نعتقد أن الأحزاب لا زالت تمارس حقها الدستوري بكل أمان وسلام رغم فقدانها ثقة المثقف والجيل الجامعي وشباب الأندية الثقافية ودور الشباب لكونها تكرس دور الإستقطاب للعنصر البشري واستغلاله كصوت يوم الإقتراع ,ثم الركوب عليه من خلال منبر البرلمان مستغلة جهل الأغلبية وأمية الناس لمايجري ويدور داخل المربع السياسي ومطبخ تدبير الشأن العام الوطني .
فإذا كانت الساحة السياسية أصبحت فارغة من محتواها , فإن العمل الحزبي لازال يواصل نشاطه المعتاد بخارطة طريق توظف للحملة الإنتخابية بنخب هزيلة المستوى السياسي لكنها قوية في مجال تخدير الجاهل وضمه إلى صفوفها وتوقيع إمضائه من خلال دفع واجب الإنخراط مقابل بطاقة عضوية ومناداته بالمناضل … ويبقى المشكل العويص أن هذا المنخرط يعتقد أنه حصل على بطاقة المرور تسمح له بالوصول وقضاء مآربه أو تحقيق مطالبه متناسيا أن الرابح في الحزب الذي ينتمي إليه هو المكتب السياسي وفي مقدمته أمينه العام وما دون ذلك حلم وأوهام وخيال .
الأحزاب السياسية لم تحقق أي شيء للمواطن على طول فترتها التاريخية , فأحزاب تسببت في سجن مناضليها وأخرى إنتصرت لإرادتها على ظهر المنتمين للون الحزبي وهي التي تنعم اليوم بمناصب المسؤولية وتتبادل الحقائب وتحقق زواج المتعة مع بعضها من خلال الإئتلاف والتوافقات وتدفع بمنخرطيها نحو الصفوف الأمامية لتجسيد الفعل الديمقراطي الذي تفعله داخل المسيرات الإحتجاجية والوقفات السلمية وكذا مؤتمراتها التي تدبر بالمال العام أي من خزينة الشعب دافع الضرائب .
فما يجهله المواطن أن بانخراطك داخل حزب ما , فإنك كشفت عن هويتك وأصبحت كتابا مكشوفا في كل تحركاتك لكونك مقيد بحركة حزبية صبغتك بلونها وخطها السياسي وأصبحتَ تحت المجهر والمراقبة تسهيلا لمأموريات كان يقوم بها أعوان السلطة من مقدمين وشيوخ ووووووو. ولهذا أصبح من الواجب عدم وعي المواطن بما يجري ويدور داخل هذه الأحزاب لأن في ذلك نهايتها كما هي اليوم ظهور لبنات السقوط في عديد من الأحزاب التي أخدت حقها من ضرع تدبير الشأن العام .
فتقبيل يد الأمين العام أو ما يقوم به من تقليد لملك البلاد في ذبح أضحية العيد مثلا أو إستقبال أعضاء الأجهزة الحزبية أمر لا يطاق وكأن الأمر يجرنا إلى تاريخ العبيد والجواري والوقوف أمام فرعون علما أن الأمين العام ليس إلا بشر لا ينبغي تأليهه لدرجة العبودية ولو كان بيده منصب شغل أو يهديك شقة مثلا او كان صاحب النفوذ ويبقى الأمر لله للخالق عز وجل هو الرزاق الكريم وزالقوي الجبار .
على المواطن أن يفكر جيدا قبل انخراطه في أي حزب وأن يجعل أولوية الإنتقاء تخصه بالدرجة الأولى , وأن يفكر ألف مرة خير من ضربة مقص كما يقال , فلا تتسيس إلا وأنت راض بمبادئ الحزب وجوبا أن تعيد قراءة تاريخ الأحزاب حتى يتسنى لك الإختيار الحقيقي للإنتماء او الرجوع خطوة للوراء أي تبقى مستقلا وبعيدا حرا طليقا .
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل