رسالة إلى رئيس السلطة القضائية الملك محمد السادس

بعد فروض الطاعة والولاء والتحية والسلام , أراسل جلالتكم باعتباركم رئيسا للسلطة القضائية بعد الذي شاب العدالة من تقصير وقضايا متعددة لا يمكن حصرها في هذه السطور لكون انشغالاتكم كثيرة والوقت لا يسمح , لذلك ألتمس منكم التدخل العاجل لإنقاذ ما يجب إنقاذ ه مما تبقى من ماء وجه العدالة خاصة بعد السجال الحاصل فيما بين وزارة العدل والحريات وبين القضاة وما أقدم عليه السيد وزير العدل والحريات من متابعة قاضيين لمجرد تكريسهما للفصل 111 من الدستور والتعبير عن رأيهما فيما يخص مشاريع القوانين للسلطة القضائية من خلال تدويناتهما ومقالاتهما التي نشرت على موقع التواصل ” الفايس بوك ” فاالأمر لايتعلق في هذا المقام لا بأحكام ولا بانتقاذ قرارات أو قضايا لازالت سارية ولم يحكم فيها .

مولاي صاحب الجلالة , باعتباركم رئيسا للسلطة القضائية نعرف كما تعلم الأمة بأن سياستكم الرشيدة لا يمكنها إلا أن تنصر الحق وأن تحارب الظلم والجور لهذا كانت رسالتكم واضحة عندما طالبتم بإصلاح منظومة القضاء لأن رؤيتكم مزجت بين الملكية وإمارة المؤمنين وجعلتم بين عاتقكم العدل أساس الملك لما تحمل الكلمة من مسؤولية جسيمة .

مولاي صاحب الجلالة , لقد انتظرنا كثيرا إصلاح منظومة العدالة واستبشرنا خيرا بتوليكم على رأس السلطة القضائية وتأكدنا بأن هناك من لهم الرغبة في إبقاء الحال على ما عليه ويحاولون تفريغ تعليماتكم من محتواها بالتسويف والتعطيل والترهيب بدولة القضاة علما أن أشعة الشمس لا يمكن منعها بثقب الغربال فمشروع القضاة ومطالبتهم بتصحيح مشاريع القوانين لم يكن صيحة في فراغ بل كان مساندا لمسيرة التصحيح ومبادرة مشروع الإصلاح الذي أمرتم به وتحقق في الفصول الدستورية التي اعتمدها القضاة في العمل الجمعوي وعبروا عن مواقفهم دون المس بالواجب التحفظ أو ما يسمى بتصريح يكتسي صبغة سياسية أو الإخلال بالتزام مهني .

مولاي صاحب الجلالة , كما تعلمون أن وزارة العدل والحريات من الواجب أن تكون من بين وزارة السيادة وزارة يرأسها وزير لا منتمي سياسيا خاصة أن التجارب السالفة أبانت أن الوزارة بلون سياسي ينقصها التدبير والإصلاح فلازالت قضايا عالقة وقضايا حكمت ولازالت تنتظر التنفيذ ومجرمون خارج الأسوار وسماسرة يحيطون بالمحاكم ويشوهون سمعة القاضي والنائب والمحام وكتاب الضبط وتتحكم فيها الإيديلوجية الحزبية كما هو أمر استقلال القضاة ومحاولة ترهيب المسؤولين بهاجس ” دولة القضاة ” وقضية متابعة قضاة “الرأي ” من خلال شكاية بعض البرلمانيين وكلها امور مصبوغة باللون السياسي .

Ad image

مولاي صاحب الجلالة , إذا كان من حق المواطنين أن ينتقدوا ويعترضوا مشاريع القوانين , فالقضاة مواطنون قبل الصفة المهنية هم أولى من أي كان بقوانين السلطة القضائية فهم المهنيون يعرفون أكثر من بعض البرلمانيين الذين أجمعت الأمة بعدم الفهم والمعرفة أي أنهم لا يفقهون لكن شاءت الاقدار ان يتواجدوا داخل هذه المؤسسة المحترمة .

مولاي صاحب الجلالة , عندما يكون المسؤول القضائي تابعا للوزير وسلطته فكيف للمسؤول أن يقوم بواجبه المهني هل يطبق القانون أم يطبق التعليمات ؟ أما إذا ضمن استقلاليته – المسؤول القضائي – فأكيد أنه سيطبق القانون ويتحمل مسؤوليته بمفرده لهذا تستبعد المحاكمة العادلة وتبقى صورة مشوهة امام اعين المنظمات الحقوقية والرأي العام الدولي وأعداء الوحدة الترابية والقضاة أنفسهم .

مولاي صاحب الجلالة , إن في تعيينكم للأستاذ مصطفى مداح قاضيا مدى الحياة مبادرة حكيمة تعزز اهتمامكم بالشأن القضائي وبالسادة القضاة الذين يخدمون العدالة بكل استقامة ونزاهة وإذا حكموا بين الناس حكموا بالعدل .

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

حسن أبوعقيل – صحفي