شؤون أسرية 9
بقلم : ذ. رشيد المنجري
نشأ كارلوس بنفس الحي الذي تسكن به كارينا مما كان سببا في خلق علاقة حب قوية بينهما بكل تقلباتها الجوية و العاطفية منذ صغرهما مرورا بمراهقتهما و انتهاء بشبابهما فكان يقتربان و يفترقان و يعودان إلى بعضهما بشكل أكثر حبا و رومانسية من الأول.
كان يعرفان بعضهما البعض جيدا و يخبران مكنونات بعضهما و كيف يفكر كل منهما و ما هي طموحاتهما معا و كيف يخططان لتحقيق أحلامهما بل و جمعتهما هوايات مشتركة تحولت في فترة ما إلى عمل احترافي يسترزقان منه حيث انخرطا في مجموعة موسيقية إلى جانب أصدقاء آخرين وكان كارلوس من يدير شؤونها و يكتب كلمات أغانيها باعتباره أديبا و قاصا و روائيا موهوبا في حين انفردت كارينا بالغناء.
و استمر حالهما يلتقيان و ينفصلان و يبتعدان ثم يعودان كأنهما زوجين يعيشان الحب بكل تجلياته، إلا أن أن رومانسية كارلوس الزائدة جرته أحيانا إلى فتح قلبه و ذراعيه إلى janet بنت أحد أثرياء القرية التي يضطر كارلوس للذهاب إليها بصفة دورية لتسيير بعض الأعمال التجارية و الفلاحية لوالده،مما جعله يعيش ازدواجية عاطفية في مرحلة مهمة من حياته اضطرت معها كارينا الابتعاد عنه إلى حين تحديد موقفه من حبه لها…
لكن ظروفا عائلية مر بها كل واحد من الحبيبين جعلتهما يرضخان لواقعية الأحداث فسافرت كارينا و تزوجت أحد الشبان المحبين للمغامرات و السفر و عاشت معه على درب الرحلة و التجوال، في حين اضطر كارلوس بعد الأحداث الأليمة التي تصارع فيها أعضاء أسرته مع والد حبيته الجديدة جانيت إلى الابتعاد رفقة الأخيرة و السفر إلى بلجيكا بحثا عن السكينة و الانخراط في حياة جديدة عنوانها بناء اسرة و الاشتغال بشكل نظامي بدلا من التجوال في عدة أعمال غير قارة و غير مدرة للدخل.
و بينما كان يعيش حياته هادئا مع زوجته Janet
ظهرت كارينا حبيبته السابقة فجأة و صدفة في حياته و هي تحمل طفلة رضيعة من زوجها و تعاني من تدهور علاقتها معه لغياب الحب الذي كان عنوان علاقتها مع كارلوس…
جمعت كارلوس لحظات صغيرة مع حبه القديم كانت كافية ليحن قلبه عليها خاصة بعدما علم أنها بدون مأوى قار و بلا عمل و أنها افترقت مع زوجها في آخر رحلة لهما ببلجيكا ،فدعاها للنزول مؤقتا بمنزله مع زوجته بعدما صعب عليه وضع الطفلة حديثة الولادة و هو الشيء الذي رحبت به أيضا زوجته والتي كانت تعرف جيدا كارينا و رق قلبها أيضا لوضعها و لطفلتها الصغيرة.
مكثت كارينا مع الزوجين لمدة قصيرة كانت كافية ليقع كارلوس في حبها من جديد و يخون زوجته معها مما أدى إلى طلاقهما.
و تشتتت علاقة الثلاثة معا
رجع كارلوس إلى بلده و اندمج في الاشتغال لفائدة والده مع ممارستة هوايته المفضلة و هي الكتابة كما عادت كارينا إلى بيت والدتها و شاءت الظروف أن يلتقيا من جديد ليعود حبهما إلى الواجهة و بشكل أقوى من أي وقت مضى و يقرران العيش مع بعضهما لبعض إلى حين ترسيم الزواج.
مرت الأيام و التقى كارلوس بمناسبة عمله كموزع للطرود بزوجته السابقة Janet التي سعدت برؤيته و طفت على عينها علامات العشق و الشوق و دعاها إلى حضور حفل توقيع آخر أعماله الروائية، و بينما كانت تقف أمامه ليوقع لها القصة حضرت حبيبته وكان المنظر ثلاثيا مؤثرا و معبرا و عاد بالثلاثة إلى جو الخيانة ببلجيكا.
– كيف حالك كارينا؟
– بخير، و أنت؟
– بخير لكنني لم أنس أنك نمت مع زوجي في بيتي ذات ليلة و على فراشي و خنت ثقتي بك
صمتت كارينا للحظة و أحست أن الأرض سوف تخسف بها
فانسحبت janet و تدخل كارلوس لتهدئة كارينا التي صرحت له بأنها السبب في تحطيم علاقته بزوجته السابقة
لكن كارلوس ضمها إليه و أسر إليها بأنه يحبها هي و يعشقها هي و لا يفكر في فتاة غيرها و يريدها هي فقط و يتهيأ للزواج بها
– لكنني خنت زَوجتك في بيتها و لن أسمح لنفسي.
– بل أنت فقط من دافعت عن حبي لها ،حب سكن في حضنك الذي هو بيتي منذ الصغر …
من هو الخائن في الحكاية و كيف يمكن للحب أن يتجول بين الأشخاص و كيف يمكن لقلب واحد أن يحب شخصين ،بل و كيف يمكن أن يذهب الحب حتى يكاد أن ينسى ليعود إلى موطنه الأصلي و بشكل أكثر توهجا.
و إلى شؤون أسرية جديدة بإذن الله سبحانه و تعالى