من حق أي فرد من المجتمع المغربي أن ينتقد أي مشروع تتقدم به الحكومة أو يساهم في تقديمه البرلمان بغرفتيه , فإذا كان العقل حاضرا فأمام وزير العدل والحريات من انتقد الآيات القرآنية ومن أراد تغيير آيات الإرث والإجتهاد في التوابث مسا بالدين الإسلامي الذي ترعاه مؤسسة إمارة المؤمنين وتحفظه الفصول الدستورية ولا من يحرك ضد هؤلاء أي دعوة قضائية (…)
فمن هو البرلماني , ومن هو الوزير , وماهي مشاريع قوانين السلطة القضائية أمام آية من آيات الذكر الحكيم ؟
فإذا كان المغاربة يعيشون البين والفراق وعدم التقة في مؤسسة دستورية تشريعية كالبرلمان , فعلى وزارة العدل والحريات ألا تأخد بما يقال داخلها مادام هؤلاء النواب هم نواب للأمة , والشكايات التي تفضل بها بعضهم ضد القضاة الذين أدلوا برأيهم خارج ملعب المحاكم وبعيدا عن الصفة المهنية أمر يعاب على من رفع الشكاية ومن عمل بها فإجماع المغاربة على أن الكثير من البرلمانيين ليسوا في مستوى نيابة التقة فشكاياتهم تعتبر لاغية تدخل في أبواب لا داعي لذكرها حتى لا نحرج كثيرا منهم .
فإذا كان تعليلهم – رافعي الشكايات – بأنهم نواب للأمة فالواقع يفند ذلك لأن الشعب لا يصوت على أحزاب الذل والعار وأن البرلمان لا يمثل إلا الأحزاب السياسية وليس باقي الشعب دون انتماء سياسي إلى جانب أن 5 ملايين مغربي مهاجر لايصوت فأين التمثيلية ؟
الأمر الثاني أنه من واجب الوزير الذي توصل بشكاية البرلمانيين عليه أن يفصح عن أسماء المشتكين والمتضررين مادامت الشكاية غير مجهولة والدليل تصريحات الوزير بأن المعنيين بالشكاية هم برلمانيون (…) فأين الإحراج في الكشف عن أسماء هؤلاء حتى يتمكن الرأي العام من معرفة هوية هؤلاء هل هم من البرلمانيين المختفين أم من البرلمانيين اللي كيسرحوا العيا داخل البرلمان وينامون أم ممن كانت لهم سوابق قضائية أو ممن تدربوا على التصفيق أم من خيرة البرلمانيين داخل المجلسين ؟ فمن حق القاضية التي تم الإستماع إليها من قبل المفتشية العامة ومن حق دكتور محمد الهيني معرفة تجلي التصريح السياسي ومكامنه ومن حق الأمة المغربية أن تعرف الأسباب الحقيقية لمسلسل الصراع القائم بين الوزارة وقضاة التغيير والتصحيح قضاة الفصول الدستورية 111 و175 .
فإذا كانت الحكومة قدمت مشاريع قوانين السلطة القضائية التي تراها صالحة لإصلاح منظومة القضاء وتقويم الإنزلاقات الحاصلة في العدالة المغربية و في شكلها ومضمونها وأجهزتها فكثير من البرلمانيين يجهلون القوانين وليست لهم دراية بما ينفع الناس في الأحكام فالبرلمان مليئ بنواب يتهجون الكلمات ويتمتمون في إخراج الألفاظ ولا يفقهون ما يقولونه رغم ما كتب لهم من أجوبة وأسئلة بمعنى أن الصلاحية في رسم خارطة إصلاح منظومة القضاء هم رجال القضاء وانتقادهم – القضاة – للمشاريع القوانين ليس جريمة يعاقب عليها القانون لأن الجريمة الحقيقية هي أن تمر قوانين في البرلمان تعاكس إرادة الملك و الشعب في منظومة عادلة لا ترقى لاستقلال القضاء واستقلال القضاة في الأحكام وإلا ما تحدث بعض البرلمانيين عن ” دولة القضاة ” الفزاعة التي حاول بعضهم تخويف الجهات العليا وإقناع المسؤولين باتحاد القضاة وتكريس استقلاليتهم (…)
نضال القضاة من أجل مشاريع قوانين تنهض بعدالتنا إلى مصاف القضاء الديمقراطي هدف سامي تبنته المواثيق الدولية وتبنته السياسة الرشيدة للملك محمد السادس من خلال جميع خطبه السامية فمن يريد تفريغها وتفريغ تعليمات أعلى سلطة في البلاد من محتواها فهل الإنتقاد يصبح في عهد الوزير مصطفى الرميد تصريح سياسي ؟ وحتى لو سلمنا بهذا الإتهام فهل الرأي السياسي كرس داخل محكمة من محاكم المغرب وهل تداوله صاحبه في حكم أو إجراء قضائي الرأي رأي يعود بكل حرية لصاحبه مادام الأمر يدخل في تعبير عن الرأي بالإضافة أن مشاريع القوانين ليست بقرآن منزل .
فعندما يكون لنا برلمان يقوم بدوره وليس كما قال عنه جلالة الملك الراحل الحسن الثاني أنه ” سرك ” وأن الملك محمد السادس شبهه ب” حلبة مصارعة ” ساعتها يمكننا أن نصفق لمن يمتلون الشعب لكن هيهات مادام الإجماع على السماح بمن لا يحمل شهادة البكالوريا أن يمثل الأمة وفي ذلك العجاب .
فما فائدة الفصل 111 من الدستور إذا كان حق القضاة مهضوم التكريس ؟
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل – صحفي