حراك الريف حراك وطني مشروع

عندما يقف مواطن في الشارع العام ويطالب برغيف خبز فإنه يمثل الشعب  ولا يمثل نفسه كما يحاول البعض اختزال  الحراك في الريف فقط  وتحميله المسؤولية  .
الأمر يتطلب من الجميع وقفة تأمل للمشهد الإجتماعي والإقتصادي أما السياسي فقد تلاشى مع الأحزاب  التي تتاجر باسم السياسة ثارة وباسم الدين ثارة أخرى وفاقد تقة المواطن لا حكم له .
الحراك ليس قطرات منزلة من السماء كأمطار الخير , بل هو نتاج للعار الذي لحق بالشعب المسالم شعب الإنتظار والتسامح  الشعب الذي صنع الإستثناء في العد العكسي شعب يستحق التكريم  لما أبان عنه يوم الربيع بدلا من الخريف والتف حول ملكه بعيدا عن المتربصين بالأعداء ينتظرون الشماتة ,  فلماذا لم ينتهز الريفيون الفرصة  ويستخدمون البلطجة أملا في حمام الدم  والإنفصال  ؟ ألأيس بدورهم عانقوا الإستثناء؟
فالحراك انطلق من الريف  لما تعرفه المنطقة من تهميش  وانتظارات فرخت الفقر والجريمة  وجعلت من شبابه  البحث عن لقمة عيش أسقطته في المحضور من أفيون وحشيش  فلا شغل ولا تطبيب  فماذا يصنع التنكيل والتجويع والركل والتحقير أليس الضغط يولد الإنفجار (.؟..)
مواطنو الحسيمة نزلوا للشارع  بعدما خيم  العنكبوث على المدينة  انتظارا , فكانت مطالبهم شرعية  وقانونية  فقد تراجع رئيس الحكومة عن اتهامه وتراجعت الأحزاب عن اتهامها  الخطير وبعث ملك البلاد وفدا وزاريا يتكون من 6 وزراء جولة خفيفة للإستماع ولتهدئة الأوضاع  فكانت إيجابية في آنها ,  لكن ماذا حصل وأجج  من الوضع شراسة ؟
بين يدي سيناريو  مسجد الحسيمة و لوحة خطيب  الجمعة  يثلو صحف وزارة الأوقاف  وصفت الحراك بالفتنة  وهنا مربط الفرس وفرصة لزعيم صنعته الظرفية , فلغى  وهو يعرف جيدا لا جمعة له ,  لكن أن يقول كلمة حق تعوض رسالة الأوقاف حيث رأى فيها تمويها للرأي العام ولأسباب نزول أهل الحسيمة إلى الإحتجاج في مسيرة سلمية  أنتهت بنجاح  وباعتراف السلطة المحلية وعدم تسجيل أي تخريب أو أضرار بممتلكات الناس أو الدولة , فلماذا الحديث عن الفتنة  خصوصا في مسجد الحسيمة  في الوقت الذي عممت فيه خطبة وزارة الأوقاف على جميع مساجد البلاد  الأمر الذي لم يستصغيه إبن الريف فشدته غيرته كما يراها في نزعته ودفاعه عن مطالبه المشروعة  فأين الإنفصال وما تم التشويش به من خلال محللين سياسيين ومجموعة  مسخرة من بعض الجهات تكتب في الصحف  بقلمها الأسود  ردودا بجهالة  لا يتبناها مجنون أو مصاب بخبال .
فلماذا لم تقم نفس القيامة على تصريحات  رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة السيد إلياس العماري  الذي قال في حوار مع قناة 24 الفرنسية أن المطالب مشروعة وقانونية  وأن الحكومة تتحمل المسؤولية في عدم توظيف المشاريع التي تم التوقيع عليها والتي بلغت 6 مليار ومايزيد ولم تنجز وحكم عليها  بالتجميد والإعدام  , فهل تصريح السيد إلياس وراءه أجندات خارجية أو تصريح ساقته المخابرات الجزائرية  بل العكس السيد إلياس العماري يقول الحقيقة المرة التي طالت أهل الريف منذ تاريخ طويل  وليس كل من انتقذ الوضع أنه ضد النظام أو أنه ليس وطنيا وجب محاربته وإغلال يديه بالمصافد وتعصيب عينيه وقيادته  إلى السجن وعرضه على القضاء ليقول كلمته  .
اللوحة الثانية والتي تكمن في الإعتداء على رجال الأمن  تصرفات غير شريفة وغير مقبولة  وجب معاقبة  أصحابها وفقا للقانون لكن  لا يتحمل ناصر الزفزافي تبعاتها لأنه كان يدعو طيلة الحراك إلى ”  السلمية  ” لم يحمل حجرا ولم يرشق ولم يحرض أحدا , أما النوايا فلا وجود لها داخل الإتهام أو إصدار الأحكام .
نؤمن جيدا بأن بدون قوات الأمن لا يمكن أن ننعم بالإستقرار ولا يمكن لأي مواطن أن يعيسش آمنا مطمئنا في بيته  فنحن ننام وهم الساهرون لكن لست مع التدخل الأمني في وضع المعاناة في وضع الشرارة .
المقاربة الأمنية عندما تقوم الحكومة بواجبها وتوفر للمواطن حاجياته ساعتها وجب التدخل وليس أن تشتغل الحكومة  للدفاع عن تقاعدها ومعاشها  وشيك نهاية الخدمة  والإستفادة من خيرات وثروات البلاد والشعب محكوم عليه بالإنتظار والفقر يرافقه منذ الإستقلال  .
اللوحة الثالثة نراها عندما تقدمت الأحزاب إلى الوراء والتزمت الصمت وكأن المغرب لايوجد به مؤسسات التأطير التي تغرد باسم النضال ,  فعندما ترغب في مقايضة الدولة من أجل مصالحها , تُجند من تسميهم – المناضلين – وتسخرهم في الصفوف الأمامية  بغية التهويل وترهيب مؤسسات الدولة إلى أن تحضر الإستجابة  فأين اختفت بعظمتها كما تختفي  بعد الإنتخابات وتفتح دكاكينها عند كل اقتراع .
اللوحة الرابعة تهم الحكومة برئاسة السيد العثماني الذي خرج ليتهم حزبا سياسيا  بالتقصير لكون الأخير أي هو من يدير الجماعات الترابية والمجالس المنتخبة بالإقليم  وتناسى رئيس الحكومة بأن الجهة لم تتسلم الأموال فحين القوانين التنظيمية مغلقة  فأين المراسيم لخدمة المشاريع والإستثمار فالمسؤولية مسؤولية رئاسة الحكومة في هذا الباب  (…)
اللوحة الخامسة تتجلى في كون أضخم مشروع طبي في المدينة توقف منذ 2007  ووزارة الصحة لم تتحدث عنه لا في مجلسها الحكومي ولا تحت قبة البرلمان والجميع ضارب الطم أليس فيكم رجل حكيم يصارح المواطنين ويفشي بسر إغلاق هذا المستشفى التخصصي وهو من ضمن مطالب ساكنة الحسيمة وهو مطلب شعبي من طنجة إلى الصحراء المغربية لإصلاح المستشفيات وتزويدها بالضروريات وبالموارد البشرية  خاصة في القرى والبوادي والجبال وخير المستفيدين أصحاب المستشفيات الخاصة .
اللوحة الأخيرة فكل هذه المفارقات والتشكيك وأمام الرؤية الغير واضحة لبعض التصريحات ودونية بعض المحللين السياسيين والأقلام التكسبية  فنتمنى من الله عز وجل أن يجود ملك البلاد في هذا الشهر المبارك بخطاب رسمي كما هو خطاب 9 مارس 2011 وأن يعفو على كل المعتقلين  في الحراك ودون استثناء  .
النقطة الأخيرة  نؤكد من خلالها على أن المغرب وحدة لا تتجزأ   وطن تحت راية واحدة وقائد واحد .
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل  – صحفي