عندما تكون الخيانة من الداخل / يكتبها حسن أبوعقيل

لعل أعداء الوحدة الترابية أقل خطرا  من تواجد خونة داخل البلاد داخل الوطن يستمتعون بخيراته ويتقاسمون ثرواته  وفي نفس الوقت يخدمون أجندات خارجية لم يستطع الإستعمار فرضها على أرض الواقع أمام المقاومة  الشريفة التي شارك فيها الرجل والمرأة معا  انتهت بجلاء الغاشمين  وعودتهم إلى ديارهم منكسرين …
طبعا وعي المغاربة لم يقف عند هذا الحد , بل كان على علم بأن الإستعمار مهما غادر راكعا سينتقم في يوم من الأيام  لهزيمة نكراء حيث لم يستطع بكل قوته العسكرية والمدنية القضاء على المقومات الأساسية من ثقافة مغربية وخصوصية دينية  ووحدة وطنية لكنه انتصر في استقطاب بعض الخونة ووظفهم كأعين مراقبة تحت إغراءات مالية وسهرات الأنس والمجون  والخمور المستوردة من معصرة الإليزي , فشجع على فتح الحانات والبارات والمراقص باسم الترفيه مع إنزال لمجندات  تحت العرض والطلب وإخراج المرأة المغربية باسم الحرية لتساهم في موال الدعارة  والبغاء بدلا من عيشة بين أربع جدران  فكان الهدف الحقيقي هو تخريب مدرسة الأخلاق من داخل البيت والأسرة المغربية .
سبب هذه المقدمة ما عشناه مع فيديوهات الذل والعار التي كانت مقاطع من فيلم “الزين اللي فيك ” لمخرجه نبيل عيوش القادم من المدرسة الفرنكوفونية ليس لغة فحسب بل بما تحمل من سموم فتاكة للأخلاق والآداب العامة تحت غطاء السينما المغربية وحرية الإبداع وثقافة التجديد والحداثة .
فمن منا لا يعرف حمل كاميرا ليصور كل المشاهد الحقيقية , فاليوم ما من عرس أو حفل أو مناسبة إلا وتم تصويره  في الواقع  وبأدق التفاصيل  وما من حوادث سير أو أحداث أو شغب إلا تم تصويره ولو على مستوى كاميرات الهاتف المحمول  لكن ما يغيب هو التقنية  والفنية وقراءة  المخرج  وحنكته , لأنه من السهل تجميع  حلقة من المستخدمين  وكاميرا تصوير وإنارة وميكروفون  وتريسيان ووجوه سينمائية  وأخيرا صناعة لفيلم لايساوي شيئا  لعدم أهلية هذا المخرج أوذاك  من الثقافة السينمائية (…) ويبقى الأمر مشاهد وصور تم تلصيقها تماشيا مع  الحوار والشخصيات سطوب  نقل وانتقال .
نبيل عيوش في هذا الفيلم  لم يدرس أبعاد السييناريو ولم يبالي بخطر التصوير بنقل الواقع كواقع وليس بالقالب الفني المطلوب مادامت السينما واقعا فنيا  حيث تظهر إمكانات المخرج الإبداعية سواء كانت في شكلها الواقعي والممزوج بالإحاء حسب الظروف وواقع ثقافة  الجمهور ومراعات للقوانين الجاري بها العمل والمقيدة للإساءة والتشهير والتشويش أو التظليل .
لكن عندما نتجاوز المستوى القانوني باسم حرية الإبداع  وأصور ما أريد في بلد سيادي وسط شعب متدين  لايقبل على نفسه احتكار المرأة المغربية  وجعلها فرجة وبضاعة للجنس  لأنها الأم والأخت والزوجة والبنت  (…) فحسب رواية نبيل عيوش في تصريحه لجريدة مغربية أنه قام بتأليف  لواقع 4 بنات يمتهن الدعارة  فهل هذا يمثل واقع المرأة المغربية  ؟
وإذا نظرنا إلى الواقع فأربع بنات يعملن داخل مراقص ليلية  وحانت وبارات  وهذا ليس هو واقع لبنات المغرب فالأمر يتعلق بنقطة واقع  لا يمكنها أن تعمم مع العلم أننا على علم بدعارة  المرأة والرجل  حيث يتواجد كلاهما داخل هذه الأوكار الفاسدة  لكن هناك قاون يحمي المجتمع ولدينا دوريات أمنية قادت الكثير منهن ومنهم إلى المحاكم المغربية التي قالت في حق الجميع كلمتها الأخيرة . وهل كان لزاما على المخرج أن يحدد مكان الفساد في مدينة  مراكش  ويقوم بتشخيص  بنات مراكش ويختار المرقص الليلي بمراكش أليس الأمر يتعلق بلعنة على مدينة مراكش دونها من المدن المغربية والتي يتواجد بها أوكار الفساد من فيلات وقصور مخصصة للمتعة الجنسية وللقمار وكذا بها ملاهي ليلة تعرى فيها أجساد النساء على طريقة ” الستريبتيز ” وتقرع فيها الكؤوس  ليلا إلى مطلع الفجر (…) إنه الواقع لكن واقع يعرفه عمر وزيد يعرفه الجميع لكن أن ينقل بسخافة وعدسة واقع دون حمرة الخجل , دون حياء  مستفزا  ضوابط الأسرة المغربية التي تعيش فيما بينها على الإحترام  المتبادل
فأستغرب لبعض العلمانيين الذين يروا  في الناس أنفسهم  , يعتقدون أن المغاربة جميعا يدخلون الحانات والبارات  والمراقص ويمارسون الجنس خارج مؤسسة الزواج  ويجالسون بنات الناس في المقاهي والمطاعم وفي دور السينما وداخل السيارات بالشواطئ  ويمنعون ذلك على أخواتهم  ويحللون لأنفسهم ما يحرمون لغيرهم وينافقون بصلاتهم يوم الجمعة والأعياد .
نظرة خاطئة أنانية في عمقها ومدلولها وفي إسقاطها على الغير وهذا ما وقع فيه نبيل عيوش عندما نقل واقع  4 عاهرات ليعممه على المرأة المغربية من طنجة إلى الكويرة  , مستخدما  كل الإثارة وكأننا في  بلد لم يدخل الإسلام بعد  متناسيا أن الحكم في المغرب لا يخرج عن إمارة المؤمنين وأن المغرب بلد سيادة  لا يحكمه الإستعمار بل هناك علاقة ومصالح دولية لابد منها دون المس بالمقدسات المغربية  .
5 مقاطغ فيديو كلها أبانت عن سخط المجتمع المغربي , فالعلمانيون مهما فسح الإعلام لهم الطريق فهم داخل المغرب أقلية  نحترم آراءهم لكن دون استفزاز ودون تحقير ودون المس بمدرسة الأخلاق  فكفى من الركوب على أسلوب التهديد  بالقتل لكون المغاربة المنتقذين للزين اللي فيك شرفاء عقلاء وواعون بكل صغيرة وكبيرة  لن يلطخوا أيديهم  بالدم  والحمد لله بأن الأجهزة الأمنية حاضرة  وضامنة لسلامة المواطنين دون استثناء .
فما أجمل أن يعتذر نبيل عيوش للشعب المغربي  من على أي منبر ومن خارج الوطن وأحبذ أن يكون منبر فرنسي  ستطوى هذه الصفحة  نهائيا دون العود .
حسن أبوعَقيل