عبد الله مشنون
في الوقت الذي تقمص فيه رئيس الحكومة دور النادل وقام بصب الشاي الحلو المنعنع لبعض مناضلات فريقه في إطار “نشاط حزبي” كان الحزن والأسى والحسرة تؤثث بيت وحي الطفل رضا الذي قضى صريعا مشنوقا بعد سلسلة من الاحداث الاجرامية الإرهابية والتي تمت في حقه وانتهت باغتصاب حياته من طرف عصابة من الوحوش المسعورة.
لم أستطع اكمال شريط إعادة تمثيل الجريمة لما اثارته في نفسي تلك المشاهد من الحنق والغيظ وصرت اتخيل استغاثات الطفل وصراخه وتوسله لمن عدموا الرحمة والشفقة وقد امنوا في خلوتهم وسهل عليهم الحصول على المواد المخدرة من خمور وحشيش وقرقوبي وغيرها كيف لا وقد بتنا نعيش في أجواء من الذعر تجد فيها المراهقين متأبطين أسلحتهم ومغيبين نشتى أنواع المخدرات خصوصا في الاحياء الشعبية.
وكذلك بالنسبة لشريط تعذيب حنان رحمها الله حيث لم اجد في نفسي القدرة على مشاهدته فقد تناقل الناس فصوله المروعة وتفاصيله المقززة والتي لم نكن نسمع عنها الا في افلام الرعب .
ان إحساس المواطن بعدم الأمان وتخوفه على ابناءه من ترصدات المجرمين وجرأتهم على اقتراف كل الشرور في مناى عن الملاحقة والعقاب ليسائلنا جميعا عن دور كل واحد منا ومسؤوليته في الحفاظ على الأمن العام والحرص على تعليم الأجيال وتحصينها من كل انحراف وقطع كل الذرائع والأسباب الموصلة الى الجريمة وكذلك تقوية الجانب القانوني لجعل الأحكام القضائية رادعة عن كل عود او تفكير في الاعتداء على المواطنين بل حتى عندما يلقى القبض على اللصوص والمغتصبين فان تفعيل المساطر الزجرية في حقهم لا يكون بالقوة التي تحقق العدالة بفعل ما يرافق الأجواء بدءا بالاعتقال وانتهاء بالحكم من وساطات وتدخلات وتنازل لتخفيف الاحكام وما قضية اغتصاب فتاة بنجرير عنا ببعيد على سبيل المثال. ثم بعد ذلك تبدأ “المساعي” من طرف عائلات الجناة واصحابهم للحصول على الافراج في اطار العفو.
والعفو حق دستوري لجلالة الملك حيث ترفع اليه لوائح المراد استفادتهم من هذا الحق من طرف لجنة الشؤون الجنائية والعفو وفق “معايير” حسن السيرة والسلوك داخل المؤسسة السجنية غير ان تمتع اللصوص والمجرمين ومروجي المخدرات والقتلة ومغتصبي الأطفال (الاسباني دانييل مثلا) ليجعلنا نطرح اكثر من علامة استفهام حول عمل هذه اللجنة افليس من الضروري على نواب الامة ومشرعيها ان يعكفوا على اخراج قانون واضح لعمل اللجنة ورفع مستوى ممثليها أفليس من واجب هؤلاء المشرعين العمل على إقرار كل آلية تحد من خطر الاجرام وتقطع دابره عوض التلكؤ والغياب المستمر عن اشغال البرلمان ولجانه ثم بعد ذلك يأتون بكل وقاحة ليختبئوا خلف العفو الملكي .
لقد صار التبجح باقتراف الجرائم وتصويرها وبثها في مواقع التواصل موضة المجرمين اليوم كما حصل للشابة حنان والتي تلذذ مغتصبها بتعذيبها وقتلها والتمثيل بجثتها فما الفرق بين هذا المجرم المعتوه وبين قاتل المصلين بنيوزيلندا كلاهما صور مقتلته وابتهج بها فقاتل نفس بريئة (كأنما قتل الناس جميعا).
ماذا اعدت الحكومة ورئيسها من “كلام” تقنع به ام حنان ووالدي رضا سوى لقد تم القبض عن الجناة وهم اليوم في ايدي العدالة. قد قيل هذا الكلام للكثيرين قيل لأم الشاب الذي تمت تصفيته جهارا نهارا بحي القرية بسلا منذ اقل من عام قيل لأم امينة بنت العرائش التي انتحرت بعد اكراهها على الزواج من مغتصبها قيل لأم خديجة التي أضرمت النار في جسدها النحيف ببن كرير بعدما برأت المحكمة مغتصبيها الثمانية.
لا الحكومة (بكل وزرائها واحزابها السياسية ) مشغولة الآن بالعطلة والشوكولاتة والتدليك وبعد أيام ستحدثنا عن جودة الأغنام وسلامة القطيع ثم الهاء المواطنين بعد ذلك بمشاكل الدخول المدرسي ومقتضيات قانون الفرنسة والذي تم تمريره هذا الاسبوع في خرق سافر للدستور.
الامن مطلب وحق للمواطن فلا يطيب عيش ولا ينتفع بشيء دونما توفر لأجواء الطمأنينة والأمان فالحزم مطلوب من طرف الدولة كما ان الواجب يقتضي عدم تراخي الإباء ولامبالاتهم تجاه تعليم أبنائهم وتربيتهم وبث قيم المسؤولية والمواطنة وشغلهم بما يفيد لا ما يخرب عقولهم ويدمر حياتهم.