القاسم الإنتخابي  الجديد يعزز العزوف 


خيوط التماس :
إذا كان القاسم الإنتخابي  في نسخته الجديدة التي صوت عليها البرلمان  آلية  للإحتساب الإنتخابي ، فإننا أمام تناقض صريح لكون الإعتماد على احتساب عدد المسجلين في اللوائح  عملية إنتخابية غير تامة , لكون المسجل لن يصبح ناخبا  ولكون الناخب مرتبط بعملية التصويت وليس التسجيل باللوائح التي هي شرط للمرور إلى صندوق الإقتراع .
فالقاسم الإنتخابي سواء المعتمد على عدد المسجلين في اللوائح أو المعتمد على الأصوات الصحيحة ليس هو سبب العزوف الذي  عشناه ونعيشه اليوم لكون العزوف مرتبط بالأحزاب المغربية من خلال أنشطتها الداخلية ومسؤوليتها الدستورية من تأطير وتكوين و, ومرتبط ببرامجها الإنتخابية ووعودها للمواطن وما حققته من تدبير يخدم الشعب ويبقى العزوف غير مرتبط بأي آلية إنتخابية .
فالمواطن يحن لأحزاب مع الشعب , تقوي عزيمته وتنهض بكرامته لترقى لمصاف الشعوب المتقدم تنمويا وحقوقيا , فالمواطن له الرغبة في المشاركة السياسية , له الرغبة في أن يكون فاعلا سياسيا من داخل الأحزاب وهياكلها ، لكن عندما  يشعر المواطن بأن الرابح  داخل هذه الأحزاب مكاتبها السياسية  ( الأمين العام وباقي أعضاء المكتب السياسي ) والخاسر باقي الأجهزة  رغم تجييشها وطلائها بإسم النضال فتبقى عاقرة مادية ومعنوية ، فقد اكتشف العديد من المنخرطين أنهم مجرد ” كومبارس ”  لأنشطة موسمية باسم الشبيبة والمرأة وتسخيرهم في الصفوف الأمامية لحمل الشعارات ودعم بعض الحركات الإحتجاجية  خدمة لتبييض المجال الحقوقي والديمقراطي أمام الرأي العام الدولي , وقد عاش المواطن المغربي هذه الأدوار بمرارتها إلى أن استشاط غضبه  فمنهم من جمد عضويته ومنهم من إنسحب نهائيا خاصة المثقف والأديب والشاعر ومنهم قدم استقالته واجتمع الجميع في خانة  العزوف السياسي .
لم يعد أحد ينكر أن الأحزاب المغربية هي التي أنسجت العزوف بآذانها الصماء الرافضة للحوار والتشاور مع قرارات المجلس الوطني أو برلمان الحزب أو من خلال أي تسمية منسوبة لهياكلها , ومصيبة الفشل تكمن في أن القرارات تلزم الأمين العام وأعضاء المكتب السياسي المبشرين بنعيم كراسي المسؤوليات والحقائب الوزارية ورئاسة اللجن والتحكم والإستقواء ،  أما البرامج والوعود التي قدمت للمواطنين سواء على مستوى المحلي أو الوطني أو الجهوي فالمكاتب السياسية غير معنية بعد الإنتخابات إلى الإنتخابات القادمة الأخرى  .
فكيف يمكن للمواطن ألا يعزف عن السياسة أو يتخلص منها نهائيا دون العود للإنخراط  وحمل بطاقة المناضل ؟
مع الأسف الشديد التجارب أبانت أن الأحزاب لم تعد تلك الأحزاب التي شيدت النضال الحقيقي تحت زعامات حقيقية , كانت لها  كرزماتها وكان لها احترامها وتقديرها وهبتها ورزانتها في التحدث وإلقاء الخطب حيث التأطير الفعلي والتكوين لجيل المناضلين وتقديم نخب على الأقل قدمت أفضل بكثير من أحزاب اليوم .
فسامح الله بعض أساتذة القانون من تصريحات إعلامية لا ترقى لتدريس طلبة الجامعة في محاولة لإقناع المواطنين بأن القاسم الجديد المعتمد على اللوائح الإنتخابية  سيدفع المغاربة إلى الزحف نحو صناديق الإقتراع , فأي مقاربة هذه والأمة تعيش مفارقة مع الإحتساب الجديد , بل لكون تصويت البرلمان عليه ، فالثقة أصبحت واقعا ينذر بعدم التصويت ولكون التصويت لم تعد له أهمية فكان الأجدر أن يكون للناخب حق دستوري وهو التعبير عن إرادته واختياره لمن يمثله وتبقى الإنتخابات مرتبطة  بالناخبين  وليس المواطنين ، أما احتساب عدد المسجلين فهو نمط خارج الدستور المغربي وكل دساتير العالم وإن إحتسبها البعض على أن الأمر إجتهاد مغربي مغربي فهذا كلام مرفوض وميئوس ممن أبدعه كرجس من عمل الشيطان الرجيم .
فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل