تحسبون أنكم تحسنون صنعا
غريب أمر الحكومة والبرلمان بغرفتيه والمجالس المحلية , فقد أصبح الإنتقاذ في منظورهم تمويها وتلفيقا , والناقذ أصبح عدوا شرسا وجب كسر قلمه وتكميم فمه والتخطيط لهزمه (…) فبالنسبة لي أرى أن الحكومة هي البرلمان هي المجالس المنتخبة وهي مؤسسات تتكامل مع بعضها وتتبادل الحقائب والمصالح فيما بينها والداخل بينهم مفقود .
فما نراه في الحكومة من إئتلاف , لا يمثل إلا المناصب والرواتب والرجل الذي كان بالأمس يقتني ربطة العنق من الأسواق الشعبية أصبح يقتنيها من المولات وتحت الطلب من الخارج فالهندام مستورد ولايشجع الإنتاج المحلي المخصص للأمة المغربية صانعة ” الإستثناء ” فالمسرحيات التي نتابعها عبر قنوات القطب العمومي مباشرة من البرلمان المغربي مجرد خدعة لا علاقة لها بالواقع فلا أغلبية ولا معارضة برلمانية لكون السيناريو فارض نفسه ولا أحد يمكنه الخروج عن النص , تحدث كيفما تشاء وتنابز بالألقاب والسب والشتم والتبخيس واتهم بالحجة أو دونها لكن عليك الإلتزام في آخر المطاف بالتصويت وتمرير أي قانون أو مشروع المهم أن يمثل النواب الدور المنوط بهم … وحتى الجعجعة التي يحدثها بعض الوزراء من خلال إظهار بعض التوتر والغضب والتكشكيش لا يخرج عن فعل ورسم خارطة الطريق .
فمثلا السيد رئيس الحكومة سي عبد الإله بن كيران , لا يملك لنفسه نسقا سياسيا حكيما ويتقلب حسب المصلحة التي تحافظ له عن المنصب وأنا شخصيا مقتنع بأن السيد بنكيران لو أقيل من منصبه سيصاب بأزمة قلبية حادة أو يشل ولا يمكنه إقناع الرأي العام بعكس ما أقوله خاصة وأن ما صدر منه من معادات في الحملة الإنتخابية لغريمه صلاح الدين مزوار أكبر شاهد على أن باستطاعته التحالف مع الشيطان من أجل استمرار الولاية إلى آخره وما أقوله ليس عداء أو أني حاقد أو أريد الجلوس على مقعده , لكن البناء المغشوش هو ظاهرة تتعرى وتكشف مباشرة بعد أمطار الخير (…) فلماذا التحالف مع صلاح الدين مزوار – التجمع الوطني للأحرار – بعد كل أشكال السب والتذليل والتحقير والدونية واتهامه بأنه مهزوز سياسيا فياترى هل المهزوز سياسيا يصبح وزيرا للخارجية ؟ وهل الرهان على رئاسة واستمرار الحكومة كان ولابد من مقايضة على رئاسة مجلس النواب بعد انسحاب حزب الإستقلال ؟
هل تحسبون أنكم تحسنون صنعا ؟ لا والله فالتاريخ ضدكم جميعا لا أغلبية ولا معارضة .
فقبل بلوغكم لهذا المنصب على ظهر أصواتنا , كانت تصريحاتكم تمثل الشارع تمثل الطبقة الشعبية تمثل النزاهة والمصداقية حتى وضعنا تقتنا فيكم من أجل التغيير والتصحيح وقد نصبتم على الشعب في استعمالكم للدكتور سعد الدين العثماني في واجهة حزب العدالة والتنمية وبفضله استقطبتم تعاطف المغاربة الذين كان أملهم في التغيير جنبا لملك البلاد وسياسته الرشيدة أملا في تجديد نخب سياسية قادرة على مواصلة فضح الفساد والمفسدين وفجأة اعتليتم رئاسة الحزب بعد الحشد العظيم (…)
فقبل رئاسة الحكومة كانت مواقفكم نارية حول حفل الولاء واعتبرتم الأمر متجاوز خاصة أن العالم دخل القرن الواحد والعشرين وبعد رئاستكم للحكومة كنتم أول من يقدم الولاء وأصبح حفل الولاء من الطقوس المغربية والعرف متناسيا بأن المغاربة مع الملكية وإمارة المؤمنين وضد التقارير المخدومة والمغلوطة التي تقدم كفزاعة من أجل أن يحافظ البعض عن مناصبهم وأن يستفردوا بالملك وبخيرات البلاد وثروته .
فماذا قدمتم خلال 3 أعوام منذ انطلاق حكومتكم الموقرة غير تسبيحكم باليمين ودبحكم باليسار فالفئات الهشة التي استفادت من أرامل وطلبة ومطلقات عددهم ناذر جدا والرفع من الحد الأدنى للأجور سواء على مستوى القطاع العام او الخاص أمر جد عادي لكون أن المقابل هو ارتفاع الأسعار فقد ساهمتم بيمينكم وسحبتم بيساركم بمعنى لا جديد وفي رأيي هذا نصب واحتيال على الشعب المغربي
مما يزكي شعاركم لسياستكم في تدبير الشأن العام ” عفا الله عما سلف ” لطمس معالم ملفات الفساد الكبرى وتاجيلها وتأخيرها أملا في نسيانها لكن التاريخ الذي يكتب بمداد الشرفاء فهو محفوظ في ذاكرة الشعوب فما فائدة ذكر أسماء المستفدين من الكريمات والمأذونيات هل من محاسبة لمن قام بتقديمها وبيعها والتآمر على من يستحقها وتمريرها للمحسوبين والزبناء أين الأموال المهربة إلى الخارج التي أعلنتم عليها السيد رئيس الحكومة من داخل قبة البرلمان وقلتم أنه بلغكم بأن الملايير مهربة ولديكم الدليل والبرهان ولماذا يتم تأخير محاكمة من لهم الشقق بباريس الممولة من أموال الشعب ومن خلال صفقات مشبوهة وأين الملفات التي وضع عليها المجلس الأعلى للحسابات توقيعا بالتقصير وتبدير المال العام وقضايا تتطلب الإسراع وليس التسويف والمماطلة وإلا هناك مقايضة تابثة .
في خطاباتكم للمعارضة , تلمحون السيد رئيس الحكومة على أنكم السد المانع للربيع العربي في المغرب , فعلى أي أساس وضعتم هذا الطرح ؟ هل أن حزب العدالة والتنمية يتحكم في المغاربة لهذه الدرجة ؟ أم أن المنخرطين في الحزب عامة الشعب وبكلمة واحدة منكم يتحركون ؟ صدقني السيد بن كيران بأن المغاربة طينتهم طيبة وأولاد الناس خاصة الطبقة الشعبية التي صنعت منهم سياسة الأحزاب والحكومات السالفة والمجالس المنتخبة فقراء ومجرمين وفاسدين وباغيات وطبعت مغربا نافعا ومغربا غير نافع ووزعت ثروة البلاد فيما بينها وفوتت ما فوت من حقوق والحمد لله أن ملك البلاد محمد السادس شهد بهذا الأمر في خطاب العرش للعام 2014 ولا يمكن حدف او تقزيم هذه الكلمة السامية التي قال فيها ” الشعب لايستفيذ من ثروة البلاد ” وهذا ما يقوله الشارع ويردده في البيوت وفي الصحافة وفي كل المحافل أي أن الشعب الذي تستخفون به فهو شعب واعي كل الوعي وهو من صنع الإستثناء بعيدا عن الأحزاب وبعيدا عن السياسة بل لارتباطه الوثيق بالملكية وإمارة المؤمنين .
السيد عبد الإله بن كيران , لقد وجدتم في ملك البلاد الشاب المتسامح الرجل الذي يحب المغرب وشعبه ويتجاوز عن بعض أخطائكم بعد معالجتها بنفسه , لتظهروا بصفتكم المهنية كرئيس للحكومة لكن الأكيد أن غضبة الملك حاضرة في تدبيركم للشأن العام ولا يهمني كمواطن قولك بأن الملك من يحكم حيث تجد مخرجا لعدم تحمل المسؤولية أمام الأمة , فنؤمن بأن لنا دستور وأنتم من خلاله رئيسا للسلطة التنفيدية أي أن الملك هو رئيس الدولة وله اختصاصات وصلاحيات عليا فلا تبحث عن أي ” تخريجة ” لسوء التدبير فولايتكم قربت نهاية صلاحيتها فإن كنت السيد بن كيران تشعر ومتأكد بأن ما تقوم به هو تنفيد لأوامر ملكية وأنكم غير قادر بممارسة صلاحيتك الدستورية فما عليك إلا أن تستقيل (…) أما أن تمارس دور رئيس الحكومة بيد مشلولة إلا عند استلام الراتب الشهري ( فذنوب الشعب عليك بوحدك ) فالأمر لايدعو فقط بوصفكم بالمتواطئ بل بخيانة الأمانة التي تتكلف به اليوم تجاه البلاد والعباد .
ماذا عن الكوارث والشهداء والمفقودين ؟ أليس الامر يتعلق بتندبير الشأن العام ؟ أليس من واجبكم فتح ملفات الفساد والإختلاسات فإذا كانت المياه جرفت البنايات الآهلة للسقوط وأخرة قصديرية ورملية فماذا عن القناطر التي تهدمت وهي إسمنتية صرف عنها من أموال الخزينة الملاييرناهيك الطرق الرئيسية التي ينطبق عليها المثل الشعبي ” آش خبارك من برا كيف داير من الداخل ” (…)
السيد بن كيران لانطالب منكم الا ما وجب القيام به فأنت سيد العارفين , ولا تعتبروا أن الله غافلا عما تصنعون أو تفعلون أو تكيدون .
فقتلى كارثة الفيضانات اختارهم الله إليه فأنقدهم من التذليل والتحقير وأبعدهم عن المكر والجشع اختارهم وهم شهداء أي ضمن لهم الجنة التي تتسع لرحمته فهو العالم بمعاناتهم ومحنهم وإن شاء الله من بيوتهم الغير صالحة للسكن إلى قصور في الجنة فالله أرحم علينا من أنفسنا .
لم يبق إلا القيام بواجبكم السيد رئيس السلطة التنفيدية وتكريس الفصل 40 من الدستور ومحاسبة الحكومات السالفة – التي لازالت تتمتع بالرفاهية والإستقرار المالي – وتعويض كل العائلات بدون استثناء وتوقيف دعم المهرجانات الغنائية – التي تزيد الأمة انتكاسة أخلاقية وسلوكية – واستغلاله لإعادة بناء المناطق وتجديد بنيتها التحتية خاصة ونحن مقبلون على الجهوية .
حسن أبوعقيل – صحفي
.