تقدير الإنسان خصلة لا يمتلكها كل إنسان.
فقط الكبار، كبار العقل، الذين بلغوا مقامات عالية في الرقي، وسمو في التفكير، وحدهم يولون للانسان ما يستحق من تقدير، مهما على شأنهم، حسبهم أو نسبهم.
سمو الأمير مولاي هشام، أمير تقاسم وجبة الإفطار في أمريكا مع مواطنين من عامة الشعب، احتسى معهم كأس شاي في الهواء الطلق، استقبلني في إقامته الرسمية بالرباط… أكاديمي مثقف، حفيد ملك، وابن أخ ملك، وابن عم ملك، ولا يجد في نفسه حرجا أن يشعر إنسان من عامة الشعب في حضرته أنه إنسان.
التقيت بالوزير السابق الرباح، والداودي وبوليف في مونتريال، والتقيت بالوزير بيرو في مكتبه… قسما عظما، إنهم جميعا على ملة واحدة، يشعرونك أنك قادم من وراء الشمس، تصدقوا بوقتهم الثمين على شخص لا هو من بيئتهم ولا من مستواهم. هم الأسياد، وأنت في حضرتهم عبد من العبيد. الكثيرون من بين ساستنا سوسة تنخر اللحمة في الوطن، باستثناء بعض الإداريين ورجال الدولة الراقون في تفكيرهم وتعاملهم مع المواطنين.
هنا يكمن الفرق بين السواد الأعظم من الكنديين، والكثيرون في بلدنا الحبيب، الكنديون يجعلونك تشعر بالفخر عند ملاقاتهم، والآخرون يجعلونك تكره نفسك لأنك التقيت بهم.
يقول أحد الأقرباء، إن الكبار في بلدنا أيضا يقدرون الانسان، ويتواضعون عند ملاقاته لهم، وأنا لا أشك في ذلك، الكبير يبقى كبير في أخلاقه، أما ساستنا وبعض الإداريين في بلدنا، فشأنهم شأن البالون الممتلئ بالهواء، منتفخون بهواء يتبدد بمجرد فقدانهم للمنصب، يذبلون ويتساقطون كما يسقط البالون.
الله يبعد علينا تريكت المشتاق الى ذاق، ويلاقينا مع النفوس الشبعانة، مع المتصالحين مع ذواتهم.
عبدالرحمان عدراوي
من مونتريال كندا