ويستمر الخبز الحافي في ظل التدبير الأعرج


خيوط تماس
صعب أن يعيش الشعب تحت صدع الجوع مرتين , مرة تحت سياسة التفقيروالتجويع  ليجد نفسه ساكتا صامتا قابلا على نفسه الخضوع بكل خنوع . ومرة أخرى  أفقر في ظل جائحة غادرة ظالمة مستقوية ألزمته المأوى كرها دون تدبير مسبق يعيل به أهله بعد حجر لم يكن في الحسبان , فرغم  التفقير والحجر لن يزيدا إلا في انتظار اليوم الموعود أمام مَلَك الموت وإزهاق الروح وعودتها لخالقها مرضية ومطمئنة , رحم الله أمواتَ قَهْرونا وكورونا .
الألم أصبح ألمين , والذل زاد مرتين والقهر داخل البيت أصبح  قبرا جماعيا تحكمه جدرانه التي امتلأت بالأنفاس المتقاطعة , المكسوة بالهلع والخوف من الشبح ومقصلته وفي المقابل عيون أطفال تترقب قشرة خبز حافي تخفف من وجع البطن ولو بعد حين .
فالحجر الصحي ليس حجر متشابه على العموم , فما يعيشه  بوشعيب  داخل الحي الشعبي ليس حجر ما يعيشه  سيدي جواد في بيته الفاخر داخل الحي الراقي ولا الحاج أمين بقصره ورياضه , كل وحجره , لكن العامة  تعيش على ثقل الصخر والحَجَر وبنيان هش يذكرنا بالمنازل الآيلة للسقوط  وذكريات مؤلمة بمشاهد الرعب لأجسام تحت الأنقاض دمرها التهميش وغياب المراقبة والتماطل والتسويف وعدم المسؤولية التي تكاثرت واستقوت في إطار المحسوبية والصحوبية والزبونية الحزبية .
شبح الجائحة السوداء غزانا بدون سلاح ولا جنود , فوجد شعبا لايشبه الشعوب , عائلات قليلة على هرم الإثراء , أغنياء بالمال والمشاريع واستحواد على مناصب سياسية وتمركز على كراسي القرار . وبقية الشعب تنعم بالإفلاس , تنتظر المعونة والقفف  والمساعدات, وأجيال صنعت تاريخ ومجد البلاد بسواعدها تحمل خبزا حافي والأسمال , معانقة  القهر وكل أنواع الإكتئاب , وشباب لم يجد العمل رغم نيله الشهادات  فسبحان الله لم نعرف كيف حصل على المخدرات والحراسة  على الحدود ومن داخل الجهات .
فمن البيت الشعبي , فالحجر الصحي في هذا المربع يُزيح الستارعلى  خبايا الأسرة الواحدة التي تعيش على إيقاع الفقر والتهميش والبحث عن قشرة رغيف محروقة  , يكتشف الأب  أن إصرار الإبن على حضر الحجر رغم قوة قانون الطوارئ  ليس بالبريئ  بل إنه مدمن على المخدرات , فهل يعالج فلذة  كبده الذي انتظر الوظيف بعد دبلوم للدراسات العليا  أم يشتغل يومه من أجل لقمة العيش التي ينتظرها إخوته بوعزة والسعدية اللذين لم يحالفهما الحظ من متابعة الدروس عن بعد  .
فهل البيت الذي لازالت فيه ” الخابيا ” و” الحصير” يتوفر أصحابه على حاسوب أو تلفون وأنترنيت ؟ فيكفي أن جلول درس على إنارة الشموع ونال الشهادة العليا ليست بحوزة بعض الوزراء ولا بعض البرلمانيين ولا بعض أمناء الأحزاب  حظه العطالة .
فالخبز الحافي ألم ومعاناة لكن يصنع الرجال .
أليس فيكم حكيم  يعيد للحق قدره , ولا  راني غير داوي
فاصل ونواصل
حسن أبوعَقيل