من خلال الحملة الشعبية الفعالة التي تلاقحت فيها القناعات بين مختلف مكونات الشعب المغربي، يمكن استخلاص أن هناك رغبة قوية لتصحيح اختلالات الوضع السياسي والاقتصادي، التي تراجعت أكثر بموازاة مع ما سمي بالربيع العربي ، وبذلك فكلنا مسؤولون بطريقة أو بأخرى عما وصلنا إليه من إهانة لكرامتنا وضرب في قيمنا وسلوكنا السوي، من قبل حزب العدالة والتنمية الذي راهن عليه الجميع لخلق نمودج تنموي، من شأنه تحقيق العدالة الاجتماعية وفق مرجعيتهم الإسلامية كما يدعون، لكن ما وقع هو العكس، فقد ظلم وتجبر وأنهك القدرة الشرائية للمواطن، وكان استهدافه للطبقة الوسطى والموظفين وعموم الفقراء واضحا، من خلال القرارات التي مررها كتحرير أسعار المحروقات دون اتخاذ احترازات ضرورية، أو الزيادة في سن التقاعد، بدعوى حالة الإفلاس التي تهدد هذا الصندوق،……. لم لم نطالب ساعتها بمحاسبتها على كل أذى وكل معاناة ألحقتها بالمواطن المغلوب على أمره؟. نعم المقاطعة هي أبدع طريقة نهجها شباب بسيط، سلمي لأبعد الحدود، وراقي في تخيلاته للدفاع عن حقوقه، فزمن العنف والإرتجالية ولى. بدأت المقاطعة بالإعراض عن اقتناء مواد بعينها باعتبارها من أساسيات الحياة اليومية لكل مواطن، فكانت خطوة جبارة أتت أكلها، وأبانت عن مصداقيتها ونضجها، انطلاقا من ردود الفعل التي خلفتها، وصداها الذي تعدى كل الحدود الجغرافية. وسيلة أدهشت الخارج قبل الداخل في رقيها وسموها، وسيلة لا يمكن أن تنسب لأي لون كان رغم ما قيل ويقال، وسيلة خرجت من معاناة المواطن ولمصلحته ليس إلا، لقد أبانت المقاطعة عن نضج عميق في المطالبة بحقوقه المشروعة، وهي (العدالة الإجتماعية، العيش الكريم ومحاسبة من اغتني بدون وجه حق ) هذه الوسيلة السلمية والبسيطة أزاحت الستار عن مجموعة من الخروقات التي صارت تنجلي الواحدة تلو الأخرى، إلى أن كشف المستور، فكشرت الذئاب عن أنيابها بعد أن أصابتها المقاطعة في مقتل، وضربت مصالحها ومصدر قوتها وجبروتها، فخرجت عن عقلها وصارت تنعت المواطن الكريم بشتى النعوت وبأقبح الصفات، فكان الإصرار وكان المزيد من العزم، بعدما اغتنت على حساب من وثقوا فيها وفي “نزاهتها ومرجعيتها”، و بعد أن منحوها أصواتها، فخيبت آمالهم ولازالت مصرة على استكمال مسيرتها الظالمة والمرهقة لفئة ليست بسيطة من الشعب المغربي، لست أدري هل كان ذلك انتقاما منه، أم قصورا في رؤيتها وضعف خبرتها السياسية في التدبير! لقد أبانت وبالملموس عن فشلها الدريع في تسيير الشأن العام وفشل في التحام بيتها من الداخل، بعد أن تصدع بسبب الغنيمة، فأفرزت حوارا متلعثما وازدواجية في الخطاب. غير أن الغريب في الآمر هو صمت حكومتنا الموقرة أمام كل تجريح طال المواطن والإصطفاف جنبا إلى جانب ناهبي الشعب، مما جعلها ضعيفة أمام اتخاد أي قرار جريء يخدم المصلحة العامة للمواطن المفقر والمنهك، نتيجة سياسة اقتصادية واجتماعية غير منصفة له، بل فصلت على مقاسه لصالح ذوي الإستثمارات والمشاريع . فأبانت عن ضعفها وفشلها دون أن ترقى إلى تطلعات الشعب المغربي، فضلا عن القصور في نظرتها للأمور وعدم خبرتها ومصداقيتها، الشئ الذي يظهر جليا من خلال خرجات بعض وزرائها النشاز، نتج عنها ردود أفعال قوية زاد من حماس المقاطعين والتشبث باختيارهم . حكومة اهتمت بالفئة الغنية فزادت في إغنائها، و سلطت كل قوتها على الفئة الفقيرة والمتوسطة فزادت في تفقيرها ومعاناتها، وكأنها سُخرت للقضاء على ما تبقى منه. فكانت بئس الحكومة التي عرفها المغرب على مر السنين الماضية. لقد سخرت الدين بكل جرأة لخدمة أجندتها، فاستطاعت استمالة العديد من الأصوات ذوي الرؤيا البسيطة والساذجة، لعبت على وترهم الحساس لتحقيق مصالحها . عموما يمكن القول أن هذه الحكومة بقيادة العدالة والتنمية، أبانت عن جرأة نادرة من خلال تسميتها الإجهازعلى مصالح المواطنين الطبقة الفقيرة والمتوسطة “”بالإصلاحات الكبرى، وأنها تحارب الفساد، كل ذلك امتثالا لإملاءات صندوق النقد الدولي، ولذلك فهي استثناء، والشاذ لا يقاس عليه. وعليه، فهي حكومة إجهاز بامتياز.
بقلم : سعاد الشرقاوي