حكومة الرقية الشرعية والرداءة التشريعية


مريم معاد
في الوقت الذي تتصارع القوى العالمية لأجل إيجاد لقاح فعال لفيروس كورونا الذي قلب كل الموازين الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وفي الوقت الذي بدأت عدة حكومات تراجع بعض قراراتها الاضطرارية للحد من انتشار الفيروس حتى لا تسقط في المساس بكرامة مواطنيها وبحقوقهم المواطنية والإنسانية، بادرت حكومة العثماني الإخواني لتستهبل المعركة الوطنية والعالمية ضد الفيروس لتخوض معركتها الخاصة ضد مواطنيها ولبني أجهزة بوليسية تراقب أدمغتهم وتحصي أنفاسهم، كان المغاربة ينتظرون كمامات لحمايتهم من الوباء القاتل، فإذا بحكومتهم تهيء لهم في الظلام كمامات لأفواههم وأصواتهم وحرياتهم الخاصة والعامة، من خلال نصوص استبدادية تضع بوليسيا على رأس كل مغربية ومغربي يريد الولوج لمواقع التواصل الاجتماعي، في حنين منها إلى صنع سنوات رصاصية مظلمة، تحمل اسم مشروع قانون 20.22 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة…
الحكومة عرت عن وجهها الحقيقي أمام حريات الناس، بمشروع يستهدف ضرب حرية الرأي والتعبير والمس بالحقوق الأولية والأساسية المكفولة دستوريا، وتصادر للناس أحد حقوقهم الأساسية في الغضب والاحتجاج السلمي، وهو حق المقاطعة والموقف المناهض لسلعة معينة، وكأن الحكومة نصبت نفسها محاميا مطلقا وإطلاقيا لأرباب المنتوجات الاستهلاكية في مواجهة مستهلك أضحى بهذا المشروع “عدوا” وليس “مواطنا”…
الحكومة العثمانية توشك على السقوط على طريقة الرجل المريض، وتتقاذف بين أفواه أعضائها جمرات في حمرة الدم والبطش، مما قد يؤدي الى احتقان كبير جداً، قد لا يعرف أحد مداه، فالمغاربة لن يسمحوا باستعبادهم بهذه الطريقة البئيسة، حين تستغل حكومة عثمانية مآسي وأهوال كورونا وحالة الطوارئ الصحية وحظر التجول لتخرج بمشروع يحط من سمعة المغرب ومن كرامة المغاربة، ولا يهمها أن تضرب عرض الحائط كل ما صادق عليه المغرب دوليا من معاهدات واتفاقيات ذات صلة بمنظومة حرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان…
حكومة أعدت هكذا مشروع قانون لا يمكن إلا أن يكون أعضاؤها يفكرون بمنطق الرقية الشرعية لعلاج أمراض مجتمعية مزمنة تتطلب الإبداع والمبادرة والجرأة والتفكير الحضاري بأبعاده الإنسانية عوض علاجات “الفُقْها”، التي تريد إحصاء أنفاس الناس وتقنين هوائهم الذي يتنفسوه في آفاق شبكات التواصل الاجتماعي… إنها حكومة تستأسد على الشعب بأغلبية برلمانية موجودة وجاهزة لتمرير رداءتها التشريعية… .