن واحد تحت مسميات الحريات الفردية وحرية الإعتقاد إنها الردة من الحضارة إلى البدائية (…)
فبالرجوع إلى حياة الرسول وحياة الخلفاء الراشدين كان الحماس في اعتناق الإسلام وكان هم الفرد هو معرفة الدين الجديد دين المساوات والحقوق والعدالة والتسامح والوسطية, وارتبط الإنسان ساعتها بحبه الشديد لرسول الأمة يتبع خطواته ويستمتع بأقواله ويتمدرس من أفعاله فالجيل الذي يتحدث عنه بعض العلماء المحرمين للإحتفال بالمولد النبوي هو جيل لم يعايش و لم يعرف رسول الله ولا صحابته إلا من الكتب المدرسية ومما وجد عليه آباءه ومما تلقوه من تربية وتهذيب (…)
الفتوى لناسها وليست محبوسة بعهد او عقد بل مرتبطة بالزمان والمكان وأهلها والفتوى اجتهاد والإجتهاد ليس بدعة والإحتفاء بالمولد في عصرنا هذا ومكاننا هذا وأهلنا هذا اختيار لا علاقة له بالشريعة الإسلامية فهو صناعة لعرف وتقاليد محمودة كستها محبة رسول الله المتواصلة بين الأجيال وجعلها خالدة في قلوب النسل الصاعد كما هي الشهادة بأن محمدا رسول الله وخاتم المرسلين .
إن جيل الدعويين الدارسين والتابعين للوهابية والمطأطئين رؤوسهم لعلمائها وشيوخها هم من ينشرون فتوى تحريم الإحتفال بعيد المولد النبوي وتخصصوا في فتاوي التحريم والتكفير ويؤولون الأحاديث ويسندون تفسيرها وتصحيحها لشيوخهم وتعليميا قاموا بتسهيل منح الشواهد العالِمية والدكتوراه لكل من رأوا فيه السمع والطاعة لهم لتمرير خطابهم الظاهري حول البدع المتفشية في العالم العربي والإسلامي وكذا ترهيب الناس بفزاعات ” عذاب القبر ” و ” النار ” و” وعيد الله ” متناسين بأن من خلق النار هو خالق الجنة ومن خلق الموت هو خالق الحياة .
فكيف لمثل هؤلاء الذيليين من الدعويين حفظة قراءة القرآن على القبور أن يفتنوا الناس بفتاوي التحريم وخطاب متكرر ” كل بدعة ضلالة ” إرضاء للوهابية التي انتشرت كالفطريات بكتبها المجانية التي تقدم كهدايا للمراكز الثقافية والإسلامية والمساجد بغية نشر دعوتها التضليلية المتطرفة والمتشددة ولمن لا يعرف الوهابية فكتب التاريخ تشهد بدورها السياسي القائم مع الدولة البريطانية في القضاء على الإسلام والمسلمين فلا تترددوا لقراءة مذكرات الجاسوس البريطاني ” همفير” مع مؤسس الحركة الوهابية وأهدافها الحقيقية في نشر الفتاوي وخلق الفتنة كما هو أمر فتوى تحريم الإحتفال بعيد المولد النبوي الشريف , إنها دعوة ساقطة دونية لا تخرج عن فتاوي ” داعش ” ومن ولاها وكلها فتاوي لتشويه سمعة المسلمين من خلال التركيز على الإختلاف والتباين وما يصدر عن محاكم الداعشيين المفتقرة للعدالة كقطع الرؤوس وبقر البطون وحز الأطراف وجلد المواطنين وتكفيرهم وهدر دمائهم (…)
أتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت ولا أستبعد حقد كثيرهم على ما أسلته من مداد وكشف هوية بعض المسخرين للتظاهر بحب رسول الله وهم أعداءه .
وخير ما أختم به ” اللهم احشرني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ”
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل – صحفي