رسالة روحية

خيوط التماس :

قد تسقط قطرة ماء من المزن إلى الأرض فتحيي العشب الأصفر وتقوم الذابل الى الأخضر ، لكن سقوط البشر مثل الحجر جماد في لحده قدر مكتوب وأمر عليه .

عندما يصبح العمر عدا عكسيا ، فما علينا إلا الإستعداد لرحلة الوداع نفترش ركنا لنتعايش والمرض والدواء ونختلي للتقرب من الله عز وجل متضرعين بأن يغفر لنا ما تقدم من ذنب وما تأخر ونكثر من الاستغفار مكرسين قول الله تعالى “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ” فنعبده كثيرا قدر استطاعتنا .

نظرة لهذا العالم بقياس التأمل جعلتني أرى بأن الحياة مجرد تعب وانت في بعد من الله ولهو في ملذاتها وأنت بعيد عن الله .

فما أنتجنا ونحن في بعد من الخالق عزوجل فلا الملك ينفع ولا مال قارون نفعه ولا بروج حصنت أصحابها ولا دهب ولا فضة .

فرغم كوننا نشتغل من أجل العيش على أساس العمل عبادة فإننا فرطنا في تقربنا إلى الله ، فقد خضنا في ما حرم لأننا حللنا ما يناسبنا وأولنا ما يليق بيومنا ومستقبلنا فابتعدنا على الكريم المنان .

فراش المرض ككرسي الاعتراف ، حيث تحضر الاخلاق الغائبة بكلمة الحق على نفسك وتطلب حينها التوبة من التواب والعين تفيض من الدمع ولسان البوح صريح الاعتراف فتخلي نفسك من الرذيلة وتحليتها بالفضيلة طمعا في المغفرة وحبا في الجنة أملا في مصاحبة خير البرية رسول الله سيدنا محمد صل الله عليه وسلم .

وأنت مستلقي على فراش مرضك ، لم تعد تستهوي دنياك وعيشها ورغدها ، لا تفكر في المغريات ولا في سعادة محدودة بل ما يشغلك هو الباقيات الصالحات .

فعلى يمينك دواء حل محل الأصدقاء الذين تخلوا عنك في عسرتك بحجة انشغالهم بلقمة العيش لإعالة ذويهم ، قد أعذرهم عندما لا يقوم بك أهلك فتجد نفسك مثقلا عليهم والبيت يطبعه اللامبالاة وعدم الإهتمام وحتى كأس ماء لن تجد من يمنحك اياه ، بل أكثر من ذلك قد تستيقض مع فجر جديد وتجد نفسك في بيت المسنين دون استشارتك .

كيفما كان الحال ، كل منا له دور في هذه الحياة والفائز من اتقن دوره دون انسلاخه عن الأخلاق الحميدة وفي ذلك كثير من الأمور التي عجزنا على فعلها لكون الايمان ضعيف أمام متطلبات الحياة والمسؤولية الابوية لكن من الواجب والأجدر التخلص من المضغة السوداء المعشعشة بقلب الانسان ، وأن تحب ما تحب لنفسك وهذا عنوان آخر وبحر كامن بالذرر النفيسة وكلها صفات حببها الله لرسوله الكريم .

تبقى الدنيا شرط للمرور الى دار البقاء
فاصل ونواصل

حسن أبوعقيل