مذكرة لنادي قضاة المغرب حول مشروع قانون 33-17

إن نادي قضاة المغرب؛ اعتبارا من كونه جمعية مهنية مواطنة تروم المساهمة في تطوير الأداء التشريعي بما يخدم المصلحة العليا للمواطن و الوطن؛ و اعتبارا لكونه يسعى إلى الرفع من النجاعة والفعالية التي يضطلع بها القضاء من أجل ضمان ظروف أمثل لحماية حقوق و حريات الأفراد و الجماعات؛ و اعتبارا لكونه جمعية فاعلة معبرة عن قاعدتها التمثيلية من جمهور القضاة و القاضيات و مترجمة لتوجهاتهم و اختياراتهم؛ و نظرا لكون نادي قضاة المغرب يعتبر نفسه جهة معنية بالقرار التشريعي متى كان مرتبطا بحقل العدالة و متصلا بشأن القضاء؛ و لأنه يهدف إلى التفعيل الحقيقي و الواقعي للأهداف التي سطرت في الفصل الرابع من نظامه الأساسي، من خلال كافة المنابر و كل المناسبات؛ فإنه يرى أن يبسط ملاحظاته حول مشروع القانون المتعلق باختصاصات رئاسة النيابة العامة وقواعد تنظيمها ، من خلال الورقة التالية التي ارتأى أن يقدمها وفق الآتي  :

ملاحظات نادي قضاة المغرب على مشروع قانون 33-17 المتعلق باختصاصات رئاسة النيابة العامة  وقواعد تنظيمها:

–  أولا : الاطار القانوني :

المادة 43 من القانون التنظيمي المعتبر بمثابة النظام الأساسي للقضاة التي تنص على ما يلي:” تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 110 من الدستور، يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها وفق الشروط و الكيفيات المحددة في القانون “.

في البداية لا بد من التنويه بالتوجه الملكي السامي  و المعبر عنه خلال اجتماع المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 29 رمضان 1430 و الذي أوصى من خلاله بضرورة توفير مقر يليق بالنيابة العامة باعتبارها من مكونات السلطة القضائية ، فضلا على توجيهه بضرورة الإسراع بإخراج القانون المنظم لرئاسة النيابة العامة ، ليواكب مرحلة استقلالها عن وزارة العدل .

و معلوم أن نادي قضاة المغرب كان سباقا للمطالبة باستقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية من أجل ضمان مساواة جميع المواطنين امام العدالة ، و ذلك عبر اطلاقه لوثيقة تاريخية  بتاريخ 5 ماي 2012 جسدت رؤية القضاة بالدفاع الجماعي عن مكتسبات دستور 2011 .

ثانيا : محتويات المشروع :

و بالرجوع لمشروع   قانون 17-33  و المتعلق باختصاصات رئاسة النيابة العامة و قواعد تنظيمها يتبين أنه يتضمن 11 مادة  ، تتضمن أحكاما عامة (المادتان 1 و 2) ، و اختصاصات رئاسة النيابة العامة (المادتان 3و 4) ، و تنظيم رئاسة النيابة العامة ( من المادة 5 الى المادة 8) و احكام ختامية من (من المادة 9 الى 11).

ثالثا: ملاحظات و توصيات :

في البداية يسجل نادي قضاة المغرب ان هذا القانون لم يحظ كغيره من القوانين بالدراسة الكافية وتحقيق حد ادنى من المقاربة التشاركية واخضاعه للنقاش العام.

فيما يتعلق بالمادة الأولى :

بعد الاطلاع على مقتضيات هذه المادة و التي تتعلق بممارسة الوكيل العام للملك بصفته رئيسا للنيابة العامة  اختصاصاته طبقا لأحكام هذا القانون  و النصوص المتخذة لتطبيقه ، يتبين أن الجزء الأخير من المادة المذكورة علق كيفية تطبيق اختصاصات رئاسة النيابة العامة على صدور نصوص تطبيقية ، رغم أن مقتضيات المادة 45 تنص على أنه:  يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها وفق الشروط و الكيفيات المحددة في القانون .

و بالتالي فان تنظيم كل الجوانب المتعلقة بتنفيذ التعليمات الكتابية و القانونية يجب أن يكون بمقتضى قانون .

و عليه فان النادي يوصي بحذف عبارة و النصوص المتخذة لتطبيقه و تنظيم كل الجوانب بهذا الموضوع في صلب هذا القانون.

فيما يتعلق بالمادة الثانية :

ان نادي قضاة المغرب يسجل ان مقتضيات هذه المادة لا تتعارض مع مقتضيات المادة 25 من القانون التنظيمي المعتبر بمثابة النظام الاساسي للقضاة ، و التي تنص على أن قضاة النيابة العامة يوضعون تحت سلطة و مراقبة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ، و رؤسائهم التسلسليين.

فيما يتعلق بالمادة الثالثة :

ان حلول الوكيل العام للملك محل وزير العدل في ممارسة سلطته على النيابة العامة و على قضاتها بما في ذلك اصدار التعليمات  و التوجيهات اليهم طبقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل يقتضي  توضيح مجالات  ممارسة هذه السلطات ، و ذلك بالنص صراحة على حقه في  تبليغ ما يصل الى علمه من مخالفات للقانون الجنائي  ، و أن يأمر أعضاء النيابة العامة بمتابعة مرتكبيها  و أن يرفع ما يراه مناسبا من ملتمسات كتابية ، دون أن يمتد ذلك الى الأمر بعدم إجراء الأبحاث و التحريات و الملاحقات القضائية ، “و خاصة ما يتعلق بملاحقة المسؤولين .. قانونيا عن الجرائم المرتكبة و لا سيما جرائم الفساد و استغلال النفوذ و الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان” ، (وفق ما هو منصوص عليه في توصية مجلس اوربا رقم 19 لسنة 2000 بشأن دور النيابة العامة في نظام العدالة الجنائية).

و النص على حق قاضي النيابة في تقديم ملتمسات شفوية بالجلسة بكل استقلالية وفقا لقناعاته و ضميره ، على ضوء معطيات كل قضية من القضايا المعروضة على المحاكم .

فيما يتعلق بالفقرة الثانية من المادة الثالثة :

فان نادي قضاة يشدد على أن قيام رئاسة النيابة العامة باختصاصاتها القانونية يتطلب الرفع من مجال  شفافية الاجراءات البينية داخل مكوناتهاوذلك لتدعيم مجالات المساءلة و المحاسبة و احترام قواعد الشفافية و الحكامة المؤسساتية  في عملها .

و ان عدم اعتماد اجراءات  شفافة سيؤدي الى قيامها بوظائفها بشكل غير سليم  في مجال العدالة الجنائية على الخصوص.

و لهذا فان نادي قضاة المغرب يقترح ضرورة ربط قيام رئيس النيابة العامة بممارسة المهام المحددة في هذه الفقرة يقتضي  التنصيص على نشر جميع التعليمات ذات الطبيعة العامة ، و في حالة اعطاء تعليمات في قضية بعينها  فان نادي قضاة المغرب يؤكد على وجوب ان تكون التعليمات كتابية  و قانونية ، و ذلك باعتماد  التسلسل الاداري ، و الاشارة الى تلك التعليمات في جميع ملتمساتها و مذكراتها المقدمة للمحاكم و الهيئات القضائية.

فيما يتعلق بالمادة الرابعة :

ان نادي قضاة المغرب يؤكد أن ما تضمنته هذه المادة يبقى مخالفا لمقتضيات المادة 80 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية ، و التي  جعلت  اختصاص اقتراح او تعيين احد القضاة لشغل منصب بهيئة او لجنة من اختصاص المجلس الاعلى للسلطة القضائية ، و يبقى للوكيل العام  تقديم مقترحاته كباقي الاعضاء بهذا الشأن.

لهذا فان اقتراح او تعيين احد قضاة النيابة العامة  المدعوون لشغل لجنة او هيئة من طرف الوكيل العام للملك يبقى مخالفا لمبدأ وحدة تدبير وضعيات القضاة – الحكم و النيابة العامة – من طرف المجلس الاعلى للسلطة القضائية ، و يشدد على مطالبته بالغائها للعلل الواردة أعلاه.

فيما يتعلق المادة الخامسة :

ان نادي قضاة المغرب يعتبر أن توفير بنيات مالية و ادارية و ثقنية لرئاسة النيابة العامة تعتبر من المقومات الاساسية لاستقلالها عن وزارة العدل و الحريات ، كما يساعدها في القيام بوظائفها الدستورية في حماية حقوق و حريات المواطنين و امنهم القضائي.

و يبقى الاحالة على الشروط و الكيفيات المحددة في النظام الاساسي لموظفي المجلس غير واضحة ، و ذلك لعدم صدور هذا الاخير لحد الان .

و بخصوص النص على امكانية التعاقد مع خبراء خارجيين فان نادي قضاة المغرب يوصي بضرورة  النص على اعتماد اجراءات الشفافية المتبعة في ابرام الصفقات العمومية بوجه عام .

فيما يتعلق بالمادة السادسة :

ان المطلب بالاستقلال المالي للسلطة القضائية يعتبر من المطالب التي تدعم استقلال هذه السلطة ، كما ان قلة  أو نذرة هذه الموارد تنعكس بشكل سلبي على أداء السلطة القضائية .

و رغم ان  مشروع القانون نص على كون الوكيل العام هو الامر بالصرف ، و ان الاعتمادات المرصودة  للنيابة العامة تسجل في الميزانية العامة للدولة ، وأن هذه الأخيرة  تسهر على توفير العقارات و المنقولات اللازمة من اجل تمكينها للقيام بوظائفها .

فان نادي قضاة يشيد بهذا التوجه المحمود ، و يوصي بضرورة توسيعه ليشمل الادارة المالية لكل مكونات النيابة العامة ، و السلطة القضائية بشكل كلي مستقبلا .

 

وفي الختام فان نادي قضاة المغرب اذ يقدم هذه المذكرة  التفصيلية  حول نص مشروع القانون  المتعلق باختصاصات رئاسة النيابة العامة، فانه يسعى الى أن تشكل قوة اقتراحية في مجالات تهم المواطنين و العدالة في بلدنا ، و يروم من خلالها الرفع من ثقة المواطنين في السلطة القضائية

و اعضاء النيابة العامة، ويجسد روح الدستور القائمة على قيم المساءلة و المحاسبة و الشفافية.

المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب