كان الأجدر الإنكباب على إصلاح منظومة القضاء بما يليق بالسياسة الرشيدة التي يبقى هدفها ورغبتها في سمو عدالتنا بقوانينها ورجالاتها المهنيين حتى يتم إرضاء المتقاضين تكريسا لدستورنا الجديد (…) فالإصلاح ليس تصفية الحسابات والإستقواء بالمناصب الفانية ليس عدلا وتكوين لوبيات مضادة لمحاربة أصحاب الرأي والإختلاف فشلت في كل دول العالم الديمقراطي إنطلاقا من فرنسا وبريطانيا وأمريكا وألمانيا وإيطاليا والسويد وغيرها مما أجبرها على تكريس الإختلاف واحترام الرأي بغية تحقيق العدالة خارج المنطق السياسي المتحيز والذي لن يجلب إلا التعطيل والإنحطاط والدونية .
فالعدالة المغربية هي نافدة لسمعة المغرب ومؤخرا مؤشر ” السمعة ” جعل من دول كثيرة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا ترى بأن المغرب سمعته سيئة وعوضا أن نبني نزيد في استخدام تصفية الحسابات على أساس صنيع جيد وحكيم كما هو حال متابعة قضاة ” الرأي ” الذين متعهم الدستور المغربي الجديد بفصل 111 للإشتغال جمعويا ويبقى من حقه أن يروج رأيه عبر المواقع التواصلية على غرار باقي المواطنين والمساهمة في الموائد المستديرة والندوات والمحاضرات ما دام الأمر لا يتعلق بملفات وقضايا الناس داخل المحاكم , فما يجري ويدور من متابعات وأحكام ضد قضاة لا يزال صوتهم يسمع وطنيا ودوليا عبر قنوات المنظمات الحقوقية والجمعيات المهنية في الخارج أمر يجب الحسم فيه فاذا كان على سبيل المثال قاض حكم عليه بسنتين سجنا موقوفا دون الأخد بدفاعه رغم ما أنجز من محضرات تكتسي طابع الإنكار في جميع مراحل الإستنطاق والبحث وليس هناك حالة تلبس واعتراف المشتكي بعدم معرفة القاضي بالظرف المالي الموجود تحت مقعد السيارة التي هي في ملكية المشتكي وليس في ملكية القاضي وكثير من الأمور التي صرح بها القاضي أمام وسائل الإعلام إلى جانب متابعة قضاة لكونهما عبرا عن رأيهما وانتقدا مشاريع القوانين للسلطة القضائية قبل الموافقة عليه داخل البرلمان فلا يوجد أي فصل من الفصول لا دستوريا ولا قانونيا منع القضاة من الإدلاء برأيهم في القوانين منذ تأسيس وزارة العدل إلى تأسيس وزارة العدل والحريات والقضاة أولى بالبرلمانيين من مناقشة القوانين التي تهمهم بالدرجة الأولى خاصة أن البرلمان فقد مصداقيته وأصبح كما قال عنه جلالة الملك أنه يريد مؤسسة تشريعية ولا يريد برلمانا شبيها بحلبة المصارعة وتصفية الحسابات السياسوية .
إن ما نشاهده ويشاهده العموم من خلال النقل المباشر للأسئلة الشفوية نجد أنفسنا أمام أناس لا يفقهون و أين يتواجدون ولا يعرفون معنى البرلمان وأهميته ودوره مع الإحترام لبعض البرلمانيين وهم قلة قليلة لازالت تقتهم محفوظة لكن الناذر لا حكم له أمام 395 نائب مجلس النواب و120 مستشار بالغرفة الثانية فما يحصل داخل البرلمان أمر مهين ويعطينا صورة مشوهة لا في الداخل ولا في الخارج مع كامل الأسف .
إن الذين قالوا أن استقلال القضاة عن وزير العدل أمر يدعو لمأسسة ” دولة القضاة ” أقولها بكل روح وطنية إن هؤلاء هم أعداء للسياسة الرشيدة لملك البلاد وأعداء للشعب الوفي صانع الإستثناء في كل مسيرة المغرب السياسية وصانع الإستثناء والإستقرار في الربيع العربي , إن هؤلاء الذين لايرغبون في استقلال النيابة العامة والسادة القضاة هم من فصيل يحن إلى ماضي الهواتف الحمراء والإتصالات والوساطات والسمسرة إن ” دولة القضاة ” فزاعة من سياسة التهويل والتخويف لوضع العربة أمام الحصان وجعل إصلاح منظومة القضاء مشلولة حتى يتسنى لهم الإستفراد بالمصالح والتحكم في كل ما من شأنه الصعود أو النزول .
دولة القضاة جنبا لجلالة الملك لا تعني دولة في قلب دولة بل تعني تحقيق العدل بما تمليه القوانين المنصوص عليها فولاء القضاة واعترافهم بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية خير دليل على تبعيتهم لجلالة الملك نصره الله بعد الهياكل الإدارية للمجلس .
نريد عدالة حقيقية ونريد إصلاحا لمنظومة العدالة ونريد صورة محمودة وراقية للقضاء .
فتحية لكل القضاة إنطلاقا من مواقعهم بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وتحية للقضاة جميعا وبدون استثناء داخل الجمعيات المهنية وخارجها ولا يمكننا أن نشكك في أحد منهم إلا أمام الدليل والإثبات .
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل – صحفي