المغرب وتحدي الخيار بين الفرنسية والإنجليزية

المغرب وتحدي الخيار بين الفرنسية والإنجليزية !

يقف المغرب والمغاربة أمام قرار مصيري قد يغير مستقبل التعليم والبحث العلمي وجوانب عديدة، القرار متوقف علي اختيارالانجليزية كلغة منهجية بدل الفرنسية لغة موليير وجون جاك روسو وجون بول سارتر…. اللغة الغنية أدبيا والدافئة رومانسيا والذابلة والمتلاشية الصلاحية دوليا ! بعد أسابيع سيقدم التقرير الاستراتيجي للمجلس الأعلي للتربية والتكوين والبحث العلمي للملك محمد السادس للنظر فيه، آملين أن يتم اختيار الانجليزية بدل الفرنسية لتدارك تأخر وجفا ثقافيين عانينا منهما كمغاربة لسنين، ضحية لوبي فرنكفوني مهيمن عل المجتمع المغربي بنفوذه، وفارض للغة الفرنسية لتكريس التبعية الاقتصادية والثقافية والولاء ل “ماما فرنسا” وبالتالي حماية مصالحه الخاصة.

التيار الفرونكفوني يدافع باستماتة عن اللغة الفرنسية وكأنها جزأ من التراب الوطني ! وهي ليست كذلك. الفرنسية هي نتيجة استعمار عسكري وثقافي فرضا عل المغرب لما يقارب خمسين سنة قسرا، وبعد اخراج فرنسا من المغرب، بقيت لغتها مفروضة علينا أطول من مدة الاستعمار! وتحديدا 59 سنة ! لان الذين نادوا آنذاك بالهوية والتشبت بالعربية، بعثوا ابنااهم للدراسة بفرنسا والعودة الي المغرب لتقلد أحسن المناصب في الدولة والقطاع الخاص، وفرضوا ثقافة فرنسية وميزا طبقيا وتبعية ثقافية وتجارية الي يومنا هذا، والدليل ان اغلبهم لا يتكلمون المغربية في بيوتهم او تغلب عليهم الفرنسية وهذا دليل عل فقدان الهوية المغربية، اما في العمل فالفرنسية هي لغة التواصل الوحيدة ….. وندعي ان المغرب بلد مستقل ! ثقافيا لا أظن !!!

لماذا الانجليزية ؟؟؟

Ad image

الانجليزية لغة العالم بامتياز، لغة الرأسمالية والاقتصاد والتجارة، لغة التسيير وإدارة الاعمال والتسويق واستثمار الموارد البشرية بطريقة أبهرت العالم. لغة الثورة المعلوماتية والتواصلية ومنتوجات فكر هذه اللغة تنطق بقوتها ووزنها وأهميتها، المايكروسوفت وأوراكل وسيسكو ويونكس اسما بل قمم تطل عل العالم وتربط قاراته عن بعد وبقرب، بالابتكار والبحث العلمي والتجديد والتحديث. الفايسبوك والواتساب والسكايب والتانجو تمكن العالم والبشرية من التواصل والتقارب والاندماج والتعاون والتكامل. الآيفون والآيباد والماك ثورة تقنية غيرت العالم في مدة وجيزة وفتحت آفاق لا حدود لها وجعلت من التفاحة المعضوضة علامة تجارية عالمية يسيل لها لعاب الجميع كبارا وصغارا.

وردا عل نور الدين عيوش رجل الإشهار والاعمال المغربي، أحد المنادين بتدريس العامية المغربية في المدارس، وعضو المجلس الاعلي للتربية والتكوين والبحث العلمي، الذي يقول : “ان الفرنسية ليست لغة المستعمر فقط فهي غنيمة حرب !” ” وان حوالي ثلاثين دولة تتكلم الفرنسية !” ” وان المغرب له علاقات اقتصادية مع فرنسا ومع دول افريقية يجب ان لا نفرط فيها ! ”

أرد وأقول: غنيمة حرب ! حرب لم نبدأها بل فرضت علينا، الغنيمة هي المصالح التي جنتها فرنسا طيلة سنين الاستعمار وبعد خروجها من المغرب وما يجنيه من مصالح من مقاولين مغاربة تمسكا بثقافة فرنسا. اما عن الدول التي تتكلم الفرنسية فهي كانت مستعمرة من فرنسا او قريبة جغرافيا منها كبلجيكا وسويسرا وعندما تستيقظ وتتحرر الدول الافريقية من القبضة الفرنسية سيكون حالها وحال القارة السمرا أفضل. اما المصالح والعلاقات التي تربطنا بهذه الدول فلها جذور تاريخية واقتصادية وثقافية وجغرافية قوية واعتمادنا للغة الانجليزية سيزيدها قوة، لأننا لا ندعو الي إقصاء الفرنسية بل للاحتفاظ بها وتجديد وتحديث رصيدنا الثقافي فيما يخص لغة البحث العلمي والتكوين مواكبة للعالم المنفتح عل هذه اللغة الحية والفاعلة والبسيطة والسهلة التعلم، كما يقال غناها في بساطتها. وإلا سنكون كالذي يسبح عكس التيار ! وسنعول عل مترجم يلازمنا للتواصل مع العالم ! وتصوري كمغربي يعيش في أمريكا ومتحدث للغة الانجليزية كلغة ثانية، انه خلال خمس سنوات يمكن ان يصبح مستوانا حسنا وخلال خمس سنوات اخري سيصبح مستوانا قويا لانها لغة سهلة، ولأن اللسان المغربي مرن ويتعلم اللغات بسرعة كبيرة. وأطرح السؤال التالي كي تتضح الصورة : اذا ما اجتمع الساسة ورجال الاقتصاد والحقوقيون والقادة والأطباء والمهنيون في اي تخصص كان في أي مكان بالعالم، بأي لغة يتواصلون ؟ الواقع الذي يجب ان نواجهه ان الفرنسية تراجعت كلغة علم وبحث وابتكار، وتلاشت فعاليتها ومفعولها عالميا، بل ان في فرنسا ذاتها ما يزيد عن 90% من الأبحاث في الجامعات ومراكز التكوين هي بالانجليزية وتنشر بها، فلماذا نتمسك بالفرنسية اذا والعالم أغلبه ينفتح عل الانجليزية !

اختيار الانجليزية هو القرار الصائب في نظري، لما في هذه اللغة من آفاق وأدوات ستزيد من قدرات الشاب والمجتمع المغربي التواصلية والعلمية والمعرفية خاصة ان العالم اصبح مدينة صغيرة، من المنطقي ان نعرف لغة مدينة ما، اذا ما أردنا ان نتجول فيها ونتواصل مع الآخرين بكل أريحية وإلا نعتمد عل الحركات للتعبير ! خيار الانجليزية سيكون دون شك قيمة مضافة للمغرب الجديد المنفتح بطبيعته، ومكتسب من مكتسبات التغيير التي حققها المغرب، اذا ما أردنا ان نفك شفرة التحديات الاقتصادية والثقافية والجيوسياسية، دون ان نفقد هويتنا المغربية التي نفتخر بها وقيمنا الحضارية التي تميزنا كمغاربة.

فهد بن محمد ربوب