هل نتسول حتى ترضى علينا الحكومة ، وهل نصفق حتى يرضى علينا البرلمان ، وهل نصمت حتى ترضى علينا الأحزاب ؟
شعب وَفِيٌ ضاق كل المسارات وذاق المر والعلقم في معاشه وعيشته ، ولازالت كل مطالبه المشروعة عالقة في الدستورمخطوطة باسم مواد ونصوص ، دون أن ترى النور على أرض الواقع .
ماذا يريد أصحاب الشأن العام من المواطنين ؟ هل أن يركع الجميع لهذا التدبير المصلحي الذي يفتقد لأدنى الأخلاقيات ؟ هل يرغب الوزراء والبرلمانيون وأمناء الأحزاب موت الشعب ودفنه دون صلاة الجنازة ؟ هل من انتقد سياسة الحكومة يعتبر رأيه مزايدات خاوية ؟ .
مع كل فجر جديد ، يجد المواطن نفسه مذلولا مدحورا دون كرامة ، حقوقه مهضومة أمام أصغر مسؤول ، مفعول به طاعة وولاء لكل منصب ، منحنيا أمام لغة الإستقواء والتحكم والعجرفة مجبرا لا بطل ، ومع ذلك لايريدها فوضى حبا في البلاد والعباد والروح الوطنية التي تسري في الدم .
شعب وَفِيٌ أبان عن حبه من خلال صمته في أشد الأزمات وتحلى بالصبر حتى تمر العاصفة بأمان ، قاوم الإستعمار ولبى نداء المسيرة الخضراء وحمل الراية المغربية في كل المحافل الدولية وترافع من أجل مغربية الصحراء وقال كلمته بخصوص الحكم الذاتي كحل نهائي في إطار الجهوية المستدامة وآمن بالملكية كنظام شرعي للدولة المغربية .
شعب وَفِيٌ من حقه أن يصوت ويختار من يمثله في المؤسسات الدستورية ، من حقه أن يغير ويصحح ويكشف عن الفساد والمفسدين ، من حقه أن يحرص على المال العام وأن يراقب تدبير الحكومة من خلال السادة النواب ، وأن يتدخل ساعة التواطؤ والإنبطاح ،
أن ينتقد من أجل البناء والإرتقاء إلى مصاف الدول المتحضرة اقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا ، وأن يحتكم إلى الملك ساعة التطاول كما هو الحال اليوم .
من حق الشعب أن ينزل للشارع للإحتجاج من خلال مسيرات سلمية ويرفع الشعارات التي تحمل مطالبا مشروعة تصل إلى أعلى سلطة في المملكة ، ومن حق الشعب أن يراسل ملك البلاد مادامت الحكومة لا تخدم مصالح المواطنين ، بل تستخفف بهم وتقلل من كرامتهم ، بل أكثر من ذلك تجعلهم في مواجهة السلطات العمومية والقضاء ، إنها ترهب كل من لا يركع لها كسلطة تنفيذية وتنظيمية رغم أنها ليست على صواب ، اعتبارا أن الوزراء فوق القانون ولا تشملهم المتابعات ولا المحاسبة حسب اعتقادهم ، وأن القانون يطبق على المواطنين فقط دون غيرهم .
نسل صاعد يرى بأم عينيه مهزلة التدبير الفاشل ، يرى أهله بمجهر دول الإستقبال ونافذة الإقامة تداس كرامتهم دون حسيب ولارقيب ، وعند العودة وبرنامج مرحبا يلامسون الفقر يمينا وشمالا ، يشاهدون شباب المغرب يصطفون على شاطئ البحر ينتظرون قوارب الموت من أجل الهجرة إلى الشط الآخر حيث الرعاية والمستقبل الجديد . يعايشون مسيرات الإحتجاج السلمي وما يرافقه من عصا الطاعة دون رحمة ولا شفقة ، إدارة معطلة وقضايا على الرفوف غطتها العنكبوث وطبقات من الغبار وانتظار يؤدي إلى الإحتقان .
كيف لهذا الجيل الجديد أن يرفع العلم المغربي عاليا ؟ وكيف يمكن زرع الحب في قلبه غيرة على الوطن ويغني ” العيون عينيا والساقية الحمرا ليا ” ؟ كيف له أن يترافع عن وحدتنا الترابية كما هو حال الآباء ؟
فعلا إنها معضلة لن يشعر بها رئيس الحكومة ولا رئيس مجلس النواب ولا الأحزاب ، لكن عواقبها وخيمة في ظل التهميش والإقصاء واللامبالاة ويبقى الأمل المنشود في التصحيح والتغيير .
فاصل ونواصل
حسن أبوعَقيل