تدويب جليد الخلافات ضرورة حتمية

حسن الهديس ولاية بنسلفانيا
احدى المرتكزات الاساس التي تضمنها خطاب ملك المغرب بمناسبة عيد العرش المجيد لهذه السنة تلك اليد الممدودة للمغرب اتجاه بلد الجزائر لتقوية قيم الاخوة والتضامن وحسن الجوار بين شعبين شقيقين لهما من سمات التشابه الثقافي والحضاري والتاريخي ، و روابط الهوية واللغة والدين بكل ما فيها من التماهي ما يجعل شعوب البلدان الاخرى لاتكاد تميز بين المغربي عن اخيه الجزائري ،لكن وللاسف تفصل بين الشعبين حدودا أبعدت عوائل وقرابات عن بعضها وحالت ذون تواصلهما وتزاورهما بشكل لايرتضيه شعبا البلدين معا بل لا يجدون مبرراً مقبولا له …هذه الحدود مهما كانت مبرراتها السياسية فانهاة يجب كما قال العاهل المغربي ان ” لاتكون ابدا حدودا تغلق اجواء التواصل والتفاهم بل نريدها ان تكون جسورا تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر ،وان تعطي المثال للشعوب المغاربية الاخرى ” 1 ويحسب لقيادة المغرب العليا تلك الدعوات المتواصلة لتدويب جليد الخلافات وقطع الطريق عن الجهات التي تشتغل على إشعال فتيل النعرات بين البلدين ،وان المغرب كان لم يتواني في إلتزامه الاخلاقي في علاقته ببلد الجزائر ،لم يتعرض يوما إو يعهد الى المساس برموز الجارة الشقيقة و لا بمؤسساتها ولا لحدودها ولا التذخل في شؤونها الذاخلية .. وهي اساسا سمته ومنهجه العام في التعامل مع كل الدول ودول الجوار على الخصوص ممن يشكلون لبنة للاتحاد المغاربي ، وظل المغرب يولي احتراما كبيرا لاستقرار بلد الجزائر وأمنه وشعبه و حدوده ،هذا التعفف السياسي وللاسف تقابله في اغلب الأحيان تصريحات هجومية متوالية متواصلة من دوائر سياسية على مستويات عليا ، ومنابر وطنية اعلامية جزائرية ، ففي محطات تاريخية كثيرة توجه للمغرب اتهامات بلغت حداً سافلاً من التدني مما يجب ان يبرأ السياسيون بانفسهم عنه ابتداء من عرقلة مسار تقدم علاقات المغرب بدول افريقيا ..الى اتهام المغرب بالوقوف وراء الحرائق التي اندلعت ببعض مناطق الجزائر وهو امر مستغرب واتهام مشين ،وليس الاول ولا الاوحد في سلسلة الاتهامات ،رغم ذلك لم ثتني كل هذه التصرفات بلد المغرب عن مساره في التعامل الانساني مع غيره من الدول في الازمات والكوارث الطبيعية فمد يد المساعدة للشعب الجزائري من خلال استعداده بتسخير معداته وآلياته وقدراته وخبرته لان ما يؤلم شعب الجزائر هي آلالام اشقائهم المغاربة …. وعلى وعي تام من قادة البلدين معاً انه ليس هناك من طريق لحل الخلافات والمشاكل السياسية غير طريق التواصل والتفاوض والجلوس على طاولة الحوار ورسم خارطة طريق بوضوح المواقف ،وتحمل المسؤولية وإلابتعاد عن كل ما يغدي التناقضات لمواجهة التحديات التي ابرزها الحد من نشاط الاعمال الارهابية والتخريبية ،ونزعات الانفصال ،وتدفق الهجرة غير الشرعية للمهاجرين الأفارقة..وكذا تفعيل التزامات الاتحاد المغاربي التي تهدف الى توثيق علاقات التعاون وتحقيق التقدم والرفاهية للشعوب ،ووضع سياسة مشتركة وقوية لها وزنها في المحافل الاقليمية والدولية ،وكذا تعزيز مجالات الدفاع المشترك ،وان تقوية علاقات كل من المغرب والجزائر لتقوية اقتصاد بلاديهما ،ومضاعفة حجم التبادلات التجارية قادرة على تقزيم نسبة معدلات البطالة ،وجذب ايادي عاملة واستمارات قوية لمشاريع مربحة … إلا ان ذالك الاسلوب المارق الذي طغى على الاعلام ووسائط التواصل وتموله ايادي خفية قد شوش على الشعبين راحتهما ،ودفع الى المزيد من تسميم الأجواء، واصبح غذاء تقنات منه افاعي البراري والصحاري ووضعأ تستفيد منه …بل ووجدوا فيه مادة لخدمة اجندة مدعومة ، بكم كبير من التضليل والكذب .. وان الكم الكبير من حالة الاستعداء التي يطلقها بعض رواد وساىل التواصل الاجتماعي وصناعي المحتوى من فبركة قيديوهات ،الى التدوينات التي تطال رموز الدولتين او مؤسساتهما اوشعبهما معا ويتقن فيها البعض اسلوب رد الكيل بمكيالين لتحمل جزءاً كبيراً من اشعال نار الكراهية وتأجيج الخلافات، وتخلق ضبابية قاتمة وناقمة في نفس الوقت ،وتعكر اجواء الصفاء بشكل لايتيح للسياسين مجالا للتفكير ببعد مستقبلي البلدين بل لمستقبل مغاربي لاتكتمل اصابع الخمسة ليد بلدان المنطقة المغاربية،و لا مستقبل يرجى لها متى كانت مشوهة او مجدوعة الاصابع .. ولعل ما يعمد اليه البعض من تصريحات تتهم نشطاء سلميين ناقمين على الوضع السياسي بالمغرب مثلا ،بان من ورائه اجندة جزائرية ،هو اتهام لن يحل مشاكل الافلاس السياسي للحكومات المتعاقبة وإن من شأنه ان يزيد حدة الآرباك ،والضبابية ويخلق وعيا جمعيا تحكمه المغالطات وتستمر فيه مسلسلات سجال لتاريخ الثوترات وقس على ذلك كذلك في بلد الجزائر من تعليق كل المشاكل والاضطرابات في عنق المغرب ، وهذا مما لاتحمد عقباه وقد تؤدي الى احتقان اجتماعي لاقدر الله ولاشك انها حكاية قصيرة و ستنتهي … ولقد اشار ملك البلاد حفظه الله في خطابه الاخير بقوله :”أما يخص الإدعاءات التي تتهم المغاربة بسب الجزائر والجزائريين ،فإن من يقومون بها بطريقة غير مسؤولة يريدون إشعال نار الفتنة بين الشعبين الشقيقين ،وإن ما يقال عن العلاقات المغربية الجزائرية غير معقول ويحز في النفس ،ونحن لم ولن نسمح لاحد بالاساءة لاشقائنا وجبراننا” 2 ..وهو إخلاء الذمة السياسية من الافعال المسيئة للبعض بقوله “لم ” وتعهد بالتزام اخلاقي بعدم السماح بذلك بقوله “ولن “،مع تشبت قوي من الخروج من هذا الوضع الى افق أحسن يطبعه الصفاء اذ يقول :وبالنسبة للشعب المغربي ،فإننا حريصون على الخروج من هذا الوضع ،وتعزيز التقارب والتواصل والتفاهم بين الشعبين “3 ،ولن يتم هذا اذا لم يعي الشعبين اكراهات وتحديات الحاضر والمستقبل ،بل لن يتم اذا لم تتوقف سيول الاساءات التي تتقنها جردان المستنقعات من رواد شبكات التواصل الاجتماعي… لذا يهيب ملك المغرب حفظه الله بالمغاربة “مواصلة التحدي لقيم الأخوة والتضامن وحسن الجوار التي تربطنا بأخوتنا الجزائريين “4 .. إن التحديات الاقتصادية، وتقلباتها الكبرى نتيجة الاوضاع العالمية، وسياسة السوق العالمية الحرة ،والنوازل الطارئة على العالم بما فيها من أوبئة وحروب لدرس كاف للبلدين في التعاون المشترك لضمان أمنهم واستقرارهم وتعايشهم المشترك في جو تطبعه علاقات الود وحسن الجوار، وكذا ازالة العراقيل لضمان مستقبل طاقي ومائي ومشاريع اقتصادية واراش كبرى لاتمنعها الحدود وتستطيع ان تقف امام الاكراهات والتحديات … ولنا نستفيد درسا ونموذجا من شعب دولة قطر، نموذج من الوعي والرقي في التعامل مع كل مرحلة .قطر دولة عاشت مقاطعة وحصارا من دول اشقاء تحالفوا وتكالبوا عليها ،ووضفوا في ذلك كل جهودهم من مفكريين وفنانين واعلاميبن ومستتمريين ،…التزمت قطر شعبا وحكومة وشعبها صمت الحكمة والصبر امام الادعاءات والهجمات والمضايقات ،…لم يتنيها ذلك عن موقفها …عاشت ذلك لسنوات اشتغلت فيها على جلب الاستمارات لبلدها والبحث عن شركاء موثوقين ،ولم يتزعزع شعب بلد صغير امام هذا الوضع ولاضاقوا ذرعا بالتعامل الجيد مع المهاجرين من اصول البلدان المتحالفة عليهم …بعد سنوات خرجت قطر منتصرة، ولم يسجل التاريخ عن حكومتها وشعبها اي اساءة لبلدان التحالف، …وعاد الكل يطلب ودها ،بينما ازداد حجمها قوتها الاقليمي سياسيا واقتصاديا ،وهاكم مثالا واحدا اسطولها الجوي وخطوطها الجوية العالمية اصبحت اليوم تنافس كبريات شركات الطيران و كانت ملاذا وحلا لمشاكل الكثير في الدول في عز وباء كوفيد 19 وهاهي اليوم (18 رحلة يومية الى 13 وجهة لأمريكا..)…وما كان لها ان تنجح لولا وعي شعبها وحكومتها ووضوح الرؤية السياسية ….. ان الوعي والمروؤة السياسية التي يجب ان يتحلى بها كل من المغاربة والجزائريين ،لجديرة بان تعمل لصالح صفاء الرؤية لذى القادة والسياسين وقدرتهما على التفكير الجدي لمستقبل البلدين بقوة تجعلهما معادلة بأرقام مضبوطة لها وزنها اقليميا ودوليا ،اما المزايدات والاتهامات والتلفيقات فماهي إلا معاول هدم لايستفيد منها إلا عصابات المرتزقة ومن يستعملهم بان لاتقوم لوحدة شمال افريقيا قائمة ..