خيوط تماس
فعلا وجب الترحم على القامات الفكرية التي ساهمت بالرأي وأنعشت الثقافة المغربية وقدمت الكثير للشباب وأعطت نسلا ذهبيا تموقع داخل موائد الحوار بأطباق دسمة غدت الفكر وعيا وعززت الساحة بمؤلفات في مختلف الميادين وتبنت منابر إعلامية بأقلام جادة قدمت خدمات للبلاد والعباد داخل المغرب وخارجه تجسدت ملامحها على أرض الواقع بأنشطتها الإشعاعية من خلال الندوات والمحاضرات والأدب والشعر والمسرح وأستثني السينما المغربية طبعا لكونها لم تكن متألقة رغم وجود ممثلين أكفاء .
اليوم نعيش أزمة حقيقية , فأصبحنا نعيش بين يميننا ويسارنا تهافة مطلقة بدون حسيب ورقيب , تفاهة في كل الميادين , تفاهة أجهزت على المثقف والمبدع , على الأستاذ والمربي وعلى الصحافي , تفاهة أجهزت على القانون وعكرت صفو الحياة العادية , تفاهة صنيع تدبير أعرج لا يفكر إلا في مناصب المسؤولية , تفكير مناسباتي ولحظي دون عطاء , لا ينظر إلى الشعب إلا في الحملات الإنتخابية باعتبره صوت معبر يوم الإقتراع , ليس لنا نخب سياسية لكون السياسة التي تنهجها هذه المؤسسات سياسة لا علاقة لها بالسياسة الأكاديمية والجامعية ولا الدولية , سياسة فذة وفريدة من نوعها تدار بحكمة المكر والمال وبنوع خاص من رجال الأعمال , سياسة تستقوي على الفقير وتجعله في مواجهة القضاء والأحكام .
التفاهة مسرحية جديدة تخلق الصراع الطبقي على ركح الحياة اليومية , تأليف في إطار تحالف حزبي مُكونٍ للحكومة بإخراج جماعي تُسخَّر له مقاربة أمنية لجعل الجمهور يتابع العرض من فتح الستار إلى إغلاقه بالتصفيق ساعة التصويت , وهكذا يعيش الشعب بلغة التلقين من ولاية إلى ولاية أخرى ولا يحق لأي كان أن يعبر عن رفضه أو الإدلاء برأيه أو حمل أي شعار مضاد او مطالب إلا إذا كان الفرد ممثلا مرصودا داخل القاعة مكسرا المجال المسرحي أو ما يسمى بلغة شيكسبير تكسير الجدارالرابع , حتى يتسنى للرأي العام الخارجي الإعتقاد والإيمان بالديمقراطية والحريات لكن الحقيقية تمثيل في تمثيل , وهذا ما جعلنا لا نفلح في المجال التنموي بجميع أشكاله … والخسارة القادمة الجيل الجديد والقادم الذي نراهن له على أي مستقبل له أمام التفاهة المطلقة والتي تحضر بقوة فاعل , وتفرض نفسها في وسائل الإعلام الرسمية من خلال برامجها والعبث أن الشعب يؤدي الفاتورة كرها حتى يستمر القطب العمومي في مسيرته دون السؤال ودون الإحتجاج مادامت اللامبالاة قائمة والتفاهة حاضرة .
حكوماتنا اليوم لا تعر أي اهتمام للمثقف ولا للمفكر ولا للأديب ولا للشاعر ولا للأندية ولا لدور الشباب همها دعم المهرجانات الغنائية لفرق أجنبية حتى يموت غيضا الفنان المغربي الذي وهب نفسه لخدمىة الفن رافعا الراية المغربية يجد نهايته منصوبا على الأرض لا يجد حتى ثمن كفنه وكثير من الأخيار من طينة الفكر رحلوا وهم يحملون غصة اليأس من أجل أمل التغيير والتصحيح .
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل