خيوط التماس :
دأب البعض للإحتجاج أمام بوابة مجلس الجالية بالرباط ‘ على أساس أنه مجلس إنتهت صلاحية تدبيره ، ويطالبون بتجديد نخبه والقيام بواجباته المشروعة والتي تأسس من أجلها . فهل هؤلاء المحتجين لهم الحق في الإحتجاج على مجلس قانوني ، إختصاصه الإستشارة جنبا لملك البلاد ؟ وهل المجلس يمثل مغاربة الخارج ؟
كثير من مغاربة الخارج لا يعرفون دور مجلس الجالية ولا أهدافه التي أعطى ملك البلاد تعليماته لتأسيسه من أجل العمل على الإستشارة التي تهم مغاربة الخارج وحاجياتهم وقضاياهم العالقة لتكون ورقة تساعد الحكومة في تدبير هذا الشأن ذي الأولوية والعناية التي يوليها ملك البلاد لمواطنيه المقيمين بالخارج ، لهذا الغرض مكن جلالته المجلس بأن يكون جنبا له ، وليس مجلسا يمثل مغاربة الخارج .
فالعلاقة في هذا الإطار بين مجلس الجالية ومغاربة الخارج تكمن في نشاط الإستشارة وتبقى حريته في انتقاء الأنشطة التي يقوم بها بتنسيق مع الفاعلين او الجمعيات حسب أهداف المجلس في قانونه الأساسي .
فإذا كان المجلس لا يمثل الجالية فلماذا البعض يريدها فوضى فقط ، ويترامى على حرمة مؤسسة دستورية لها ما لها من حق اختيار أنشطتها على غرار باقي جمعيات المجتمع المدني ، وأي تدخل في شأن المجلس يبقى تطاولا على اختصاصاته ومسؤولياته وهذه سلطة العقل التي تتطلب توظيفها بدلا من القرارات المتسرعة ومحاسبة المجلس على ما ينفق من ميزانيته المعدة لغرض الدراسة والإستشارة من خلال البرامج التي يعود له الحق في ترتيبها واختيارها بقناعاته وليس بإرادة خارج عن المجلس ، وكل تقصير أو إخلال فالمسؤولية تعود للجهات المختصة في إطار المؤسسات المعنية والمكلفة بالإفتحاص والمراقبة ، وليس لكل من يكن العداء أو يجهل حقيقة هذا المجلس الإستشاري .
لماذا تقف احتجاجا بعض الجهات ضد مجلس الجالية ؟
الوقفة غير قانونية ، لا أتحدث هنا عن الترخيص ، علما أن الوقفات لا يتطلب لها ترخيص مسبق وكل مواطن له الحق في الوقفات بدون منازع ، لكن بما أن مجلس الجالية لا يمثل مغاربة الخارج فما هي العلاقة التي تسمح لهذه الوقفة الإحتجاجية ، وهنا كذلك أنه من الواجب تنزيل سلطة العقل قبل الشروع في وقفة باطلة ، ومن حق مجلس الجالية ألا يعطيها أي اعتبار ولو ارتفعت الحناجر بمطالبها لكونه المجلس غير معني إلا بما يسير وفق أهدافه التي تحتكم لقانونه التأسيسي والإحاطة التامة بإشكاليات الهجرة وهو مجلس حسب الظهير الشريف مستقل إداريا وماليا ، وحرص – الظهير – أن يكون المجلس خادما ليدلي برأيه في :
-المشاريع الأولية للنصوص التشريعية أو التنظيمية التي يتعلق موضوعها بشؤون الهجرة والقضايا التي تهم المغاربة المقيمين بالخارج؛
-التوجهات الرئيسة للسياسات العمومية الكفيلة بضمان حفاظ المغاربة المقيمين بالخارج على روابط متينة مع هويتهم المغربية وخاصة في ما يتعلق بتعليم اللغات والتربية الدينية والنشاط الثقافي؛
-الإجراءات الرامية إلى ضمان الحقوق والحفاظ على مصالح المغاربة المقيمين بالخارج، خاصة من يوجد منهم في وضعية صعبة أو هشة؛
-الوسائل الهادفة إلى حث المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج على المشاركة في المؤسسات ومختلف قطاعات الحياة على المستوى الوطني وتدعيم الأنشطة المنجزة لصالحهم؛
- وسائل تكثيف مشاركة المغاربة المقيمين بالخارج في تنمية قدرات بلدهم الأصل وفي مجهود التنمية البشرية المستدامة وتحديث المجتمع؛
- تنمية الاستراتيجيات الحديثة للتواصل والتفاعل والتعاون مع بلدان الاستقبال على المستوى الثقافي والإنساني والاقتصادي.
فليس هنا ضمن هذه النقط الرئيسية ما يؤكد التمثيلية ، لكن هناك علاقة في الأنشطة والخدمات التي تخدم المغاربة ويؤطرها مجلس الجالية من خلال فرق عمله المتنوعة
وأستغرب لبعض الوقفات التي لا تمثل مغاربة الخارج ، هي وقفات لبعض أفراد جاليتنا وهم على رؤوس الأصابع ويطالبون بحل المجلس وهم خارج هياكله ، ويتحججون بأن المجلس إنتهت صلاحيته ، ويتناسون بأن المجالس تبقى قائمة إلى أن يتم تعويضها كما جاء به الفصل 179 حيث تظل النصوص المتعلقة بالمؤسسات والهيئات المذكورة في الباب الثاني عشر من هذا الدستور، وكذا تلك المتعلقة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي وبالمجلس الأعلى للتعليم، سارية المفعول، إلى حين تعويضها، طبقا لمقتضيات هذا الدستور.
فلنحترم وعي الآخرين ولا نكون من الجاهلين ،
أما العبث فلا مكان له بيننا خاصة مغاربة الخارج تنعم بثقافة دول ديمقراطية تمرست ولها ما يكفي من تجربة بعد الإندماج والإنصهار داخل المجتمعات المتحضرة والمتقدمة ، وأن تكون في مستوى التغيير والتصحيح بآليات الحوار المتمدن وفتح نقاشات عمومية تحترم الإختلاف والرأي الآخر والإقناع ، وليس التجريح والسب والقذف وحناجر التمويه .
على الجالية أن تكون في مستوى موائد الحوار ، وأن تبحث عن الحلول التوافقية عندما تدعم بعض أفراد جاليتنا مواقف هذا المجلس أو من يختلف معه ، فلماذا نخلق الصراع عند الإختلاف بدلا من الجلوس من أجل حل قويم .
إن ما يفسد الود فيما بين مغاربة الخارج تلك الأخبار الزائفة ، والإشاعات الحارقة والتي يتغدى منها البعض دون البحث عن الحقيقة .
فاصل ونواصل
حسن أبوعَقيل