كل منا مُعَرض لخبث الآخر , وأي فرد منا مُعرض لأصبع الإتهام , وكل منا تُشوه سمعته في الظاهر والباطن , لكن من هي الطينة التي تَشْغَلُ نفسها بهذا السلوك الرخيص الوضيع والدُّوني ؟ ولماذا هذا الفعل أصبح معتمدا في كل مكان وفي كل الأوقات حتى أصبح السواد الأعظم يشكك في بعضه وفقد ثقته في أقرب الناس إليه .قد تكون فعلا ذلك الإنسان الخلوق وقد تكون محبوبا ويجلب سلوكك عددا كثيرا من الأصدقاء والصديقات قد يدفع البعض إلى حقدك وكرهك وتصل الأمور إلى السب والشتم والقدف والتشهير ليس إلا لكون الطرف الآخر مريض نفسيا يعيش العُقَد مع نفسه الضعيفة وعينيه التي يرى بها الآخرين بصورة مزاجية لا أساس لها في الواقع المعاش , بل رؤية مُغلَّفة بعقد كثيرة تلزم الفرد زيارة الأطباء النفسانيين أفضل من إذاء الناس بأي فعل مرفوض ومُجَرَّمٍ .
حالات عديدة وكثيرة عاشها مجتمعنا داخل المغرب وعايشناها داخل دول الإستقبال .حالات مرضية تختلف من شخص لآخر حسب التربية والتكوين والسلوك والأخلاق لكن لايمكننا إيجاد الحلول عشوائيا لهؤلاء المخلوقات التي تجبرت واستقوت وتحكمت وتجردت من الإنسانية وانضمت إلى الجوارح والكواسر لتتغدى بلحوم الأخيار وتحتسي دماء الأبرياء عرضا وشرفا , ليس لأنهم حيوانات بل بشر أشرار وعقولهم مبرمجة على نسف كل من يخالفهم الرأي والمسار .
نماذج بشرية تجتمع مع بعض في إطار توافق في التربية والأخلاق حيث تجمعهم المصلحة الواحدة فيختلقون الأكاذيب ويفبركون الوهم فيختارون السبيل الأسرع لترويج المعلومة الزائفة معتمدين على أهل التصفيق والتنميق والتزويق وكثير منهم يعشق الضرب على وتر السمع تحت طائلة النميمة , حيث يصبح إمعة وبوقا للآخرين يأكل الثوم بفم الإملاء والإلقاء فيضيع بين أهل التفاهة حيث يصبح هو الآخر تافها فحين أن مُسَخِّرَه في الكواليس مختفيا لا يظهر للجمهور كشبح مارق رابح .
الأمر أصبح متوحشا , فحتى من تأمنه على بيتك وتستضيفه باسم الصداقة يجد في هاتفه النقال أداة للإذاء , فلايخشى التصوير ولا التسجيل الصوتي أملا في محاربتك في يوم من الأيام ساعة الإختلاف أو الخلاف .
فالساحة مليئة بالأشرار وحبلى بالضغائن والكراهية والحسد والانتقام واستخدام التدليس والكذب والتحايل والنفاق وغيرها من السلوكيات الساقطة التي يَبْحَرُ فيها كل متسلط ضعيف فيغوص في العمق دون الحذر فيجد نفسه غارقا في بحر الظلمات تتبعه لعنة الله ولعنة اللاعنين كمن حفر حفرة ووقع فيها .
فرغم هذه الظاهرة المتوحشة من الأشرار فإننا نؤمن إيمانا راسخا أن هناك أخيار بيننا ,أناس شرفاء نعتز بهم ونستأنس بتواجدهم في حياتنا , اناس يخافون الله متشبعون بالأخلاق والسلوك القويم لاينطقون إلا بالكلمة الطيبة يساندوك في السراء والضراء ويصفقون لك وينصحونك يقولون ” لا ” في الوقت المناسب ويقولون ” نعم ” في الوقت المناسب , أفتخر بهم وأعتز بهم أصدقاء لي ذكورا وإناثا فمن أجلهم نعيش ونراوغ المسار ونواصل .
أختم بقول الله تعالى :” وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ”
حسن أبوعقيل