خيوط تماس :
بعد ثلاثة سنوات من تدبيره للشأن الفرنسي , برز الرئيس ماكرون منقلبا على البرنامج الذي انتُخب من أجله ما جعل شعبيته تنخفض بنسبة كبيرة , ونظرا للسياسة التي تُغطى بها الإنتخابات لكسب الأصوات ويوم الإقتراع , عمد الى فتح وإثارة موضوع ملف المسلمين والركوب على حادث مقتل الأستاذ صامويل باتي على يد فرنسي من أصل شيشاني لتعبئة الرأي العام الفرنسي من جديد ولإنقاذ ما وجب إنقاذه من صفحة شعبيته المتبقية .
فقد شهدت سنة 2020 منذ بدايتها إغلاق 73 مسجدا ومدرسة خاصة لتعليم القرآن واللغة العربية ومتجرا لبيع المنتجات الحلال , ما يؤكد الدعم الكبير من السلطات الفرنسية لمحاربة الإسلام والمسلمين في شخص المهاجرين بمختلف الجنسيات .
فخروج الرئيس الفرنسي ماكرون بتصريحاته الواضحة وبلسان التحدي أمام الرأي العام الوطني والدولي , محاولة لكسب العطف من خلال ورقة الإرهاب التي أصبحت رابحة في كل مناسبة , خاصة أن المعلم المقتول من أصل فرنسي والعادة الرفع اللون البرتقالي لترهيب المواطنين الفرنسيين وتأليبهم ضد المسلمين من جديد تحت ذريعة ما يسمى بالإرهاب . لكن الرئيس الفرنسي لم يضع أمامه بأن زيغه نحو اليمين المتطرف قد أضاع أصواتا جديدة وأضاع الأصوات التي كانت السبب في نجاحه ومكنته من قيادة الجمهورية .
المشكل أن ماكرون خلق لنفسه صراعا جديدا في السياسة الخارجية , خاصة مع الدول العربية والإسلامية لكون المهاجرين بفرنسا أغلبهم يعتنقون الديانة الإسلامية , وقد تعايشوا مع الديانات الأخرى في إطار التسامح والتلاقح والتزاوج والتصاهر وتمكنوا من كسب مناصب عليا داخل المؤسسات الفرنسية , فلماذا غابت الإستشارة قبل تصريحات الرئيس ؟ وأين الدبلوماسية التي اعتدناها في خطاب الإليزي ؟ وأين حوار الديانات الذي بات شعارا مقدسا لاحترام الآخر والحق في تبني العقيدة التي يختارها ؟
الإجابة عن هذه الأسئلة تكمن في تصريحات ماكرون الأخيرة عندما قال بالحرف :” سنرفع راية العلمانية عالية , و لن نتخل عن الرسومات والكاريكاتور وإن تقهقر البعض ” الكلمة تحمل الحقد الدفين , تحمل المضغة السوداء في القلب وتحمل التحدي بكل المعاني وأنواعه . وفي نفس الوقت يقتبس مبادئ اليمين المتطرف الذي كان بالأمس القريب وقبل فوزه- ماكرون – في الإنتخابات الرئاسية يعتبر نفسه البديل لقيادة البلاد لكنهم على ذمة واحدة .
تصريحات الرئيس الفرنسي تفتقد للأخلاق والإحترام , ودون أن يشعر فتح الباب للطرف الآخر أن يشن هجومه بشتى وسائل التعبير المتاحة ( من حقهم ) وهو يعلم جيدا بأن الرسومات الكاريكاتورية تمس رجلا مقدسا عند مسلمي العالم وليس فقط عند مسلمي فرنسا وليس الأمر كما يراه الرئيس بسيطا يكمن في رسم صورة لنبي الإسلام صل الله عليه وسلم , وما يزيد الطين بلة أن الرئيس الفرنسي يروج على أن الإسلام بات ديانة أزمة ومشاكل في كل مكان في العالم , أليس هذه حملة إنتخابية يريد من خلالها استمالة الناخبين الناقمين على المهاجرين وعلى الإسلام والمسلمين وينافس بذلك مبدأ اليمين المتطرف !
على أي لقد أظهرت بأنك حرباء تتلون مع فصول الإنتخابات , همك مقعد مريح وجلوسك على هرم قيادة الجمهورية الفرنسية لكن تأكد بأن كل ما يتعلق بالإسلام السمح محفوظ من الله عز وجل وأن نبيه المختار والمصطفى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لا تضره لا صور كاريكاتورية ولا سب ولا قدف ولا تشهير ولا أي خطاب رسمي فقد مورس عليه الكثير في حياته لكن الجميل في الأمر أن بعد مماته تعلق به المسلمون جيلا بعد جيل والحب قائم إلى يوم البعث وهذا أعتبره تحدي كبير أرد به على تحدي الرئيس الفرنسي ماكرون , وإن شاء الله الكريم وبحق خير البرية لن يصوت عليك أي مسلم في الإنتخابات القادمة وسيكون من هو أفضل منك أدبا .
فاصل ونواصل
حسن أبوعَقيل