بقلم : منى عواد رفيع
للموت أوجه كثيرة…
الخيانة تنسى ولا تغفر يشدني اختفاء جمال خاشقجي والغدر الصارخ ، فأبعد تفكيري لأني لا احتمل تخيل رجل يعذب من اجل ابداء الراي ….و الإختلاف فيه. فاكتب عن سيدة قالت لي يوما انها احست بالموت من جراء الألم. في مدينة غير واشنطن العاصمة ذات يوم جلست مع سيدة حكت لي قصتها أذكرها بما قلته لها: إن الحب لا يقبل المزايدات .. و إن “أسمى أنواع الجمال ليس ذلك الذي يفتِنُنا على الفور، بل الذي يتسلّل إلينا ببطء نحملهُ معنا ونحن لا نكاد نشعر به” ويستمر للأبد . جالستني سيدة فقالت: سألها يوما ماذا تصنع إذا أصبح نجما يتسابق الناس نحوه… ماذا ستصنع إذا جاءت عذارى الجمال يفرشن دربه بالياسمين…؟ أحقا ستغضب لأنه اصبح ملك الأجمعين … ماذا ستصنع إذا عبدته العيون وأمسى فيها شعاعا من جنون …؟ تذكرت حينما حدثت نفسها كيف تعتريها موجة الشك اللعين بعد كل هته السنين؟ كيف تكفر بالرجل الجميل المتحدث عن الحب والمودة والرحمة و النزاهة في مدن القهر ..!!؟ أوقفها عن تساؤلاتها صوت المرأة الزائرة وهي تتحدث عن مغامراتها و تضحك بأعلى صوتها… لقد رددت هته المرأة إسمه أكثر من مرة و لاتدري أن الذي تتحدث عنه هو زوج من تشاطرها السر… زوج السيدة التي تستقبلها في بيتها … تسمع إليها بهدوء وكأن الأمر لا يعنيها… تعرض أمامها بتفصيل مغامرات رجل “منفتح” “غير متزوج” و”غير خاطب” “لا حبيبة” له منذ أعوام هكذا يقول … و لا تدري هته الضيفة أن البيت الذي دخلته اليوم هو بيت الرجل المغامر الذي يكلمها ويحاسبها ويلتقي بها . هذا البيت جلس في كل غرفة فيه … أكل وشرب ونام… وأن السيدة التي تحكي لها عن مغامراته هي حبيبته. ظلت “الزوجة” و “الحبيبة” جالسة بهدوء ثم تذكرت ماقالته له يوما : لا تقلق …لن أغضب إن إجتمعت كل النساء حولك … سأكون سعيدة لأني أنا وحدي أملكك… ولكن حديث هته الضيفة أكد شكوكها السابقة… وأخطاءه التي فضحها القدر. قالت لنفسها إن “الفنان” حتى وإن أمتلك إمرأة فهي لا تمتلكه… إن “زوجها” مصاب بعقدة “التشرد” … وعقدة النساء. ظنت يوما أن لها قدرة قوية تبدو في مدى تمكنها من ربط روح الفنان الشاردة بذاتها وتزويدها بالشحنة النفسية التي ليس الهدف منها فقط إحداث التوازن في شخصيته ولكن كذلك في تفجير إمكانياته الهائلة … إلا أنها فشلت في ضنها… قالت لنفسها “كم كنت ساذجة وغبية”… لا زالت الضيفة تتحدث عن مغامراتها … وتقهقه… والزوجة تتساءل ليث هته الضيفة تعرف كيف تمضي الأوقات بمن رأى النور فسار إليه … ثم خلال مشيته يأتيه عارض … يحدث الفوضى في الحواس … في عمق الأعماق … تتساءل الأحاسيس … هل ما كان بالأمس تابثا كالغصن أصبح أوراق شجرة تلهو بها الريح…!!؟؟ ليثها تعلم أن صاحبة البيت عادت لتتنفس من جديد لعل نور الليل يضيء… ثم إذا بالليل أسدر الستار … وإنتهى الأمر. ليثها تعلم كيف ترتشف العين الكيان، تنمو بالداخل الأمنيات ، تبني المدن داخل الفم ثم يقفل الكل…!! وإذا بالفم يحاول النطق وإذا بالشفاه التي إستقبلتها اليوم وقبلتها … تسد الأبواب … من الصدمة كادت نجمة تلك الليلة أن تصرخ …بل سقطت من بين طيات السماء وسقطت معها صاحبة البيت على كرسيها الأزرق… لا زالت تسمع …هذه المرأة الزائرة أكدت لها كل ما رأته عن زوج وحبيب ضنته يوما عاقلا محبا وإذا به عابث مستهتر بالنساء… قالت لروحها الحزينة إصمتي ولا تتكلمي … ما الصمت إنْ لم يكن القدرة الكاملة؟ ما الصمت إن لم نخفي به الجرح الدامي بالقلب؟ “ليث ضيفتي تعلم ما معنى أن لا أتحدث اليوم وأن ألبس للأبد حدادا على موت الحب والإخلاص ثوبا أسودا في زمن الغدر…!!! وإن فكرت في الصدمة يوما وضعت منديل طفلتي “رقية ” الأحمر على الرأس … لا لكي أعيد به الحياة ولكن ليموت كل شيء بداخلي.. أليس الأحمر هو لون الدم والموت..؟ ” هكذا قالت السيدة التي أردت اليوم أن أنقل لكم أصدقائي قصتها وهي أول قصة من قصص ” نساء في المهجر”
واشنطن العاصمة
14/10/2018
منى عواد رفيع