د. مراد بنيعيش
أحيانا ندفع لكي ندخل في نقاش أقل ما يمكن القول عنه أنه عقيم خاصة عندما يتعلق الأمر بالرد على شخص من المفروض فيه أنه قدوة، وحري به أن يترفع عن استعمال مصطلحات قد تجر عليه الويلات..
الأمر يتعلق بشخص يدعى الدكتور يحيى اليحياوي أستاذ علم الاقتصاد بالرباط.. من خلال رده على تعليق للصديق Hassan Chakir وعلى حائط الأخ Said Hammada، وصف مربي الأجيال والباحث والمفكر والدكتور مغاربة العالم ب”سراح الدواوير” و”متسكعين وعاطلين وحراكة وتجار مخدرات”..
للتوضيح.. لست هنا لأدافع عن حسن شاكير، لأنه “فران وقاد بحومة”..
أولا سي يحيى: هؤلاء من تنعتهم ب”السراح والمتسكعين” يساهمون في اقتصاد المغرب بتحويلات تفوق 7 ملايير و300 مليون دولار أ الشريف، أي ما يقارب 6.8 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي الخام للمغرب (المصدر: تقرير البنك الدولي).. بلغة الاقتصاد الذي تدرسه، هؤلاء “السراح” أكثر مردودية للمغرب من الملايين كسعادتك المقيمين في المغرب وتنظرون إلينا كعمالة رخيصة أو “متسكعين” في بلدان الإقامة، بل الأكثر من هذا، تتاجرون بالمشاكل التي تواجههم كمغاربة، هذه المشاكل أ الشريف مع البلد الأم وليس مع بلدان الإقامة حيث حقوقهم محفوظة ومكفولة بقوة القانون ولا ينظر إليهم كمواطنين درجة ثانية، إلا من رضي ذلك على نفسه لأن تركيبة مغاربة العالم لا تختلف عن التركيبة الأم التي انبثقوا منها..
ثانيا سي يحيى: أظنك لا تعلم عن مغاربة العالم إلا الفتات أو أنت ضحية الصورة النمطية التي يتم تسويقها من قبل الكثيرين أو من خلال تلك العينة الشاذة التي تجوب شوارع المغرب صيفا من أصحاب “جوج عام” والذين نتفق جميعا على أنهم قلة لا تمثل شريحة عريضة تقدر بالملايين ممن حملوا على عاتقهم مسؤولية أنفسهم وذوويهم وحتى بلدهم الأم..
ثالثا سي يحيى: هل تعلم أن الآلاف من معاربة العالم انخرطوا في بلدان الإقامة في مجالات شتى.. فهناك علماء فضاء ودكاترة أساتذة جامعيين مرموقين وإعلاميون أكفاء وأطباء ومهندسون وخبراء ومدراء مؤسسات كبرى وبنكيون في مؤسسات بنكية كبرى وسياسيون وضباط ومخترعون كالصديق Rachid Yazami.. كل هؤلاء وآخرون بصموا على أعمالهم وكفاءتهم بشكل شهدت به كبريات المتديات العالمية.. فبتعليقك السمج فأنت تبخس ملايين المغاربة حقهم، وتساهم بشكل أو بآخر في تقزيم حجمهم وبالتالي ترسخ طرح الدولة في إقصائهم من الاندماج الكلي أو الجزئي في بلدهم الأم (المغرب)..
رابعا سي يحيى: نفخر أننا نحمل جنسيات دول أخرى لأنها فتحت لنا أبوابها ومنحتنا فرصتنا بغض النظر عن لون بشرتنا أو ديننا وبدون دفع رشاوى وإكراميات أو اللجوء إلى معارفنا وآبائنا.. فحري بنا أن نكون ممنونين لهم في الوقت الذي تم إقفال العديد من الأبواب في وجوهنا في بلدنا الأم، هذا الأخير الذي لازلنا نحمل جبه في قلوبنا رغم قسوة مسيريه علينا..
خامسا سي يحيى: عيب عليك أن ترمي أبناء جلدتك بهكذا نعوت.. هل تعلم أن النبي محمد كان راعيا للأغنام يعني “سارح” والنبي عيسى كان نجارا والنبي داوود كان حدادا.. لم تكن أية حرفة مدعاة للقدح.. فإذا كان النبي سليمان احترم نملة وأوقف جيشا على بأكمله ليتحدث إليها، فهؤلاء من تنعتهم ب”السراح” ليسوا أقل شأنا من النملة ولست أنا أكثر قدرا من النبي سليمان حتى تسمح لنفسك بنعتنا كذلك.. لم تحترم آدميتهم والظروف التي دفعت بهم للهجرة..
هؤلاء “السراح” غادروا البلاد وشمروا على سواعدهم ويعولون أسرا تكفي الدولة “شر” حمل همومهم.. حملوا جنسيات بلدان الإقامة ولم يتنكروا قط للبلد الأم وهويتهم.. أنا حامل للجنسيتين البريطانية والأمريكية بكل فخر ولست “سارح” وأظنني لا أقل وطنية وتشبثا بهويتي المغربية عن أي مغربي آخر..
سادسا سي يحيى: طالعت صفحتك وكلمة حق أقولها أنك تطرح أحيانا مواضيعا جديرة بالتأمل، لكنك سقطت في فخ الشخصنة عندما هاجمت شخص عبد الله بوصوف الذاتي عوض شخصه المعنوي.. وكان حريا بك قبل أن تطرح تساؤلاتك حول CCME ومن فيه، لماذا لم تذهب مباشرة إلى من أحدثه ومن يقف وراء تعيين رئيسه ولم تسأله عن الجدوى من كثرة المؤسسات المعنية بالجالات المغربية في ظل عقم في عملها جميعا؟؟!!
سابعا سي يحيى: منذ سنوات ونحن ننتقد طريقة عمل CCME حتى قبل أن يأتي بوصوف الذي ما هو سوى بيدق آخر من البيادق التي تستعملها الدولة في مفهومها للعمل المؤسساتي والجمعوي، والذي لم ولن يأتي بأي نتائج في ظل امتناع الكثيرين من طرح أسئلة بعينها على شخص بعينه.. أما أكباش الفداء، فثق بي، سوف يذهب بوصوف ويأتي بوصوف آخر.. المشكل أعمق بكثير من مجرد شخص ارتأى “الأسياد” أنه لازال “رجل المرحلة”..
ثامنا سي يحيى: الدكتوراة ستظل مجرد ورقة رخصية تعلق على الحائط إذا لم تنعكس على حاملها من خلال كيفية ضبط نفسه في المواقف الحرجة والنقاشات الحادة والمتوترة.. الدكتوراة لا تعني بأي شكل من الأشكال الألوهية والقدسية والعصمة من الخطأ.. وبما أنك وقعت في خطأ، يتوجب عليك الاعتذار لإخوتك من مغاربة العالم الذين جمعتهم كلهم في سلة واحدة خلال نقاش حاد لك.. والاغتذار من شيم الرجال والمتواضعين ومن يقدرون أنفسهم حق قدرها..
تاسعا سي يحيى: نعم، هناك من مغاربة العالم من يتاجر في المخدرات وهناك العاطل وهناك العاهرة.. لكنك صنفتنا جميعا كهؤلاء.. جميل.. أعرف دكاترة وأساتذة جامعيين يمارسون الجنس مع الطالبات ويبتزوهن من أجل النقط.. بما أنك دكتور وأستاذ جامعي، أظنك كذلك أيضا في إطار التعميم وعدم الاقتصار على حالات شاذة بعينها؟؟
عاشرا سي يحيى: إذا أردت سيرتي الذاتية وتكويني العلمي والأكاديمي والعملي.. مرحبا وبكل سرور..
متى سنتخلص من هذه العنصرية تجاه بعضنا البعض؟ لماذا يكرهنا العديد من إخوتنا في البلد الأم رغم أننا نحبهم ونعمل ما بوسعنا لنشرفهم أينما حللنا وارتحلنا..
تحياتي..
مراد