كلمة السيد رشيد الطالبي رئيس مجلس النواب في الدورة الثانية

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين

السيد رئيس الحكومة المحترم

السيدات والسادة الوزراء المحترمون

السيدات والسادة النواب المحترمون

Ad image

حضرات السيدات والسادة

طبقا لمقتضيات الفصل 65 من الدستور نفتتح بعون الله وتوفيق منه الدورة الثانية من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحالية.

ولا شك أن هذه اللحظة الدستورية الهامة التي نعيشها اليوم لها دلالة خاصة، إذ أن الولاية التشريعية الحالية لم تعد تفصلنا على انتهائها زمنيا إلا أقل من سنة ونصف، وهو ما يدعونا الى التعبئة المتواصلة والتجند الدائم بغية استثمار الفترة الزمنية المتبقية في كسب الرهانات التي تنتظرنا في هذه المرحلة الدقيقة من حياتنا البرلمانية، والتطلع الى ترسيخ مكانة مؤسستنا النيابية في المشهد السياسي الوطني، وتكريس عمقها الديمقراطي، وجعلها مؤسسة منخرطة بشكل قوي في تفعيل الاوراش الهيكلية الكبرى، و المساهمة في انجاح مختلف الاستحقاقات الوطنية المقبلة،فضلا عن جعل المؤسسة البرلمانية أداة طليعية للدفاع عن القضايا الوطنية الاستراتيجية ومصالحها العليا، وذلك في انسجام تام مع المشاريع الاصلاحية التي يقودها ويرعاها جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

حضرات السيدات والسادة

لقد واصلت مؤسستنا النيابية خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين أنشطتها البرلمانية، فعلى المستوى التشريعي قامت بعض اللجان النيابية الدائمة بدراسة عدد من مشاريع القوانين منها مجموعة من مشاريع القوانين التنظيمية المهمة.

وفي هذا الاطار، تم الانتهاء من دراسة مشروعي قانونين تنظيميين الاول يغير ويتمم مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور، والثاني يتعلق بمشروع القانون التنظيمي لقانون المالية وذلك ترتيبا لأثار المجلس الدستوري.

وفي نفس السياق، وبالنظر الى الاهمية التي يحظى بها مشروع القانون التنظيمي المحدث للمجلس الأعلى للسلطة القضائية باعتباره دعامة اساسية لإصلاح المنظومة القضائية، عرفت هذه الفترة الانتهاء من المناقشة التفصيلية لمواد مشروع هذا القانون التنظيمي.

وقد كانت لحظة مناقشة مشروع القانون التنظيمي للجهات لحظة قوية في المسار التاريخي لمؤسستنا البرلمانية ، وذلك لما يكتسيه من أهمية بالغة في استكمال الورش الدستوري، وباعتباره رافعة أساسية للحكامة الترابية، واستكمال البناء المؤسسي، وتوسيع المشاركة السياسية، وإعداد النخب القادرة على تدبير الشأن العام، فضلا عن كونه إطارا مهما تراهن عليه بلادنا لتحقيق التنمية الاقتصادية، و تقوية التماسك الاجتماعي، واستيعاب التنوع الثقافي واللغوي الغني ببلادنا.

والى جانب هذا، شهدت هذه الفترة أيضا دراسة عدد من مشاريع القوانين ذات الطبيعة القانونية والاقتصادية.

وبالموازاة مع النشاط التشريعي، عرفت هذه الفترة الفاصلة بين الدورات أيضا عدد من المبادرات الرقابية.

وفي هذا الاطار، وفي نطاق تتبع السيدات والسادة النواب لتدبير الشأن العام، وتقييم الانشطة الحكومية، والتفاعل مع المستجدات الوطنية والدولية،توصل المجلس ب397 سؤالا شفويا، و540 سؤالا كتابيا، في حين تمت الاجابة على 1324 سؤالا كتابيا.

كما تميزت هذه الفترة بقيام بعض اللجان بعدد من المهام الاستطلاعية المؤقتة،ودراسة العديد من المواضيع والقضايا ذات الصدارة على المستوى الوطني همت بعض المؤسسات العمومية والاستراتيجيات القطاعية.

وبالموازاة مع العمل التشريعي والرقابي، شهدت هذه الفترة الفاصلة من عمر هذه السنة التشريعية دينامية مهمة على المستوى الديبلوماسي، سواء على المستوى المتعدد الاطراف أو الثنائي.

وفي هذا الصدد،وعلى صعيد العلاقات المتعددة الاطراف، تميزت هذه الفترة بمواصلة المجلس لعمله الديبلوماسي الجاد من خلال المشاركة في عدد من المؤتمرات والملتقيات الدولية وفي طليعتها المشاركة في أشغال الدورة 132 للاتحاد البرلماني الدولي، وكذا المؤتمر البرلماني الافريقي المنظم من قبل المنظمة العالمية للتجارة،والمنتدى الاجتماعي العالمي، والجمعية البرلمانية لمجلس أوربا، والجمعية البرلمانية للفرنكفونية، وغيرها، الامر الذي مكن من تطوير علاقات الصداقة والتعاون مع شركائنا وأصدقائنا، وتعزيز مكانة المغرب داخل المحافل العالمية، والدفاع عن مصالحه الحيوية، وقضاياه الاستراتيجية، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية وإبراز المجهودات التي يبذلها المغرب في إطار منظمة الامم المتحدة من أجل الطي النهائي لهذا الملف الذي عمر طويلا.

كما سمحت لنا هذه الفضاءات البرلمانية الدولية من التعبير عن رؤية المملكة المغربية، ومواقفها الثابتة إزاء عدد من الملفات والقضايا المطروحة على مختلف الاصعدة الاقليمية والجهوية والدولية ولا سيما المتصلة بالجانب السياسي والأمني، والاقتصادي والتنمية البشرية والبيئة وغيرها من القضايا المصيرية.

والى جانب هذا، شهدت كذلك هذه الفترة الفاصلة بين الدورتين دينامية مهمة على مستوى العلاقات الثنائية حيث سجلنا حضور عدد من الشخصيات البرلمانية الوازنة، ومجموعة من الوفود البرلمانية التي تنتمي الى مختلف القارات، كما قام أعضاء عن مجلس النواب بزيارات الى عدد من برلمانات الدول الصديقة والشقيقة.

وقد عملنا على استثمار هذه اللقاءات البرلمانية لتجديد علاقاتنا الثنائية المبنية على الثقة والتعاون والاحترام المتبادل، وكذلك لتعزيز التشاور السياسي، وتنسيق المواقف،وتعميق الحوار بشأن عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك.

وارتباطا بجانب تنمية قدرات المؤسسة البرلمانية وتقويتها،والرفع من ادائها ونجاعتها وفعاليتها، قام المجلس بشراكة مع عدد من المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية ولاسيما البنك الدولي، ومؤسسة ويستمنستر للديمقراطية بتنظيم عدد من الاوراش والأيام الدراسية لفائدة السيدات والسادة النواب وموظفات موظفي المجلس.

حضرات السيدات والسادة

لقد شكل انفتاح المجلس على محيطه الخارجي أحد اولوياتنا الاساسية، وذلك اقتناعا منا أن البرلمان هو مرآة المجتمع، وفضاء يعكس هواجس المواطنين والمواطنات، ويترجم حاجياتهم وتطلعاتهم وانشغالاتهم المتواصلة.

وتجسيدا لهذه القناعة الراسخة، فقد اتخذ المجلس العديد من الخطوات الهادفة الى تحديث البرلمان، والرفع من قدراته المؤسساتية، وترسيخ تواصله مع المواطنين والمواطنات، وإرساء الشروط الموضوعية لتحقيق مشروع البرلمان الالكتروني.

لاشك، ان إطلاق البوابة الإلكترونية الموحدة للبرلمان في حلتها الجديدة بتنسيق وتعاون مع مجلس المستشارين قد شكل ورشا واعدا لتحسين انفتاح البرلمان على التكنولوجيات الحديثة للإعلام والتواصل، والية لتعزيز التواصل الايجابي مع المحيط الخارجي، وتقريب البرلمان من المواطنات والمواطنين، وضمان التفاعل معهم،وترسيخ حق الولوج الى المعلومة البرلمانية وتكريس شفافيتها، فضلا عن دورها كأداة لتثمين العمل البرلماني في مختلف المجالات التشريعية والرقابية والديبلوماسية.

حضرات السيدات والسادة

من المؤكد ان العمل البرلماني هو سيرورة دائمة ومتواصلة من الحضور والعطاء و الابداع وتحصين المكتسبات وإثراء التراكمات المحققة في جميع المجالات المرتبطة بمهام واختصاصات البرلمان التشريعية والرقابية والديبلوماسية.

ونحن نفتتح هذه الدورة يحذونا طموح كبير لاستثمار الزمن البرلماني المتبقى من عمر هذه الولاية في اغناء المنجز البرلماني، وبناء افق جديد قادر على ترسيخ الاصلاحات البنيوية،وكسب التحديات المطروحة علينا مستحضرين في ذلك خصوصية هذه الولاية التشريعية الحالية باعتبارها ولاية مؤسسة ورائدة.

لذلك، علينا حضرات السيدات والسادة،الانكباب بكل مسؤولية وروح وطنية عالية على تطوير عملنا البرلماني، من خلال تسريع أداء مؤسستنا التشريعية في المصادقة على القوانين المعروضة على المجلس وضمنها القوانين التنظيمية باعتبارها سندا حقيقيا لاستكمال الورش الدستوري، وتكريس النموذج التنموي المغربي وتوجهاته الاصلاحية.

كما يتعين الاهتمام بمقترحات القوانين وإعطاءها المكانة التي تستحقها باعتبارها أحد الروافد الاساسية للتشريع، واحدى الاليات المهمة التي يمارس من خلالها السيدات والسادة النواب وظيفتهم التشريعية ومسؤولياتهم السياسية.

وفي هذا السياق، أود التأكيد على حرصنا الكبير على التوفيق بين معادلة مضاعفة الانتاج القانوني لمؤسستنا النيابية من جهة، و التركيز على جودة المنتوج التشريعي والرفع من قيمته النوعية، وذلك تجاوبا مع الخطاب الملكي السامي لجلالة الملك محمد السادس نصره الله في افتتاح دورة أكتوبر لسنة 2013 حيث أكد جلالته أن “ما يهمنا، ليس فقط عدد القوانين، التي تتم المصادقة عليها، بل الأهم من ذلك هو الجودة التشريعية لهذه القوانين.”

وبالموازاة مع ذلك، واستنادا لروح الدستور، وأحكامه السامية وخصوصا ما يتعلق بالتوازن بين السلط، وكذا ربط المسؤولية بالمحاسبة فإننا نتطلع بثبات وعزيمة الى مواصلة المجلس لدوره الرقابي من خلال استثمار مختلف الاليات الدستورية في إضفاء رقابة حقيقية على تدبير الشأن العام، ورعاية مصالح المواطنات والمواطنين، وترجمة مختلف الانشغالات الوطنية والمجتمعية.

وضمن هذا الأفق، سنتطلع الى مواصلة التعاون والتنسيق والتشاور مع مختلف المؤسسات الدستورية والوطنية وفقا لمقتضيات الدستور ونظامنا الداخلي.

أما في المجال الدبلوماسي، واستحضارا للتحولات العالمية المتسارعة والعميقة على مختلف المستويات، وكذلك الاضطرابات الخطيرة التي يعرفها محيطنا الجهوي والإقليمي، فإننا حريصون على إضفاء مزيد من الحركية والدينامية على ديبلوماسيتنا البرلمانية من خلال الالتزام بالحضور القوي والمنتظم،والمساهمة الجادة، واليقظة الدائمة، والفعل الاستباقي، والانخراط الكلي في الدفاع عن المصالح العليا للوطن وقضاياه العادلة وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية، وكافة القضايا المشروعة لامتنا العربية والإسلامية ولا سيما الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

كما نتطلع خلال هذه الدورة كذلك الى مواصلة تطوير اليات المجلس، والرفع من قدراته ووسائل عمله المادية والبشرية،وخصوصا مواصلة انجاز الورش الكبير للبرلمان الالكتروني، واتخاذ عدد من الاجراءات والتدابير الداعمة خاصة على مستوى تعزيز امن المنظومة المعلوماتية، وتحديث الشبكة المعلوماتية، والتدبير الالكتروني للأرشيف.

حضرات السيدات والسادة

لا شك اننا ادركنا ان مهاما جسيمة، ومسؤوليات كبرى تنتظرنا خلال هذه الدورة، لذلك اهيب بجميع السيدات والسادة النواب المحترمين إلى التعبئة من أجل إعطاء العمل البرلماني مفهوما يتماشى مع خصوصية المرحلة ويفي بمتطلباتها، ويكرس النموذج الديمقراطي والتنموي الرائد الذي يقوده بكل حكمة وتبصر وبعد نظر جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

وفقنا الله جميعا لما فيه خير لوطننا وأمتنا

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته