لم يكن إعفاء رئيس الحكومة السيد عبد الإله بن كيران مغيبا عن الواقع بل كان حاضرا لدى الخاص والعام , لكن في مفهوم السيد بن كيران كان أمرا غير متوقع لكونه كان يرى في علاقته بالملك صورة الحلول عندما تنازل عن سلطات مؤسسة رئاسة الحكومة معتقدا أنه يبني علاقة تقة بالمؤسسة الملكية فكانت خرجاته المعتادة ” هاتفني الملك قلت للملك ” ” الملك من يحكم أنا ملكي حتى النخاع لايمكنني أن اتواجه مع الملك ” ثم انقلب 180 درجة عندما صرح خلال خرجاته أنه لا ينتظر رضا الملك وان الدولة المغربية بحكومتين .. واحدة يحكمها الملك وواحدة لا نعرف من يحكمها وأن حزب العدالة والتنمية من أخرج المغرب من عنق الزجاجة في إشارة لاستقرار البلاد وأمنها ساعة الربيع العربي حتى أصبح يضعها فزاعة كلما اشتد عليه الأمر وبدا يهدد بالنزول إلى الشارع الامر الذي جعل ملك البلاد يرسل في خطاب العرش رسالة الى رئيس الحكومة يقول فيها ” إن البعض يقوم بممارسات تتنافى مع مبادئ وأخلاقيات العمل السياسي ويطلق تصريحات تسيئ إلى سمعة الوطن وتمس بحرمة ومصداقية المؤسسات في محاولة لكسب أصوات وتعاطف الناخبين ” , فحين أن الإشارة تؤكد أن القصر يكرس بناء علاقته مع مؤسسة رئاسة الحكومة على مفاهمات سياسية حول مساحات الإشتغال في الحقل السياسي اعتبارا أن بن كيران وحزبه في مرحلة الترشيد ونستشهد بالولاية الحكومية التي مرت 5 أعوام عجاف باستثناء دفاع بن كيران على تقاعد البرلمانيين ومعاشات الوزراء أما القوانين التنظيمية فكانت مجحفة غير مقبولة لا تستجيب لاستقرار البلاد اقتصاديا واجتماعبا وحتى سياسيا والنتيجة لجنة تقصي الحقائق الخاصة في صندوق التقاعد وأخرى ستكون ولا محالة تتهيأ بخصوص القوانين التنظيمية للسلطة القضائية , كما أن الملك لا يمكنه أن يكون محل مفاضلة بحثا عن توافقات باعتباره ملك المغاربة جميعا وبدون استثناء .
السيد بن كيران اعتبر نفسه أول من جلس على رئاسة الحكومة في إقصاء تام لمن سبقوه من 19 رئيس الوزراء بما فيهم المنصب المؤقت للراحل محمد الخامس والراحل الحسن الثاني وما زاد استفزازا للشعب السلوك الذي يجسده من داخل البرلمان او في لقاءات مع الصحافة بأسلوب الإستهزاء والتحقير (….)
السيد بن كيران لم يعط لنفسه تلك الشخصية السياسية المنفتحة على الجميع والتي اعتاد عليها الشعب المغربي , فوقع في الخلط والخطأ الفادح في كل المناسبات بظهوره الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وحتى في جلسات الحوار بالمجلس الوزاري أمام الملك فهذا الإنفصام كان واضحا لدى السياسيين ومستشاري الملك وأمام جموع الصحافيين الشرفاء .
السيد بن كيران هز استقرار المواطنين بتصريحاته المفاجئة والتي تركت الجمهور في حالة دعر مريب عندما قال أن إسلامه إسلام إبن تيمية مستشهدا بأقواله التي تقشعر من هولها الجلود والأجساد عوضا أن يقول بأننا مسلمون على المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية , فسار على دربه بعض مريديه من خلال تدوينات بالمواقع الإجتماعية التي كانت محط استفسار أصحابها من قبل الأجهزة الأمنية المغربية المرابطة من أجل الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين .
إجمالا وبعيدا عن الخطاب الرسمي فالحكومة التي ترأسها عبد الإله بن كيران كانت أسوأ نموذج في تدبير الشأن العام رغم أنها تسترت وراء مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي يشرف عليها ملك البلاد شخصيا (…)
فالإعفاء الذي عمم ببلاغ الديوان الملكي كان دستوريا أكثر ما هو سياسي ويعود الأمر لحكمة ملك البلاد وتكريسه للفصول الدستورية في جانب الإختصاص .
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل – صحفي