كنا نعتقد أننا في دولة المؤسسات , مؤسسات تحترم نفسها من خلال واجباتها وما عليها من اختصاصات وهنا أستثني المؤسسة الملكية لكون اختصاصاتها بعيدة عن الإنتخابات بما فيها التسجيل والترشيح والحملة والتصويت , فالإشراف على عملية الإنتخابات عرف تقوده وزارة الداخلية من بدايتها إلى نهايتها ونظرا لكون الإشراف أصبح ثلاثيا يجمع رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية ووزارة العدل والحريات أمر لم يتقبله الناخب أمام ولاية حكومة لم تفلح في تدبيرها للشأن العام وأبانت ضعفها وتقصيرها في العديد من الملفات العالقة بالإضافة إلى أن رئاسة الحكومة ووزارة العدل والحريات كانتا متحيزتان للون السياسي متناسيتان أنهما يخدمان عامة الشعب بعيدا عن الإنتماء مما جعل المواطن يشكك في نزاهة الإنتخابات بحكم ” الإستقواء ” و ” التحكم ” الذي عايشه المغاربة إبان الولاية الحكومية وما زاد في تضخيم الأمر هو إقبال رئيس الحكومة على ترشيح نفسه مستشهدا بالفصول الدستورية المخولة لجميع المغاربة الترشح والتصويت دون أن ينزل هذه الفصول عندما أقصى 6 مليون مغربي مقيم بالخارج بل استخدم قانونا تنظيميا لحرمانه من المشاركة السياسية وفي العلن إلى جانب إقالة عامل المحمدية في إطار تصفية الحسابات والذي كان سيعين واليا على الدارالبيضاء كرجل خدوم لا يخضع للإملاءات ويشتغل بكل استقامة ونزاهة وكذلك ما تعرض له قضاة الرأي في زمن أصبح السياسي فيه يتحكم في القضائي وأصبح الجاهل يناقش القوانين بدلا من أهلها من الفقهاء (…)
لسنا ضد ترشيح رئيس الحكومة ولكن أخلاقيا أن يستأذن ملك البلاد بتعويض الإشراف على الإنتخابات برجل آخر أو بلجنة محايدة نصرة للقيل والقال والتشكيك والشد والجذب والعملية جد بسيطة لا تتطلب التحليل السياسي والتلاسن بالكلمات المتقاطعة والظهور بالمعرفة الدستورية والإختصاص , المسألة مسألة أخلاق ومبادئ فالمؤسسات الحزبية كثيرها فاقدة للمصداقية والنخب السياسية لم تنضج بعد أمام ما طفى على الساحة السياسية ومن داخل البرلمان المغربي بغرفتيه دون أن نستثني المحاكمات التي قضت على الكثير من البرلمانيين المفسدين وما راج من حماقات بعض الوزراء من ” شكلاط ” و” كراطة ” و ” جوج فرنك ” وصفقات الأزبال ” إلى جانب التهريج ومحاولة الإستفراد بالملك وتوهيم الشعب برضى القصر عما يجري ويدور وتوريط ملك البلاد من خلال تصريحات بنكيران على أنه لايحكم وأنه ينفد لكن كان خطاب العرش واضحا ورسالة موجهة للسيد عبد الإله بن كيران وأن يتحمل المسؤولية لكونها مرتبطة بالمحاسبة ( فبهت الذي كفر) .
فليتقدم بن كيران أو غيره للإنتخابات مادام الدستور خول لكل مواطن هذا الحق لكن دون ” التحكم ” فالمنصب الوزاري الذي نعرفه منصب تحكمي بإمكانه أن يستقوي على القانون والدستور ويأتي على الأخضر واليابس فما بالكم في الإشراف على الإنتخابات والترشح معا ففي الدول الديمقراطية يكون الإشراف مخولا للجنة محايدة وليس كما يدعي البعض من لغط الكلام من أجل تمويه الرأي العام .
الإنتخابات مجال للتباري لايمكن فيها للحكم أن يكون متباريا , وعليه فالسيد بن كيران عليه أخلاقيا أن يختار بين الترشح وبين الإشراف وبهذا سيكون قد دق آخر مسمار في نعش الجدل القائم وشخصيا أوافقك الرأي والمسار الذي تختاره لو كنت في ” السويد ” حيث تكرس الديمقراطية ويجري عليك القانون في كل أحوال الإنزلاقات ….
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل – صحفي