الحلويات والبرلمان أعراف وتقاليد


يكتبها : حسن أبوعَقيل

ليس ما حصل بعد حفل الشاي  وأطباق الحلويات أمر جديد , فالأمر يعود مند تأسيس البرلمان المغربي وكنا نحضر كصحافة في أكثر من مناسبة لكن لم نر مثل هذا الجشع إلا في بداية العقد الثامن للبرلمان أي  بعد أن أصبح لقبة البرلمان نكهة خاصة بتواجد نخبة من البرلمانيين لا يشبهون سابقيهم ولو أن النتائج تتشابه في تدبير ملفات مجلس النواب ومجلس المستشارين لكون كلا الغرفتين على مقاس واحد مع بعض الإستثناءات التي يتحلى بها  السادة البرلمانيين وهم قلة قليلة  نشد على أيديها لكونها لازالت تقطن نفس الأحياء والدروب وتجتمع بالساكنة  ولم تخرج عن مألوفها المادي  حيث فعلا لازال الأبناء بنفس المدارس التعليمية العمومية  وبلباس عادي وبدون مشاريع خاصة  .
ما يقلق راحتنا كمواطنين أن يجتمع البرلمانيون بهذا الشكل والقبة مملوءة لآخرها ليس حبا في العمل النيابي ولكن خوفا من ملك البلاد وخوفا من السؤال عن الغياب وخوفا من المحاسبة .
فكثير من البرلمانيين رغم لائحة الغياب , لا يحضرون أشغال الجلسات وحتى التصويت على الميزانية يسجلون في قائمة الغياب ,
هؤلاء المتغيبون كانوا اول من حضر الإفتتاح وحرصوا  في حفل الشاي على أخد الحلويات باعتبارها ” باروك ” حسب رأيهم  وتعليقهم , هذا ” الباروك ”  سيحظى به الأولاد في البيت كعادة وتقليد يكرسها الكثير سواء بمناسبة الأعياد الوطنية  أو حفل الولاء  وعند افتتاح البرلمان وتبقى الصورة لهذا المشهد البائس فكرة أو أحجية لكن ما تتخيله عدستنا يتحول بحكم الواقع إلى مرارة تتكرر ألف مرة في حياتنا اليومية , فماذا حقق البرلمان المغربي غير ما وقعه بالنيابة عن الشعب المغربي من ديون وقروض دولية فأين خدمة المصالح العليا  وأين يتجسد العمل النيابي حتى يستحق هؤلاء هذه الحلويات في الوقت الذي تهدم البراريك فوق رؤوس المواطنين ويلجأ الشباب إلى ركوب المخاطر من أجل البحث عن الشغل في الضفة الأخرى دون أن يبالي بحياته .
هذه النخب التي تعانق التصفيق لا قيمة مضافة لها , بل يعتبرها الشعب ضريبة وفواتير ملزِمة للمواطنين بتخليصها فأطفال المدارس العمومية  الإبتدائية قادرون على وضع الأسئلة من داخل قبة البرلمان لكون الأمر ليس بعسير , فكيف يجاز البرلمانيون بالرواتب والتقاعد والمعاشات والهواتف والحج والفنادق والبنزين والسلطة والنفود والإستقواء والتحكم  وفيهم من هو متابع بأداء الضرائب ومع ذلك لم يغفل ” حلويات البرلمان ” .
نحن لسنا ضد الدعم العمومي لكن الشعب من يحترق اليوم فهو في أمس الحاجة للدعم المالي ليخرج من الإحباط  فلا مستشفيات ولا سكن ولا كرامة ولاشغل فيكفي الأحزاب ما نالته من دعم مالي ودعم معنوي دون فائدة على أرض الواقع .
الشعب من هو في أمس الحاجة للحلويات لكونه صانع السلام لكونه أهل للصبر ولحبه  للوطن واحترامه وتقدير للنظام (…) وما دون ذلك تقارير مغلوطة  لإبقاء الحال على ما عليه وتخويف الجهات العليا حتى تبقى المقاربة الأمنية الضاغطة وفي جبهة المواجهة .
فاصل ونواصل …