انفراد.. أحمد جلالي في حوار مثير مع “جورج شوراقي” فنان أعجب به الحسن الثاني وتفاصيل لغز “لوحة ملكية” لم تصل إلى محمد السادس

كان اللقاء تعارفا افتراضيا مع الفنان العبري جورج شوراقي، لكن بفعل فضول البحث الذي يطبع اشتغال أي صحافي محترف، وجدنا أنفسنا أمام قصة قدرنا أنها تستحق الاعتناء مهنيا، وعلى عاتقنا تعريف القراء والمسؤولين أيضا بتفاصيلها. إنه فنان فسيفساء يهودي أحبه الحسن الثاني بعد أن أهداه لوحة رائعة وقرر رحمه الله ـ حسب رواية شوراقي ـ تعيينه فنانا للقصر الملكي، لكن قدر الله قضى أن يلبي الحسن الثاني نداء ربه، شهران فقط قبل ان يباشر شوراقي مهمته. بعد ذلك أنجز الفنان نفسه لوحة فيها كثير من الإبداع لجلالة محمد السادس، وهي اللوحة التي لها قصة كبيرة وشائكة. اكتشفوا تفاصيلها حصريا في “ماروك تلغراف”.

كيف نشأت علاقتك بالملك الراحل الحسن الثاني؟

علاقتي بالمغفور له الملك الحسن الثاني كانت عن طريق الراحلة السيدة كوهين سوزان أوليفار التي كانت تشغل سكرتيرة لدى الحسن الثاني وأيضا صديقة للعائلة الملكية وايضا عن طريق صديقه الكبير السيد “ألان سينيور”.

حدثنا عن اللوحة الفسيفسائية التي أهديتها للحسن الثاني، كم تطلب إنجازها من الوقت؟

Ad image

اللوحة التي أنجزتها للمرحوم الحسن الثاني،والموجودة بالقصر الملكي بمراكش، مصنوعة من الفسيفساء الثمين جدا، والتي سلمتها لجلالته في شهر ماي من العام ألف وتسعمائة وتسعة وتسعين، تطلبت مني أيضا أربعة أشهر من الاشتغال، بواقع خمس عشرة ساعة في اليوم.

حدثنا عما دار بينك والحسن الثاني لما استقبلك استقبالا خاصا بقصره بمراكش، ماذا قال لك تحديدا؟

خلال لقائي الخاص مع جلالة الحسن الثاني رحمه الله بمراكش، طلبت من جلالته ثلاثة أمور:
أولا، أن أكون فنان الفسيفساء الخاص للقصر الملكي.
ثانيا، أن أعيد إنجاز بورتريه الكبير ليوضع في ساحة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء.

ثالثا، أن يكون لي رواق في القصر الملكي بالرباط.

جلالة الحسن الثاني تفضل بقبول طلباتي الثلاث على الفور وقال لي كلاما لن أنساه:” شوراقي أنت فنان القلب، ولقد أخذت بعين الاعتبار طلباتك وأنوي الاستفادة من كل مواهبك” ثم اضاف “ثم إننا سنلتقي في شهر شتنبر وسأبعث لك رسالة” وبهذا انتهى لقائي الخاص بالحسن الثاني.

هذه روايته سننقلها كما هي للأمانة، لكن هل لديك شهود؟

أما الشهود على لقائي بالحسن الثاني سنة تسعة وتسعين تسعمائة وألف في القصر الملكي بمراكش فهم رئيس البرتوكول الملكي الأسبق السيد عبد الحق لمريني والشخص الثاني كان المصور الخاص للمرحوم الحسن الثاني السيد “علي لين” أما الشاهد الثالث فكان “الكاميرامان” الذي وثق كل لقائي بالملك الراحل.

ما طبيعة علاقتك بسوزان أوليفار، كي تسلمها لوحة بتلك القيمة وتستأمنها عليها؟

الراحلة “سوزان أوليفار” كانت صديقة مقربة لي وقد التقينا في فندق المامونية خلال زيارتي للمغرب كي اسلمها لوحتي الأولى للحسن الثاني وأيضا التقيتها لكي اسلمها اللوحة التي أنجزتها لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله.وقد التقيت سوزان أيضا عند ضريح الراحل الحسن الثاني كي تسلمني تذاكر الطائرة التي كان الراحل الحسن الثاني خصصها لي كي أعود للمغرب لأبدأ عملي في القصر الملكي شهر شتنبر عام تسعة وتسعين.

ماذا حصل بعد ذلك؟
للأسف الحسن الثاني توفي في السابع والعشرين من يوليوز من العام نفسه. في نهاية هذا العام وبداية العام ألفين قدمت للراحلة سوزان أوليفار يدا ليد لوحتي الثانية التي أنجزتها للملك محمد السادس كي تسلمها لجلالته. ولدى عودتي من المغرب بعثت رسالة لجلالته، وبعدها بوقت قصير تلقيت رسالة جوابية من جلالة الملك محمد السادس، لكن المثير في تلك الرسالة أنه لا تحمل تاريخا والختم فيها يفتقد للمعايير.
في العام ألفين وإحدى عشر، وخلال اقامتي بالرباط،التقيت مسؤولا مغربيا ساميا، وهو من أكد لي أن الرسالة التي اعتقدت أنها من جلالة الملك كانت رسالة مزيفة.لكم أن تتصوروا رد فعلي وما شعرت به من صدمة كبيرة.
منذ العام تسعة وتسعين وإلى يومنا هذا، وانا أحاول لقاء الملك محمد السادس، دون نتيجة، رغم مراسلاتي الكثيرة ورغم الملفات الكثيرة التي سلمتها يدا ليد إلى لمقربين من جلالة الملك، ضمنهم شخصان مقربان جدا منه حفظه الله.

هل قمت باتصالات في هذا الشأن لاحقا، ومع من؟

في العام ألفين وإحدى عشر التقيت مرة أخرى السيد عبد الحق لمريني وعرضت عليه قضيتي وقد قال لي يا جورج إنها جريمة ابعث حالا رسالة إلى الكتابة الملكية الخاصة بالرباط، وهو ما قمت به على الفور، وقد كتب لي الرسالة بكل لطافة وتفضل، المحامي المقبول لدى المجلس الأعلى السيد “جان كابرييل توبالي”، وأنا أشكره كثيرا بهذه المناسبة على صنيعه معي.
وقد رافقني إلى مقر ولاية الرباط حاملا جواز سفري لأني كنت سأضع الرسالة الموجهة إلى جلالة الملك “من طرف” عبد الحق لمريني الذي طلب مني أن أعطي الرسالة إلى شخص يسمى الفيلالي في الكتابة الخاصة للملك بالرباط.لقد طلبت فعلا وصلا لكن السيد الفيلالي قال لي لا داعي لأن رسالتك ستصل. هذا كل ما هناك.

صف لنا اللوحة الهدية التي صنعت للملك محمد السادس خصيصا، وهي موضوع المشكلة؟

إنها لوحة فسيفسائية بحجم تسعين على خمسة وثماني سنتمترا مصنوعة من نحاس متنوع، و حبيبات من عرق اللؤلؤ الأبيض والذهب من عيار أربعة وعشرين وخزف بألوان متعددة.
بفضل تلك الصورة الأصلية للمصور الخاص لجلالة الحسن الثاني، السيد علي لين، أمدني بها شخص مهم، بفضل ذلك تمكنت من إنجاز ذلك البورتريه النصفي لجلالة الملك محمد السادس. لقد تطلبت تقريبا أربعة اشهر من العمل بمعدل أربع ساعات في اليوم.

ماهي مشاريعك للقصر الملكي كفنان فسيفساء أعجب به الحسن الثاني، وما هي رسالتك للملك محمد السادس لو كتب لك اللقاء به كما تشرفت بلقاء أبيه رحمه الله؟

مشاريعي للأسرة العلوية الشريفة ورسائلي لجلالة محمد السادس كما يلي:
أتطلع للقاء جلالته كي استطيع عرض قضيتي عليه، كفنان فسيفساء للقصر الملكي.وطبعا كي ألتمس من جلالته التفضل بتمحيص كلامي منذ العام تسعة وتسعين، وهو الوحيد نصره الله الذي سيقرر في وضعي كفنان فسيفساء خاص بالقصر الملكي، كما أراد ذلك والده الحسن الثاني رحمه الله.إن لي رغبة كبيرة كي أضع مواهبي في خدمة الأسرة العلوية الشريفة، وأنجز بورتريهات لكل ملوكها العظام.لا يهمني ثمن اللوحتين فهما فوق كل مال لأن الأمر أولا يتعلق بعملين فنيين ملكيين تربطني بهما حب وتقدير نابع من الوجدان.
أخيرا إن كانت الرسالة التي تلقيت صحيحة فأنعم به وأكره، وإن كان العكس من ذلك فجلالة الملك وحده من يستطيع أن يشفي غليلي في معرفة الأمر، هذا ما أدعو الله أن يحصل، آمين.جورج