الزمن لا يتوقف والعمر يدخل في عده العكسي وبني آدم ليس له أي علم بالغد , والشعب في أمس الحاجة أن يعيش يومه أكلا وشربا وعملا , ويسبت ليله في مسكنه حيث الأمان والإستقرار.
المسؤولية اليوم والمحددة في دستور البلاد , نعتبرها على عاتق من تحمل تدبير الشأن العام , مسؤولية يومية تتطلب المتابعة والمحاسبة في آخر اليوم دون التماطل لأن الفجر الجديد قد يحمل مالم نتوقعه , حيث تتراكم القضايا والملفات وتصبح عبئا ثقيلا يعيد عجلة التنمية إلى الوراء نحو الركوض والجمود وفي آخر الرتب عالميا .
بعجالة نطرح السؤال التالي : ماذا قام به رئيس الحكومة مباشرة بعد التصريح بالبرنامج الحكومي ؟ وماذا تفضل به الوزراء من تدبير للسياسات العمومية ؟ وماذا انتفع به الشعب خلال نصف الولاية ؟
فعندما نفتح دفتر التحملات , لانرى في الواقع ما يصرح به رئيس الحكومة أو ما يعلنه للرأي العام الوطني الناطق الرسمي باسم الحكومة , فالأقوال ما تلقاها من مائدة الحكومة, والواقع يكذب ويكشف الحقيقة التي تتحول إلى مأساة في كل يوم ومع كل تصريح أو خرجة إعلامية وهذا أمر لن يمرره أحد على الشعب المغربي الوفي , ليس لأنه – الشعب – غبي لكن لأنه فعلا شعب صبور مع السلم والسلام مع العيش في أمان , لكن في ظل تدبير أعرج وفي ظل سياسة المكر والإستقواء فرخت السياسات كل مظاهر الفقر والدونية الأخلاقية وعاشت المحسوبية بتشجيع من الوصوليين أعداء الوطن في الداخل الذين لا هدف لهم إلا إمتصاص دم الطبقة الشعبية وجعلها كقشرة خبز محروقة تتقادفها الأحدية في الشارع العام .
جيل كلما اختار تجارة حرة في غياب الشغل وانعدام المناصب العمل والوظائف إلا عسكرته الموانع من قوانين زجرية وتدخل للسلطة بتعنيف لم يستخدم ضد جبهة البوليساريو ولا ضد من يعلن الإنفصال (…)
جيل وجد آباءه في قاعة الإنتظار , ينتظرون الشغل, ينتظرون السكن وينتظرون سريرا في المستشفى ليعالجون كما يعالج أبناء الوزراء والبرلمانيين وكبار المسؤولين , بل وجد شباب الشعب أنفسهم بين باعة المخدرات والخمور المنتشرة في الأزقة والدروب فأين اختفت النخب السياسية الموكول لها بالتأطير من مستشارين جماعيين ومن عمداء الجماعات المحلية ومجالسها ؟ فأين الأندية الثقافية والملاعب الرياضية ؟ وأين وعود الأسواق النمودجية ؟ فالمنكر هو أن تلاحق شابا يبيع ملابسه في الشارع العام ليقتني الدواء لأمه أو أخته في غياب منصب شغل وفي غياب تعميم الدواء والمستشفيات وفي غياب للتجهيز والحفاظ على كرامة المواطن وتوفير حقه الدستوري في العمل والسكن والتطبيب والتعليم .
لم نر من الحكومة إلا الحق في إنزال المقاربة الأمنية والتصدي للإحتجاجات الكاشفة عن ضعف تدبير حكومي لا يرقى وزراءه إلى تدبير الشأن الوطني , فالعصا لم تكن يوما حلا للنمو الفكري والرقي بالشعوب والركل والرفس والسب لن يولد إلا الكره , والإستقواء والتحكم لن يولد إلا الإنتقام .
المقاربة الصحيحة تتجلى في حل النخب القائمة على التطاول والتظاهر بحبها للملكية واستفرادها بالوطنية , فلابد من التخلص منها اليوم قبل الغد بالإقالة دون العود , فهي سرطان يسلط باسم المسؤولية وباسم رجال فوق القانون عبثوا بالبلاد والعباد ونهبوا الثروة وخيرات الأرض والمياه .
الشعب يحتضر صبرا , والمشهد السياسي ذليل حقير , والحالة الإجتماعية والإقتصادية على صفيح ساخن , والمجال الحقوقي في ردة والخزينة في أزمة والشعب في ضيق والإبتسامة تخلقها الديون البنكية والأمل في الغد .
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل – صحفي