هل أصبحنا نعيش عصر الانحطاط الصحافي الذي أسميه شخصيا عصر الانحطاط الأخلاقي، ما دام اعتقادي الراسخ أن الصحافة أخلاق قبل أن تكون مهنة.
أشخاص ومؤسسات يعملون علانية تحت يافطة “الصحافة” والإعلام، باتوا من رواد التشهير والابتزاز المعنوي والانخراط في ولوج عوالم الحيوات(جمع حياة) الشخصية لكل من لا يتفق والروايات الرسمية… بل وصار تخصص العديد منهم هو “تغراق الشقف” لكل من له حسّ نضالي حقوقي؛ أو توجه معارض أو غير موالٍ لجهات معلومة.
لقد عشتُ وعايشتُ صحافة ملتزمة بعيدة عما نعيشه اليوم، عرفتُ فيها النضال بالكلمة، وتعلمتُ المهنة والحِرفة دراسة وتجربة متفرّدة بعيدة عن اللاأخلاق المهنية في مجال ستظل الأخلاق رأس ماله الأول والأخير..
قضيتُ الآن 29 سنة بين الدراسة والعمل والتكوين والتدريب في مهنة “المتاعب”، وعشقي الأبدي لمهنة أومنُ بأنها لن تكون كما أراها بدون أخلاق وبدون كرامة.
للصحافة قِيم مهنية، تتمسك بالحقائق وتحترم إنسية الإنسان.. للصحافة مبادئ من بينها احترام الخصوصية والاحترام الواجب لحرية الرأي والتعبير، كيفما كان توجه أو نوع ذاك الآخر في احترام تام للقانون دون العبث ببنوده .
إن التجاوزات التي بتنا بصددها اليوم تجعلني أجزم أننا نعيش عصر الندالة عندما يسمح البعض لنفسه الغوص في الحياة الخاصة للآخرين، والعمل على استقبال الأوامر وتنفيذها للتشهير باسم “الصحافة”، والصحافة بعيدة كل البعد عما أضحت عليه مؤسسات اشتهرت بتوجهاتها التي تفيض عليها الملايين إن لم تكن الملايير، دعما ماديا ومعنويا، بل وحتى سلطويا! وأضحى خطها التحريري بتوقيع من تعلمون خلف الكواليس..
مضايقات ومحاكمات وانتهاكات حقوقية وتجاوزات قانونية وخروقات مسطرية..
أنا لا أنزه الصحافي عن الخطأ، لكن المتهم بريء حتى تتبث إدانته بقضاء نزيه ومستقل!
ولا أتهم المسؤول كيفما كانت درجته من المسؤولية أو مرتبته.. لكن حرية واستقلالية القضاء تكون هي الفيصل الحقيقي في كل الملفات؛ دون محابات أو تمييز.
الصحافة في الأصل روح المجتمع، نبضات قلبه المعبرة عن مآسيه المدافعة عن حقوقه بعد إبرازها للعلن.. الصحافة “تحقيق” ميداني أخلاقي بعيد عن كل مصلحة ذاتية.. الصحافة مهنة راقية لا يقبل بها سوى من كان ضميره حيّ يقظ، ذو كرامة لا تسمح له ممارسة “البيع والشراء” في أعراض الناس وفي حياتهم الشخصية والعبث بها لأجل عيون شخص أو جهة ما!
التشهير والابتزاز.. صحافة لا تشىرفني، ومن يبتغي ذلك سبيلا؛ لا يمثلني.