ماذا لو تحققت العدالة في الأرض ، وعاش المواطن والغفير عيشة الوزير وتمتع الصغير والكبير ببساط من حرير ، إنه سؤال المستحيل حيث تقبع المؤامرة والتخطيط المرير من قبل رجالات راكعة تخدم عصابات التدمير ، كوموندو تَجند لقطع الرؤوس وحز البطون ولطم الخذوذ وركل الظهور وبتر الألسن وإنزال السوط العسير .
ماذا لو تنازل مدبرو الشأن العام عن عجرفتهم وطمعهم وتخلوا عن الرذيلة وتحلوا بالفضيلة وأقروا بأخطائهم وتراجعوا عن إسرافهم واستقوائهم وتحكمهم وصححوا زلات لسانهم وأجابوا عن سؤال ملك البلاد أين الثروة حيث يستقر ميزان العدل .
لا يعقل أن جميع الدول تحسد المغرب عن موقعه الإستراتيجي وثروته الفلاحية والبحرية والترابية جزافا وهكذا ، إنها – الدول – تعلم جيدا أن المغرب بلد غني وتعرف أن المواطن يعيش الدونية بفقرها المدقع ومتأكد بأن المواطن لا يريدها فوضى ولا يريدها حمامات الدماء لأنه شعب وفي شعب الإستثناء لا يريد إلا كرامته والعيش السليم مما أعطاه الله من خيرات البلد .
لا يمكن الإستمرار في سياسة العبث وتجاهل مطالب المواطنين وإهدار حقوقهم والنصب عليهم من خلال انتخابات صورية هدفها تبييض الواجهة الديمقراطية ، في حين أن الأمة تعيش الإملاق والنكوص واللامساواة ، تعيش الذل والمرارة والإنحطاط ومقهورة على أمرها وهذا لا يعني أنها ضعيفة ولايمكنها الدفاع عن حاجياتها المشروعة بل قادرة على السير في كل المسارات قوية رافعة رأسها لكنها لا ترغب في الإنتقام إحتراما للمؤسسات خاصة المؤسسة الملكية والمؤسسة الأمنية .
فبعد محطة 2011 أخذ الشعب على عاتقه دفن الماضي أمام المكتسبات الدستورية بفضل نضال الشارع وتجاوب ملك البلاد وتعليماته للتصحيح والتغيير تكريسا للسياسة الرشيدة برؤيتها المسؤولة للإرتقاء بالشعب المغربي إلى مصاف الدول المتقدمة لكن الواقع زاغت الأحزاب وتمردت على الأمة من داخل الحكومة وسنت قوانين ضد المواطنين مستخدمة أصوات النواب أغلبية ومعارضة ما يؤكد غياب الإديلوجية والنسق الحزبي ومبادئه فباعت تاريخ النضال من أجل المصلحة الشخصية والحفاظ على مناصب المسؤولية ونشوة الكراسي ودعم المحسوبية والمحزوبية الفارغة والنتيجة نخب غير قادرة على تدبير الشأن العام ، غير قادرة على خدمة المواطنين لكنها قادرة على استلام الرواتب الشهرية وترويج حساباتها البنكية وتأهيل مكاتبها السياسية لإدارة مشاريع تجارية تستفيذ منها الأسرة والعائلة والأحباب وتقزيم المواطنين بكتابة تقارير مغلوطة لتخويف القصر والإستفراد بالملك .
مرت 11 عاما دون أي جديد يظهر على المواطنين ، لا تغيير في كرامتهم ولا تغيير في حياتهم الإجتماعية والإقتصادية ، بنية تحتية هشة وفقر أملته سياسة التدبير والحال ينذر باحتقان لا نعرف بدايته ولا نهايته ، أزمة لا يمكنها أن تطول في ظل الواقع المعيش والغيلان الذي تسببت فيه حالة الطوارئ الصحية بخصوص جائحة الكوفيد حيث ازداد عدد الفقراء وازدادت البطالة والعطالة والحالة النفسية للمواطنين من جراء ارتفاع الأسعار في المواد الأساسية والقرارات المتسرعة في غياب تنزيل الوعود الحكومية وعدم تنفيذ تعليمات الملك في خطاباته ، ما أدى إلى تهميش عدد من القطاعات الحيوية في البلاد إلى جانب زلات اللسان لبعض الوزراء التي تحمل التهديد والإستقواء ونوعا من التحكم لترهيب الناس وجعلهم يركعون أمام تدبير فاشل ، ما دفع الإحتجاجات والمسيرات في كل جهات المملكة تدق ناقوس الخطر .